عشرات القتلى والجرحى في الفاشر إثر تجدد عمليات القصف المدفعي … والأهالي يحتمون بملاجئ تحت الأرض

الخرطوم- «القدس العربي»:تجددت عمليات القصف المدفعي، أمس الإثنين، في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى. ويأتي ذلك بعد مواجهات تعد الأعنف من نوعها شهدتها المدينة خلال الأيام الماضية، فيما قال الجيش السوداني والقوة المشتركة للحركات المسلحة إنها أجبرت قوات الدعم السريع على التراجع بعد أن كبدتها خسائر فادحة.
وقالت تنسيقيات لجان المقاومة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور إن قوات الدعم السريع تنفذ عمليات تدوين مدفعي عنيف على نحو متواصل منذ صباح الإثنين تستهدف الأحياء السكنية، مشيرة إلى أن معظم الضحايا من النساء والأطفال وكبار السن.
واتهمت قوات الدعم السريع باستهداف الأحياء السكنية لإجبار المدنيين على مغادرة المدينة، مشيرة إلى أن الأهالي يتمسكون بمنازلهم وأنهم صامدون في الخنادق التي حفروها تحت منازلهم، لعلها تحميهم من شدة القصف المدفعي الموجه نحوهم.
وقالت إن عمليات القصف المدفعي استهدفت المناطق جنوب شرق الفاشر، داعية المواطنين لأخذ الحيطة والحذر وعدم الاقتراب من النوافذ وإغلاق أبواب المنازل. ومع احتدام المعارك في محيط مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور تتصاعد المخاوف من أن تعيد “معركة الفاشر الكبيرة” إقليم دارفور الواقع غرب السودان إلى مربع الحرب الأهلية.
وكان حاكم إقليم دارفور، مني اركو مناوي، قد حذر من عمليات تجنيد واسعة، قال إن قوات الدعم السريع تقوم بها لحشد مرتزقة من غرب إفريقيا. واتهم قادة الدعم السريع بإغراء المرتزقة بنهب واستباحة مدينة الفاشر، حيث دعا إلى استنفار عام في المدينة من أجل “الدفاع عن الأرواح والممتلكات”.
في الأثناء، تتواصل دعوات القوى المدنية السودانية والمجتمع الدولي لأطراف القتال بعدم استهداف مناطق تجمع المدنيين بالغارات الجوية والقصف المدفعي أو زراعة الألغام وغيرها من الأنشطة العسكرية وسط تحذيرات من أن الأوضاع تمضي نحو نقطة اللاعودة.
وتعد الفاشر آخر معاقل الجيش في دارفور بعد سيطرة قوات الدعم السريع على أربع من أصل خمس ولايات في الإقليم. تحتشد في المدينة عدد من الحركات الدارفورية الموالية للجيش – القوة المشتركة للحركات المسلحة- التي تعتبر الدعم السريع خصماً تاريخياً.
وتوقع المتحدث باسم القوات المشتركة للحركات المسلحة، الرائد أحمد حسين ادروب، في حديثه لـ” القدس العربي”، أن تتواصل هجمات الدعم السريع على الفاشر، مؤكداً استعدادهم لصد تلك الهجمات والتقدم إلى الأمام. وقال إن الموقف العملياتي في مدينة الفاشر يسير بشكل ممتاز، مؤكداً أن الجيش والقوة المشتركة للحركات المسلحة كبدت قوات الدعم السريع هزائم متتالية خلال الأيام الماضية، وأشار إلى مقتل عدد من قادة قوات الدعم السريع مؤخراً.
على الرغم من ذلك يتوقع ادروب تكرار هجمات الدعم السريع، مؤكداً استعدادهم وجاهزيتهم للتقدم نحو ما قال إنها أوكار الدعم السريع. وأضاف “أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم”. وطالب بتصنيف الدعم السريع و”المرتزقة” التي قال إنها تقاتل في صفوفها منظمة إرهابية، متهماً إياها بارتكاب انتهاكات خطيرة.
وفيما يلي التسريبات حول وجود خلافات بين الجيش والحركات المسلحة وسط مطالب بالانسحاب من الفاشر وأن تلك الخلافات وصلت مرحلة الاشتباك بين الجانبين، قال المتحدث باسم القوة المشتركة للحركات المسلحة إن كل ما يتم تداوله بالخصوص لا أساس له من الصحة، مضيفاً: “مثل هذه الإشاعات تخرج من الغرف الإعلامية لقوات الدعم السريع وغرف حلفائها السياسيين ولا نعيرها أي اهتمام”.
وتابع: “القوات المسلحة السودانية والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح والقوة الشعبية للدفاع عن النفس “قشن” والمقاومة الشعبية في الفاشر على قلب رجل واحد من أجل هزيمة الدعم السريع في الفاشر وبقية مدن إقليم دارفور”.
وأكمل: ” شعارنا في الفاشر وفي بقية مدن إقليم دارفور والمدن السودانية الأخرى أنه لا صوت يعلو فوق صوت الوطن. الفاشر لم ولن تسقط. لن تتحقق أحلام الميليشيات وحلفائهم ومرتزقتهم وكفلائهم”.
وأشار إلى مضي الجيش وقوات المشتركة في تنفيذ خطة لإخراج قوات الدعم السريع من كل مدن إقليم دارفور، متهماً قوات الدعم السريع بقطع الطريق أمام السيارات التجارية ونهب وحجز جميع القوافل الإنسانية القادمة إلى مدينة الفاشر. وقال إن قوات الدعم السريع نهبت قافلة إنسانية مؤخراً في محلية الكومة وأخرى تتبع لمنظمة الصحة العالمية تم تفريغها في محلية مليط فضلاً عن احتجازها قافلة تتبع لمنظمة أطباء بلا حدود بمحلية كبكابية كانت في طريقها إلى معسكر زمزم للنازحين وهي تحمل أغذية وأدوية لأطفال المعسكر.
وأشار إلى نهب معظم المساعدات القادمة عبر معبر أدري الحدودي، متهماً قوات الدعم السريع بإدخال أشياء أخري غير المساعدات الإنسانية- في إشارة إلى الدعم العسكري. وفي ظل تصاعد المعارك العسكرية في الفاشر، عبرت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة والشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، عن “حزنها العميق واحباطها إزاء العنف المسلح المستمر الذي يعيث فساداً في مدينة الفاشر في شمال دارفور”.
وقالت في بيان، أمس الإثنين، إن ما يحدث في الفاشر أمر مفجع ويجب أن يتوقف، مضيفة: “لا يوجد مبرر لشن هجمات مباشرة على المدنيين وأصولهم ومرافقهم الأساسية مثل المستشفيات”.
وحذرت من تصاعد القتال على نطاق واسع مما يهدد حياة الآلاف من الأشخاص خاصة في مخيمات النازحين داخلياً، مشيرة إلى التقارير حول تأثر مرافق الرعاية الصحية. وأضافت: “إن هذه الهجمات في الفاشر تنتهك كل المبادئ الإنسانية”.
ولفتت إلى أن استمرار الصراع يدمر الأرواح وسبل العيش والبنية التحتية الأساسية، مشيرة إلى أن الفاشر تعد موطناً لمئات الآلاف من النازحين داخلياً، المعرضين لخطر المجاعة، بما في ذلك مخيم زمزم حيث تأكدت المجاعة. ونوهت إلى تعرض نظام الصحة العامة للدمار بسبب الصراع المستمر، حيث تم تدمير أو نهب أو هجر العديد من المرافق، مما ترك أكثر من خمسة ملايين شخص دون إمكانية الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية.
وقالت المسؤولة الأممية: “إن الهجمات المشينة تظهر عدم جدوى العنف المسلح في الفاشر” داعية جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه القانون الإنساني الدولي وضمان حماية المدنيين من الأذى.

Share this post