35.7 C
Khartoum

تفاصيل تعرض لاجئون سودانيون لهجوم داخل معسكرهم بأوغندا

Published:

كامبالا – شهد معسكر كرياندونغو للاجئين في شمال أوغندا موجة عنف جديدة، حيث تعرض اللاجئون السودانيون لهجوم عنيف مساء الخميس، نفذه عشرات من الشباب المنتمين إلى مجتمع اللاجئين من جنوب السودان، ما أسفر عن إصابة أكثر من 20 شخصًا بينهم نساء وأطفال، نُقل أربعة منهم في حالة حرجة إلى مستشفيي قولو وكرياندونغو لتلقي العلاج.

وبحسب شهادات ميدانية نقلها راديو دبنقا، فإن الهجوم استهدف المنطقة السكنية G داخل المعسكر، حيث استخدم المعتدون أسلحة بيضاء مثل السكاكين والسواطير والعصي، في عملية وصفت بأنها “منظمة ومدبرة”، إذ تم تنفيذها من ثلاثة محاور: الجنوب والغرب والشرق، ما أدى إلى حالة من الذعر والهلع بين السكان السودانيين الذين كانوا يعتقدون أنهم تركوا خلفهم مشاهد الحرب والدمار التي تعصف بوطنهم منذ أبريل 2023.

وأكد حسن أبوه، أحد قادة اللاجئين السودانيين في المعسكر، أن الهجوم الأخير ليس الأول من نوعه، بل يأتي ضمن سلسلة اعتداءات متكررة منذ أكثر من شهرين، استهدفت مناطق سكنية متعددة مثل C وA وB وL وG، مشيرًا إلى أن المعتدين ينتمون في غالبيتهم إلى مجتمع النوير من جنوب السودان، وأن الشباب السودانيين تمكنوا من التصدي لهم في عدة مناسبات، وقاموا بتسليم عدد منهم إلى الشرطة الأوغندية داخل المعسكر.

وفي أعقاب الهجوم، أطلق اللاجئون السودانيون نداءات استغاثة عبر تطبيق واتساب، طالبوا فيها بتدخل عاجل لحماية النساء والأطفال وكبار السن، وسط مخاوف من تكرار الاعتداءات. وأوضح أبوه أن ذوي المعتقلين من المهاجمين طلبوا الإفراج عنهم مؤقتًا للاحتفال بعيد الأضحى، وتعهدوا بحل الأزمة بعد العيد، وهو ما دفع المكتب القيادي للاجئين السودانيين إلى تشكيل لجنة للصلح، بدأت في حصر الخسائر وتوثيق الاعتداءات تمهيدًا لتقديم تقرير شامل إلى الشرطة الأوغندية، ومكتب رئيس الوزراء، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

لكن قبل انتهاء أعمال اللجنة، وردت معلومات جديدة تفيد بعزم مجموعات أخرى مهاجمة مناطق سكنية إضافية، ما دفع الشباب السودانيين إلى اتخاذ إجراءات احترازية، دون أن تقع مواجهات جديدة حتى اللحظة.

وتأتي هذه التطورات في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية داخل المعسكر، الذي يضم عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب، وسط غياب واضح للتدخل الدولي، وتراجع خدمات الحماية والرعاية الصحية، ما دفع مراقبين إلى المطالبة بإعلان حالة طوارئ داخل المعسكر، وفتح تحقيق مستقل في الانتهاكات المتكررة التي تهدد أمن وسلامة اللاجئين.

وحذر حسن أبوح من أن جميع الهجمات التي تعرض لها اللاجئون السودانيون أسفرت عن إصابات متفاوتة، لكن الهجوم الذي وقع ليلة أمس كان الأكثر عنفاً وأسفر عن العديد من الإصابات. وأوضح أن شباب قبيلة النوير الذين اعتدوا على السودانيين قبل عيد الأضحى وتم القبض عليهم لم يكونوا من سكان المجموعة السكنية التي هاجموها، بل جاءوا من مجموعات سكنية مختلفة في المعسكر، مما يعكس أن هناك تخطيطاً لهذه الهجمات.

أصدر المكتب القيادي لجماعة اللاجئين السودانيين في معسكر كرياندونغو بيانًا تناول فيه تفاصيل الهجوم الذي تعرض له اللاجئون السودانيون الليلة الماضية، مشيرًا إلى أن المجموعة المعتدية تتكون من أكثر من 100 شخص يحملون السواطير والعصي والأدوات الحادة. وذكر البيان أن الهجوم وقع في (كلستر L شرق) حيث اقتحم المهاجمون المنازل واعتدوا على اللاجئين السودانيين بالضرب والطعن، مما أدى إلى إصابات متفاوتة بين اللاجئين، بما في ذلك بعض الحالات الحرجة. تم نقل عدد من المصابين إلى مستشفى بنادولي في المعسكر، من بينهم 4 حالات حرجة، تم إرسال اثنتين منهما إلى مستشفى مدينة قولو واثنتين إلى مستشفى كرينادنغو. وأوضح البيان أن مستشفى بنادولي في المعسكر يفتقر لأبسط متطلبات العلاج والأدوية والكوادر الطبية المتخصصة.

انتقد المكتب القيادي للاجئين السودانيين موقف الجهات الرسمية في المخيم تجاه الحوادث التي تتعرض لها اللاجئين السودانيين من اعتداءات.

قال في بيانه إنه ناشدها بالتدخل لحماية اللاجئين وإنقاذ المصابين، لكن الشرطة واللجنة الأمنية تدخلتا دون أن تتمكنا من القبض على أي من الجناة، واكتفتا بنقل بعض المصابين بسيارة الشرطة إلى مستشفى بندولي في المعسكر، في حين غابت سيارات الإسعاف تمامًا، مما اضطر السودانيين لنقل باقي المصابين بجهودهم الخاصة إلى المستشفى.

أثارت هذه الحوادث والاعتداءات المتكررة تساؤلات بين اللاجئين السودانيين، خاصةً أنها لم تكن بدوافع السرقة بل كانت اعتداءات انتقامية. حيث يتساءل المكتب القيادي عن أسباب هذه الاعتداءات التي تستهدف المجتمع السوداني في المعسكر، إضافةً إلى تزايدها دون أن تكون هناك محاسبة قانونية من الجهات الرسمية. كما يتساءلون عن سبب صمت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على هذه الاعتداءات المتكررة.

أظهرت الحادثة أيضاً قيم الشجاعة والتضامن لدى الشعب السوداني، حيث توافد الشباب من مختلف الأحياء في المعسكر لمساعدة إخوانهم في (كلستر L شرق)، مما ساهم في إنقاذ الكثيرين. وأعرب المكتب القيادي لمجتمع اللاجئين السودانيين عن شكره لتضافر جهود الشعب السوداني، خاصة الشباب، الذين وقفوا بصلابة ليلة أمس واتبعوا توجيهات الشرطة واللجنة الأمنية بعدم التهور والسعي لتحقيق حقوقهم بأنفسهم. كما تبادلت مجموعات اللاجئين في أوغندا عبر تطبيق واتساب تسجيلات صوتية من اللاجئين لطلب النجدة والتحرك نحو المستشفى، خاصة أولئك الذين لديهم معرفة بالإسعافات الأولية لمساعدة المصابين. وقد لاقت تلك النداءات استجابة كبيرة، مما أسهم في صد الهجوم وتدفق عدد كبير إلى المستشفى للتبرع بالدم والمشاركة في إسعاف المصابين.

خلال الأيام القليلة الماضية، تابعت جهات قانونية الوضع الأمني للاجئين السودانيين في معسكر كرياندونغو. وقد أطلق الخبير القانوني في حقوق الإنسان، أرباب أبوكيف، نداءً قبل ساعات من وقوع الحادث، طالب فيه السلطات الأوغندية والمنظمات الدولية بإعلان حالة الطوارئ القصوى في المعسكر. وأكد أبوكيف أنه أطلق نداءه نيابة عن اللاجئين السودانيين المقيمين في المعسكر بعد التحقق الميداني من تدهور الأوضاع الأمنية، وهو ما يشكل تهديداً حقيقياً ومباشراً لحياة اللاجئين وعائلاتهم. كما أشار إلى أن هذا الوضع يتعارض مع الالتزامات الدولية التي تفرض على الدول والمنظمات حماية اللاجئين وضمان سلامتهم، ويعد انتهاكاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. ونبه إلى أن استمرار التدهور الأمني دون أي استجابة فعالة يعتبر إخلالاً بمبدأ الحماية القانونية للاجئين كما هو منصوص عليه في اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، ويشكل خرقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة الحق في الحياة والأمن الشخصي.

وطالب أبـوكيف بإعلان حالة الطوارئ القصوى في معسكر كيرياندونغو لحماية اللاجئين السودانيين على الفور، بالإضافة إلى ضرورة تدخل الجهات الأمنية المعنية في الدولة المضيفة لضمان أمن وسلامة اللاجئين. كما دعا إلى فتح تحقيق عاجل ومستقل بشأن التهديدات والانتهاكات الأمنية التي تم الإبلاغ عنها، وتوفير ضمانات حماية مستدامة وفقاً للمعايير الدولية، بما في ذلك دعم الحماية المجتمعية وتوفير موارد للاستجابة الفورية. كما طالب بتمكين اللاجئين من الوصول إلى قنوات الشكاوى القانونية والقضائية، وضمان عدم تعرضهم لأي انتقام عند تقديمهم لهذه الشكاوى.

حمل أوكيف، في بيانه الذي صدر قبل ساعات من وقوع الحادث، الجهات المعنية المسؤولية القانونية والأخلاقية في حال حدوث أي تصعيد أو أذى للاجئين داخل المخيم. كما طالب المنظمات الدولية بعدم الاكتفاء بالمراقبة، بل بضرورة التدخل المباشر والاستجابة الميدانية لهذا الوضع الذي وصف بالحرج.

تعيش في مخيم كرياندونغو في محافظة بيالي شمال جمهورية يوغندا مجموعة من اللاجئين ينحدرون من ست دول هي السودان، جنوب السودان، الكونغو، رواندا، كينيا وبوروندي. ويُقدّر عدد اللاجئين السودانيين في المخيم بحوالي 60 ألف لاجئ، بينما يتجاوز عدد اللاجئين من جنوب السودان 80 ألف لاجئ. ويمثل اللاجئون من جنوب السودان النسبة الأكبر، حيث تصل نسبتهم إلى ما بين 60 و70% من إجمالي عدد اللاجئين في المخيم.

 

المصدر: راديو دبنقا


اكتشاف المزيد من اليراع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة