التكية السودانية: نموذج لمبادئ توطين المساعدات الإنسانية

 

حاتم المدني
@HatimElmadani

تستمد “التكية” السودانية (جمعها: تكايا) اسمها من المؤسسات الضيافية التي أسسها شيوخ الطرق الصوفية لإيواء الفقراء والمسافرين وأتباعهم. قدمت هذه الملاجئ الطعام مجانًا للضيوف طوال إقامتهم، سعيًا لنيل رضا الله من خلال أعمال الخير.
مع مرور الوقت، تطورت العديد من التكايا إلى خلاوي (مدارس قرآنية) ومؤسسات تعليمية لأتباع الصوفية والفقراء والأطفال المشردين. لعبت هذه التكايا والخلاوي دورًا حاسمًا في نظام الضمان الاجتماعي المعتمد على الذات في القرى والمدن السودانية. كان تمويلها يأتي بشكل أساسي من أتباع الصوفية والمزارعين، مع دعم حديث من نظام الضمان الاجتماعي الحكومي.
اليوم، أصبح مصطلح “التكية” يُستخدم لوصف المطابخ المجتمعية التي تنظمها النساء في الأحياء المتضررة من الحرب والحصار. تساهم كل أسرة بما تستطيع في هذه الجهود الطهوية الجماعية.
قد تكون هذه الظاهرة فريدة من نوعها في المناطق التي مزقتها الحرب والتي تعتمد عادة على المساعدات الإنسانية العالمية. إنها تستحق مزيدًا من الدراسة من قبل المنظمات الإنسانية، التي غالبًا ما تتكبد تكاليف كبيرة في تجنيد المتطوعين والموظفين لتوزيع المساعدات.
في ضوء الأزمة الإنسانية الحالية في السودان، حيث تعرقلت المساعدات الدولية بشدة بسبب تعنت أطراف الحرب، حتى في مخيمات اللاجئين والنازحين، رغم المناشدات العالمية والمحلية، نقترح نهجًا جديدًا. نحث المنظمات الإنسانية على استكشاف طرق لتقديم المساعدات العاجلة إلى “التكايا” (المطابخ المجتمعية) التي يديرها المتطوعون.

الصورة تُظهر متطوعين في المطبخ المجتمعي بمخيم زمزم للنازحين يناشدون العالم لمساعدتهم – صورة عبر حساب @AliEissaad47648 على منصة X.

هذه الاستراتيجية لن تضمن فقط وصول المساعدات إلى المحتاجين بشدة، بل ستستفيد أيضًا من شبكات المتطوعين المحلية القائمة. من خلال دعم هذه المبادرات المحلية، يمكن لمنظمات الإغاثة:
• التغلب على حواجز الوصول التي أعاقت طرق تقديم المساعدات التقليدية
• الاستفادة من الهياكل المجتمعية القائمة ذات المعرفة المحلية العميقة
• تعزيز تأثير مواردها من خلال جهود المتطوعين الحالية
• تعزيز مرونة المجتمع واعتماده على الذات في مواجهة الصراع المستمر
يتماشى هذا النهج مع مبادئ توطين المساعدات الإنسانية، مما قد يوفر وسيلة أكثر استدامة وملاءمة ثقافيًا للدعم خلال هذا الوقت الحرج. يمكن أن يكون نموذجًا للاستجابة للأزمات في المستقبل، خاصة في السياقات التي تعاني فيها قنوات المساعدات التقليدية من العوائق.

Share this post