دائرة الحرب تتسع في دارفور والحركات المسلحة تستولي على قاعدة عسكرية تابعة لـ«الدعم السريع»

الخرطوم –   بينما تشتد وتيرة المعارك في العاصمة الخرطوم، شهد إقليم دارفور خلال اليومين الماضيين تحولات كبيرة في سير العمليات العسكرية بعد أن بدأت الحركات المسلحة وقوات المقاومة الشعبية المساندة للجيش الخروج من خانة الدفاع إلى الانفتاح ومهاجمة مواقع إستراتيجية تتبع للدعم السريع.
وأعلنت القوة المشتركة للحركات المسلحة في بيان، أمس الأربعاء، تمكنها من تحرير قاعدة بئر مزة العسكرية الواقعة على بعد 28 كلم شمال مدينة كتم بولاية شمال دارفور من قبض الدعم السريع.
وأوضح البيان أن الحركات شنت هجوماً على القاعدة التي وصفتها من أهم مواقع التحصين التي تتبع لقوات حميدتي في تمام الساعة الرابعة صباحاً ودمرت الدفاعات التي كانت تعتمد عليها الدعم السريع التي أوقعت فيها خسائر فادحة.
وقالت الحركات إن القاعدة كانت مصدر إزعاج وعبئاً ثقيلاً على مواطني المنطقة حيث كانت تمارس فيها كل أنواع الانتهاكات الجسيمة من نهب واختطاف وتصفيات وبطش، مشيرة إلى أنها طاردت قوات حميدتي الهاربة جنوباً حتى وصلت إلى دامرة غرير الواقعة على مشارف مدينة كتم.
وحاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، قال إن القوة المشتركة للحركات المسلحة حققت انتصاراً في منطقة “بئر مزة” تخوم منطقة “زرق وادي مغرب” شمالي كتم.
ويشار إلى أن القاعدة من أهم النقاط الواقعة بولاية شمال دارفور والتي كانت مركزاً رئيسياً لتوصيل الوقود والأسلحة بالإضافة إلى استخدامها نقطة لتجميع القوات وتدريبهم قبل إرسالهم إلى مختلف أنحاء السودان.
ويتوقع متابعون للعمليات العسكرية في السودان أن تمثل السيطرة على القاعدة، بئر مزة، خطوة متقدم للتحرك نحو قاعدة الزرق التي تعد هي الأخرى المركز الرئيسي لقوات الدعم السريع في إقليم دارفور، وكانت قد تداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات صوتية لقادة ميدانية يتبعون لـ”حميدتي” أطلقوا من خلالها النداءات للقوات التحرك نحو قاعدة الزرق لصد هجوم متوقع عليها.
وفي سياق متصل، شهدت بلدة “مدو” ـ على بعد 27 كلم شمال شرق مدينة مليط بولاية شمال دارفور ـ الثلاثاء، معارك عنيفة بين الحركات وقوات الدعم السريع، وتبادل الطرفان الادعاءات بتحقيق انتصارات في تلك المناطق.
وأكدت أنها كبدت الدعم السريع خسائر فادحة في “مدو” بعد معركة استمرت 12 ساعة والاستيلاء على 35 آلية عسكرية بحالة سليمة بجانب تدمير أكثر من 20 آلية أخرى. وأشارت إلى تدمير متحرك ثان في وادي سندي وتدمير 20 عربة والاستيلاء على 15 أخرى بحالة ممتازة، بالإضافة إلى تقدم وهجوم آخر خطوط دفاع الدعم السريع والقضاء على كافة الارتكازات والاستيلاء على 19 عربة عسكرية وتدمير أكثر من 15 عربة.
وقالت قوات الدعم السريع في بيان على منصة “إكس” إنها تمكنت في محور شمال دارفور من سحق متحرك قوامه مئات المركبات القتالية للحركات المسلحة وأحبطت محاولة الوصول إلى مدينة الفاشر ومساندة المحاصرين هناك.
وزعمت أنها تمكنت من قتل 450 من قوات الجيش وأنها أكثر من 137 مركبة بكامل عتادها وتدمير أكثر من 43 مركبة أخرى من ضمنها مدرعات إضافة للاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.
وتتسع دائرة المواجهات في دارفور، إذ شهدت فتح الحركات المسلحة كذلك جهة جديدة في ولاية غرب دارفور، التي اندلع فيها القتال أمس الثلاثاء، في منطقة جبل مون ووادي بير دقيق ـ 28 كلم من الجنينة عاصمة الولاية ـ وقالت مصادر ميدانية لـ”القدس العربي” إن الحركات تقدمت في تلك المناطق وكبدت الدعم السريع خسائر مقدرة بالإضافة إلى إرسال المزيد من التعزيزات لتلك الجبهة، ورجحت المصادر أن تتنقل المعارك في القريب العاجل إلى مدينة الجنينة.
وكانت قوات حميدتي قد فرضت سيطرتها الكامل على الجنينة بعد قتل الوالي السابق خميس أبكر وبعد أيام من اندلاع الحرب في الخرطوم منتصف أبريل/ نيسان العام الماضي، ووقتها وثقت منظمات حقوقية أممية ارتكاب جرائم مروعة في حق إثنية المساليت وهو الأمر الذي أكدته لاحقاً مدعي المحكمة الجنائية الدولية كريم خان وتقرير فريق الخبراء التابعة للأمم المتحدة.
أما في عاصمة إقليم دارفور، مدينة الفاشر، أكدت عدة مصادر محلية لـ”القدس العربي”، وقوع اشتباكات عنيفة، فجر أمس الأربعاء، في المحورين الشرقي والجنوب الشرقي للمدينة وذلك بعد محاولة الجيش والحركات المسلحة القيام بتمشيط تلك المنطقة من العناصر المتسللة التابعة لقوات حميدتي والتي كانت تنوي شن هجوم جديد على الفاشر، وأوضحت المصادر أن الجيش استطاع وضع ارتكازات ثابتة ودفاعات متقدمة في تلك النواحي. وفي منحى آخر، أعلنت حركتا تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور وقوى تجمع تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر عن إنشاء تحالف عسكري وسياسي وتشكيل قوة محايدة لحماية المدنيين وتأمين القوافل الإنسانية والتجارية والعاملين بالمنظمات الإنسانية وتسهيل حركتهم.
ويشار إلى أن حركة عبدالواحد وقوات الطاهر حجر لا زالتا تقفان في خانة الحياد تجاه الحرب الدائرة في دارفور وبقية المناطق بالبلاد، وأكدتا في بيان لهما إن القوة التحالف الجديد سوف تلتزم بالحياد التام والوقوف على مسافة متساوية من طرفي الحرب، لافتاً إلى أن القوات سوف تتكون من مؤسسات تقع عليها مسؤولية الإدارة وإجراءات الضبط.
وبالعودة إلى سياق العمليات العسكرية، تفيد المتابعات إلى اشتداد جبهات القتال في العاصمة الخرطوم خاصة في منطقة الخرطوم بحري التي استطاع الجيش العبور إليها يوم الجمعة الماضي عن طريق جسر الحلفايا والتقدم من هناك واستعادة عدد من الأحياء السكنية ووضع ارتكازات سابقة.
وقال مصدر عسكري لـ”القدس العربي”، إن الجيش انتشر في عدة مناطق في منطقة الدروشاب جنوب وإعادة السيطرة على قسم شرطة جنايات بحري شمال الذي كان يقع تحت سيطرة الدعم السريع. وبيّن المصدر كذلك، تمشيط الجيش لمنطقة الكباشي شمال الخرطوم بحري وإبعاد قوات حميدتي من هناك، وقال إن المنطقة لا تبعد عن مصفاة الجيلي سوى بعض كيلومترات جنوباً مما يضيق الخناق على قوات الدعم السريع المتواجدة هناك والمحاصرة كذلك من الناحية الشمالية من قوات الجيش المتمركزة في منطقة البكاش والأخرى المتواجدة من الناحية الشرقية بقاعدة حطاب العملياتية.  وكذلك، اندلعت المعارك منذ ساعات الصباح الأولى أمس الأربعاء، في الأحياء المتاخمة لسلاح المدرعات بمنطقة الشجرة جنوبي الخرطوم.
ويحاول الجنود في سلاح المدرعات الانفتاح والتقدم في حي اللاماب شمالاً بهدف اللقاء مع القوات القادمة من أمدرمان عن طريق كوبري الفتيحاب وكوبري النيل الأبيض، بالتزامن يتقدم كذلك في أحياء الكلاكلة جنوباً لوضع دفاعات متقدمة تخوفاً من شن هجوم مباغت من الجهة الخلفية.

 

المصدر:القدس العربي

Share this post