الجيش على بعد أمتار من القصر الرئاسي تزامناً مع استعادة مدينة أم روابة شمال كردفان

الخرطوم- «القدس العربي»: أعلن الجيش السوداني، أمس الخميس، السيطرة على مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان، في وقت تقترب قواته من مباني القصر الرئاسي وسط العاصمة الخرطوم. ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بكري الجاك أن الموقف الرسمي لـ«تقدم» فك الارتباط عن مكونات التحالف التي شرعت في تشكيل حكومة موازية.
وتربط مدينة أم روابة التي تبعد حوالي 301 كيلومتر عن العاصمة السودانية الخرطوم، مجموعة من المدن الرئيسية عبر طرق حديدية وبرية تربط ولايات غرب السودان وجنوب كردفان بالعاصمة الخرطوم وسط السودان وميناء بورتسودان الواقع شرق البلاد. وتمهد استعادة المدينة الاستراتيجية الطريق لفك الحصار عن مدينتي الأبيض والرهد، فضلاً عن قطع طريق إمداد الدعم السريع القادم من غرب السودان.
وفي العاصمة الخرطوم، استعاد الجيش سوق دردوق وحي العزبة، بينما تمددت قواته في أحياء منطقة أمبدة بمدينة أمدرمان الواقعة غرب العاصمة. وبعد سيطرة الجيش على الناحية الشمالية من جسر المك نمر ومن الناحية الأخرى فك الحصار عن مباني القيادة العامة للجيش واستعادة المقرات الوزارية والمؤسسات وسط الخرطوم، أصبح على بعد أمتار من القصر الرئاسي الذي ظلت تسيطر عليه قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/ نيسان من العام قبل الماضي.
ومنذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، استعاد الجيش السوداني عدداً من المدن والمواقع الاستراتيجية التي كانت تحت سيطرة الدعم السريع المحكمة، أبرزها مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي اجتاحتها الدعم السريع في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2023 ومدينة بحري شمال العاصمة الخرطوم التي مثلت أبرز مراكز انتشار الدعم السريع منذ بداية الحرب. كما استطاع الجيش فك الحصار عن سلاح الإشارة ومقر قيادته العامة وسط العاصمة الخرطوم.
أما تصريحات تقدم، فتأتي في وقت تمضي مجموعة من مكونات التنسيقية في خطوات تشكيل حكومة موازية للحكومة في العاصمة الإدارية بورتسودان التي يتزعمها قادة الجيش السوداني.
ولفت الجاك إلى أن اجتماع الهيئة القيادية لـ«تقدم»، الذي اختُتمت أعماله في مدينة عنتيبي الأوغندية في 6 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، ناقش مقترح تشكيل حكومة الذي قدمته مجموعة داخل الهيئة القيادية، ولم يحدث توافق حول المقترح داخلها.
وبناء على ذلك قرر الاجتماع إحالة قضية منازعة الشرعية وقضايا أخرى إلى الآلية السياسية، التي عقدت عدة اجتماعات وأصدرت توصيات أُحيلت إلى الأمانة العامة والهيئة القيادية للتنسيقية.
وتوافقت الآلية السياسية في آخر اجتماع لها على فك الارتباط بين الكيانات والأفراد الذين يصرون على المضي في تشكيل الحكومة، وبين الكيانات والأفراد المتمسكين بعدم تشكيل أي حكومة بصورة منفردة أو مع أي من أطراف القتال.
وحسب الجاك، تشكلت لجنة للتوصل إلى صيغة فك الارتباط بما يعظم المتفق عليه بين الطرفين، ليعمل كل منهما بصورة مستقلة سياسياً وتنظيمياً عن الآخر، مع كامل التقدير للخيارات المختلفة التي بنيت على حيثيات مفهومة لكل طرف. وقطع بأن واقع الحال يقول بأن هذه الخيارات لا يمكن أن تتعايش داخل تحالف واحد رافض للحرب وغير منحاز لأي من أطرافها، مشيراً إلى استشعار التنسيقية لأثر الحرب البالغ في دفع الجميع نحو الاستقطاب والانقسام.
وقال إن «تنسيقية القوى الديمقراطية المدينة (تقدم) ستظل غير منحازة لأي طرف من أطراف الحرب، ولا تعترف بشرعية السلطة في بورتسودان أو أي سلطة أخرى». وجدد رفضهم للحرب والعنف كوسيلة لإدارة الصراع السياسي في البلاد، مشيراً إلى مواصلتهم العمل على بناء جبهة مدنية رافضة للحرب ومؤمنة بوحدة البلاد.
وأضاف: «سنعمل على المساهمة في إيقاف الحرب عبر العمل الجماهيري والدبلوماسي، بالإضافة إلى العمل على إنهاء الحرب عبر حوار شامل لكل القوى الفاعلة، يُؤسس على مشروع متكامل للعدالة والعدالة الانتقالية، ورؤية شاملة للتعافي الاجتماعي من أجل رتق النسيج الاجتماعي ومجابهة مخلفات الحرب الاجتماعية والسياسية من انقسام واستقطاب».
وشهد اجتماع التنسيقية الأخير في» عنتيبي» تبايناً في مواقف معظم الأحزاب السياسية من جهة والحركات المسلحة وبعض الأفراد في التنسيقية من جهة أخرى بخصوص تشكيل حكومة موازية لحكومة « بورتسودان»، حيث دعا البعض إلى تشكيل حكومة منفى وآخرين إلى تكوين حكومة تسيير أعمال في مناطق سيطرة الدعم السريع، الأمر الذي رفضه قادة الأحزاب مشددين على أن الخطوة قد تقود إلى تداعيات خطيرة أبرزها تقسيم البلاد. وأكد رئيس الجبهة الثورية، زعيم حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي «الهادي إدريس»، تمسكهم بتشكيل حكومة مدنية في السودان، بهدف انتزاع الشرعية من حكومة «بورتسودان».
وقال إدريس الذي يشغل منصب نائب رئيس «تقدم» إن الغرض من تشكيل الحكومة هو قطع الطريق أمام خطط «أنصار النظام السابق» الرامية لتقسيم البلاد، وإجبار الجيش على القبول بمفاوضات لوقف الحرب.
وأشار إلى أن نقاشات جارية مع قوى سياسية خارج التنسيقية بهدف تشكيل حكومة موازية للسلطة الحالية التي يترأسها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان.
وتلاحق قادة الحركات المسلحة، والأحزاب الداعية إلى تشكيل حكومة موازية، اتهامات بموالاة قوات الدعم السريع، والسعي إلى تشكيل حكومة تقول إنها «مدنية» تهدف إلى نزع الشرعية عن الحكومة في بورتسودان.
ويقود تلك التحركات العضوان السابقان في المجلس السيادي السوداني الهادي إدريس والطاهر حجر اللذان يتزعمان حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي وتجمع قوى تحرير السودان بالإضافة إلى سليمان صندل الذي يقود مجموعة منشقة من حركة العدل والمساواة التي تقاتل إلى جانب الجيش ضمن تحالف القوة المشتركة للحركات المسلحة ضمن قادة سياسيين آخرين.
وتشكلت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية « تقدم» في أكتوبر/ تشرين الأول من العام قبل الماضي في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، برئاسة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك. وأعلنت رفض الحرب ودعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى التفاوض من أجل الاتفاق على صيغة لحماية المدنيين ووقف إطلاق النار وصولاً إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب

Share this post