الخرطوم – «القدس العربي» : أعلنت غرفة طوارئ محلية شرق النيل أمس الأحد، توقف 150 مطبخا تكافليا يقدم الوجبات الغذائية للعالقين وسط المعارك في العاصمة الخرطوم، محذرة من تداعيات المجاعة وتفشي سوء التغذية وسط الأطفال وكبار السن.
وقالت إن المدنيين في المنطقة الواقعة شرق العاصمة الخرطوم، يواجهون أزمة إنسانية خطيرة نتيجة توقف عدد كبير من المطابخ التكافلية المشتركة، التي كانت تقدم الطعام لآلاف المحتاجين.
وبينت أن تلك المطابخ تمثل شريان الحياة لآلاف الأسر التي تعتمد عليها في توفير وجباتها اليومية، مشيرة إلى أن محلية شرق النيل تواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث توقفت تلك المطابخ عن العمل تماما بسبب قلة الدعم.
وأشارت إلى أن الأسر العالقة هناك تعتمد على تلك المطابخ في توفير وجبتها اليومية في ظل ظروف اقتصادية قاسية تفاقمت بسبب استمرار الحرب وفقدان مصادر الرزق.
وحذرت من أن الكثير من المواطنين مهددون بمجاعة حقيقية، فضلا عن انتشار الأمراض وحالات سوء التغذية بين الأطفال وكبار السن، مضيفة: “أصبح الوضع كارثيا، ونحن في غرفة طوارئ شرق النيل تحتم علينا مسؤوليتنا الإنسانية والأخلاقية التدخل العاجل لإنقاذ هذه الأسر قبل فوات الأوان”.
وأطلقت الغرفة، نداء عاجلا ناشدت من خلاله المنظمات المحلية والدولية، وكل الجهات العاملة في المجال الإنساني تقديم العون اللازم لإعادة تشغيل هذه المطابخ.
وأضافت: إن “هذه المطابخ ليست مجرد مواقع لتوزيع الطعام، بل هي الأمل الوحيد وشريان حياة لآلاف المواطنين الذين فقدوا كل سبل العيش”.
ويقدر عدد الأسر المهددة بالجوع في العاصمة الخرطوم بـ (240) ألف، حسب تقديرات أولية لغرف الطوارئ، مشيرة إلى الأوضاع هناك تستدعي استجابة عاجلة من كافة الجهات المعنية.
واستطاعت المبادرات المجتمعية التي ظلت تطلقها غرف الطوارئ ولجان المقاومة في كل مرة تغطية جزء من العجز، إلا أن الدعم في ظل تفاقم تداعيات الأزمة لم يكن كافيا لتغطية الاحتياجات الفعلية.
يشار إلى أن المطابخ الجماعية انتشرت في أعقاب اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان 2023، حيث كان يتشارك المدنيون العالقون في مناطق الصراع ما تبقى من طعام داخل منازلهم.
وتطورت لاحقا بعد تفاقم أزمة نقص الطعام والمياه حيث نشطت غرف الطوارئ ولجان المقاومة في حشد الجهد الأهلي وجمع الدعم المالي والعيني لتغطية حاجة المطابخ الجماعية.
واستمر الأمر لأشهر، على ذلك الحال، تتوقف المطابخ تارة وتعود تارة أخرى، إلى أن المطابخ في عدد من محليات العاصمة الخرطوم وولايات أخرى توقفت عن العمل بشكل كامل أو جزئي بسبب النقص الحاد في الدعم الذي حال دون استمرارها.
وأكد برنامج الأغذية العالمي في فبراير/ شباط الماضي تلقيه تقارير حول تعرض السودانيين للموت بسبب الجوع.
وتوقعت شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة لعام 2024 أن يحتل السودان ثالث أعلى نسبة من السكان المحتاجين في العالم بين البلدان التي تراقبها.
وحذرت من تدهور أوضاع الأسر في السودان على نحو كارثي في ظل اتساع الأعمال العدائية وازدياد حركة النزوح وتدمير البنية التحتية في البلاد.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان من العام الماضي يواجه السودانيون تداعيات الحرب المتصاعدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وسط تحذيرات من تحولها إلى حرب أهلية شاملة.
وبينما يتسع نطاق العمليات العسكرية داخل المدن والأحياء السكنية يواجه المدنيون العالقون في مناطق القتال نقصا حادا في الغذاء والدواء، في حين تتواصل الدعوات لفتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن ثلثي السودانيين في حاجة للمساعدة العاجلة بسبب النقص الحاد في الغذاء.
وفي فبراير / شباط الماضي أطلقت الأمم المتحدة نداء إنسانيا لتوفير 4.1 مليار دولار، لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحا للسكان المدنيين في السودان الذي تعصف به الحرب منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، إلا أن حجم الاستجابة الانسانية للأوضاع في السودان لم يتجاوز 4% .
إلى ذلك، أعلنت الحكومة البريطانية تقديم مساعدة إنسانية جديدة بقيمة 113 مليون جنيه استرليني (نحو 136 مليون يورو) لشعب السودان. وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان إن هذه المساهمة “التي تمثل مضاعفة للمساعدة الموعودة للسودان والمنطقة هذا العام ستوفر المساعدة لأكثر من 600 ألف شخص في السودان و700 ألف شخص فروا من الصراع وهم موجودون في دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان”.
وأضافت أن وزير الخارجية ديفيد لامي الذي سيتوجه إلى مجلس الأمن الدولي الاثنين “سيطلب من القوات المسلحة السودانية إبقاء معبر أدري الحدودي بين تشاد ودارفور مفتوحا إلى أجل غير مسمى”، وسيدعو إلى رفع “القيود التي حدت من حجم المساعدات التي تمر عبر هذا المعبر”.
وقال لامي في البيان “لا يمكننا إيصال مساعدات من دون وجود حرية وصول”، مشددا على أنه “يجب عدم استخدام المجاعة كسلاح حرب”.
وأضاف أنه سيستغل الرئاسة البريطانية للمجلس “من أجل الدفع باتجاه إصدار قرار يضمن حماية المدنيين وحرية مرور المساعدات”.