الخرطوم- في وقت دخلت الحرب السودانية يومها الـ500، تتضاعف معاناة العالقين في متوالية الأزمات المتصاعدة هناك، ما بين حريق المعارك وسيول الأمطار وفيضانات الأنهار التي تضع حياة الآلاف على المحك.
وفي وقت غمرت السيول خلال اليومين الماضيين عشرات القرى شرق السودان، حذرت وحدة الإنذار المبكر، أمس الثلاثاء، من سحب رعدية متحركة في ذات الاتجاه متوقعة هطول المزيد من الأمطار الغزيرة المصحوبة بالعواصف الرعدية والرياح القوية.
وقالت إنها رصدت سحباً رعدية قادمة من غرب المملكة العربية السعودية متحركة تجاه ولاية البحر الأحمر، يتوقع أن تؤدي لأمطار غزيرة ربما تسببت بالسيول والسيول المفاجئة في معظم مناطق وسط وجنوب وغرب الولاية بما في ذلك مدن “بورتسودان” و”هيا” و”جبيت” و”سنكات” ومناطق “طوكر” و”أربعات”.
وتوقعت وحدة الإنذار المبكر بالأرصاد الجوية أن يمتد تأثير هذه السحب حتى وسط ولاية نهر النيل وربما الأجزاء الشرقية لوسط الولاية الشمالية.
وفي السياق، أعلنت وزارة التربية والتعليم بالولاية الشمالية عن تعطيل الدراسة بكافة المراحل الدراسية بالولاية اعتباراً من أمس الثلاثاء، حفاظاً على حياة الطلاب.
ويأتي ذلك في وقت تواجه المنطقة الشرقية تداعيات السيول والفيضانات التي أدت إلى انهيار سد أربعات، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى وفقدان عشرات آخرين، بينما غمرت المياه القرى المحيطة بـ” أربعات” وطوكر، حيث ينتظر مئات العالقين في الجبال عمليات الإنقاذ.
وقالت الأمم المتحدة إن انهيار سد أربعات في بورتسودان أثر بشكل كبير على حوالي 50 ألف شخص يعيشون في الجانب الغربي من السد، مشيرة إلى أن مدى التأثير على الناحية الشرقية ما يزال قيد التقييم.
وحسب غرفة الطوارئ الحكومية ارتفع عدد ضحايا السيول والفيضانات التي تشهدها البلاد منذ يونيو/ حزيران الماضي إلى 132 قتيلاً في 10 ولايات، بينما تضررت نحو 32 ألف أسرة تضم 130 ألف فرد على الأقل.
ويتحدث مسؤولون حكوميون عن التأثيرات الفادحة للسيول والأمطار على البنية التحتية ومرافق المياه والكهرباء في المناطق المتضررة.
وقال المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بكرى الجاك أن التنسيقية تتابع بقلق كبير الآثار الكارثية للسيول والفيضانات في أنحاء واسعة من السودان خاصة في الولايات الشمالية ونهر النيل والجنينة بجانب ما حدث في شرق السودان بعد انهيار جزء كبير من سد أربعات الأمر الذي أدى لأضرار بالغة في الأرواح والممتلكات.
ودعت “تقدم” المنظمات الدولية والمحلية إلى المسارعة في إغاثة المناطق المتضررة، مع استصحاب خطورة الوضع بعد إعلان الجهات الصحية عن انتشار وباء الكوليرا الأمر الذي يزيد مخاوف تفاقم الأوضاع الكارثية بشكل أكبر بسبب تزامن كارثة السيول مع انتشار وباء الكوليرا.
ورصدت وزارة الصحة السودانية إصابة 658 شخصاً على الأقل بالكوليرا، في خمس ولايات تشمل نهر النيل والجزيرة والخرطوم وسط السودان، وكسلا والقضارف الواقعة شرقاً.
ودعت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية إلى تعزيز التضامن الشعبي مع المتضررين، في وقت طالبت السلطات بتمليك المعلومات الكاملة حول أسباب هذه الكارثة الإنسانية خاصة ما حدث في سد أربعات والإفصاح ما إذا كان هذا الأمر نتيجة لعوامل طبيعية أو بشرية وتحديد أوجه القصور والمسؤوليات سواء أكانت ذات طابع إداري أو جنائي واتخاذ الخطوات اللازمة.
وأبدى حزب الأمة القومي أسفه لتعرض أجزاء واسعة من شرق السودان لسيول جارفة جراء انهيار سد أربعات، مما أسفر عن مقتل وفقدان عدد من المواطنين، وجرف العديد من المنازل والمرافق.
ولفت إلى أن هذه الكارثة تأتي لتضاف إلى الأضرار التي سببتها الحرب لقطاعات واسعة من السودانيين، مما زاد من حجم الكارثة الإنسانية.
وتسببت السيول والأمطار في تضرر 28 قرية بشكل كامل وغمرت بشكل كامل قرى أربعات الغربية، ودمرت الآبار والمرافق الخدمية.
وفي محلية طوكر تسببت المياه في غمر تام لمعظم الأحياء وانهيار كامل لبعض المباني والمرافق الخدمية وانهيار جزئي لبقية الأحياء وخروج مستشفى طوكر عن الخدمة، مما أدى لوفاة 9 أشخاص وفقدان آخرين، كما غُمر السوق بالكامل، حيث يواجه الأهالي صعوبة دفن الموتى بسبب غمر المقابر.
وفي جنوب طوكر انفصل جسر “دلوبياي” عن اليابسة وغمرت المياه منطقة “مرافيت” بشكل كامل.
وفي ظل تفاقم تداعيات السيول الأمطار، ناشد حزب الأمة القومي كافة المنظمات الدولية والوطنية بتقديم الأولوية لإنقاذ المتضررين من كارثة السيول والأمطار، مطالباً مؤسسات الدولة بالعمل على البحث عن المفقودين وإغاثة المتضررين.
وبعد مرور 500 يوم على اندلاع الحرب السودانية، اتهم الأمين العام لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية صديق الصادق المهدي المؤتمر الوطني المحلول، ومن وصفهم بحلفائه وطرفي الحرب بتكرار سيناريو الإبادة الجماعية في جميع أنحاء البلاد.
وقال إن “حرب الإبادة والتمكين تسببت في موت الآلاف جوعاً ونزوح الملايين الذين يواجهون معاناة التشريد والانتهاكات المستمرة”، مضيفاً: ” نضبت مصادر الدخل في السودان والقادم أصعب إن لم نتلافَ هذه الكارثة”.
(القدس العربي)