شدد رئيس مجلس السيادة السوداني، القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، على رفض الحديث والحوار مع قوات «الدعم السريع» ولو استمرت لـ100 عام حتى انتهاء (الميليشيات)، مجدداً رفض السودان وساطة الإمارات ورفضه توسيع منبر جدة.
وكانت مباحثات “جنيف” التي استمرت لعشرة أيام، وسط غياب الجيش السوداني، قد جمعت مجموعة من الوسطاء بمبادرة أمريكية، بما يشمل المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات بالإضافة إلى سويسرا والاتحاد الإفريقي مع مشاركة قوات «الدعم السريع».
واعتبر البرهان منبر جنيف محاولة لتخطي التزامات منبر جدة ومحاولة لتحسين صورة «الدعم السريع»، مشدداً على عدم وجود فرصة لعودة قوات «الدعم السريع». وأضاف: “سيظل محمد حمدان دقلو “حميدتي” طريداً وهو يتحدث عن السلام بينما ترتكب قواته المجازر في الجنينة والخرطوم وغيرهما”. وتابع: “أقول له لن نستسلم ولن نقتلك، سنترك الشعب يحاسبك”.
وقال: “إن مجموعة جنيف وبيانها عبارة عن مهزلة”، مشدداً على أن مخرجات منتدى جدة هي الأساس لأي مفاوضات تتعلق بالحرب في السودان.
وقطع بأنهم لا يمكن أن يجلسوا في مكان يتم فيه مدح «الدعم السريع» التي وصفها بـ” الميليشيات المتمردة”، في إشارة لتصريحات سابقة للمبعوث الأمريكي للسودان توم بيريلو امتدح فيه تعاون قوات «الدعم السريع» معهم. وأشار إلى شروعهم في تشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة وضرورة تشكيل برلمان ومشورة شعبية.
بالمقابل، لوحت قوات «الدعم السريع» بتشكيل حكومة في العاصمة الخرطوم التي قالت إنها تسيطر على معظم أراضيها، الأمر الذي لا يتوافق مع رواية الجيش الذي يتحدث عن تقدمه في نطاق واسع من العاصمة.
وقال “حميدتي” إن غياب وفد القوات المسلحة عن منبر التفاوض، أعاق كل الجهود التي بذلتها الوساطة، وأن ذلك سيكون سبباً في إطالة أمد الحرب ومضاعفة معاناة السودانيين”، مشدداً على عدم التسامح مع موقف الجيش الذي قال إنه مختطف من قبل النظام السابق.
وفي بيان على حسابه في موقع (اكس) لوح مستشار قائد قوات «الدعم السريع»، الباشا طبيق، بإعلان «الدعم السريع» حكومة في الخرطوم، قال إنها تهدف إلى حماية المدنيين وتقويض شرعية البرهان، متهماً قيادات الجيش بالتعاون مع حزب المؤتمر الوطني- الحزب الحاكم السابق- والحركة الإسلامية برفض التفاوض و”تجاهل الأوضاع الإنسانية المتردية التي يعيشها الشعب السوداني”.
ومنذ اندلاع الحرب السودانية منتصف أبريل/ نيسان من العام الماضي يتبادل الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» الاتهامات حول تهديد حياة المدنيين وتدمير البنية التحتية للبلاد. ويشترط الجيش خروج القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو “حميدتي” من المرافق المدنية ومنازل المواطنين وإعادة الممتلكات المنهوبة إلى أصحابها فضلاً عن بقية مقررات اتفاق جدة، قبل الانخراط في أي مباحثات أخرى.
اتهامات لأطراف دولية ودول جوار
واتهم البرهان خلال مخاطبته مؤتمراً صحافياً السبت، أطرافاً دولية وإقليمية وعدداً من دول الجوار -لم يسمها- بالتآمر على السودان، مشيراً إلى أن العديد من دول المنطقة تقف متفرجة أو تدعم الطرف الآخر”. وجدد اتهاماته لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” التي قال إنها “بوق من أبواق الميليشيات”. وأضاف: “نقول لهم باب التوبة مفتوح”. وفي رده، قال القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني خالد عمر، إن البرهان بتصريحاته الأخيرة، وضع رسالة في بريد السودانيين عندما قال “نقاتل خمسين أو مئة سنة حتى ننتهي جميعاً”، مفادها أنه يسعى لهدف واحد فقط لا غير وهو كرسي السلطة.
وحذر من تداعيات ما بعد “جنيف”، مشيراً إلى أنه من غير الحصافة عدم استبعاد انزلاق البلاد إلى مصير “التقسيم” وأن هناك مؤشرات واضحة توحي بأن البلاد تسير في هذا الطريق.
وأضاف: “أصبح العالم الآن يتعامل فعلياً مع ما يسمى بمناطق سيطرة القوات المسلحة ومناطق سيطرة «الدعم السريع»، فضلاً عن مناطق سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) ومناطق سيطرة حركة تحرير السودان، وكل هذه المناطق تعمل بصورة مستقلة وفق نظم إدارة خاصة بها”.
ورأى أن استبعاد خيار تشظي السودان يغالط تاريخ البلاد الخاص – انفصال جنوب السودان- وتجارب الإقليم الشبيهة، متهماً البرهان باستنساخ النموذج الليبي في نسخته الأخيرة (2019-2020)، مشيراً إلى “استعانة سلطة طرابلس بظهير إقليمي صد عنها حصار “حفتر”. وتابع أنه عقب ذلك – في جنيف السويسرية- حدث اتفاق جمد الأوضاع على ما هي عليه، وهي دولتان غير مستقرتين أو أكثر ضمن حدود جغرافية واحدة بسلطات مختلفة ومتنافسة”. ولفت إلى “أن ذلك حدث أيضاً في الصومال واليمن وسوريا باعتباره تقسيماً بحكم الأمر الواقع حكم على الشعوب بالتشرد والضياع الأبدي دون أي أفق لإنهاء معاناته”.
وشدد على أن الدعوة لاستمرار الحرب يعني الحكم على السودانيين بإكمال حياتهم في المنافي، وأن يدفن أعز من يحب في ديار غريبة، مشيراً إلى أن الطريق الوحيد لتجنب ذلك هو طريق السلام وإسكات صوت البنادق بشكل عاجل عبر الجلوس في طاولات الحوار والتفاوض”. وشدد على ضرورة تعزيز الضغط الشعبي من أجل إنهاء الحرب عبر توحيد الصفوف ومضاعفة العمل أو “فليستعد السودانيون للقادم الأكثر بشاعة”.
مساعدات إنسانية
إلى ذلك، قال المجلس السيادي السوداني إن البرهان تلقى اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ناقش تسهيل حركة المساعدات الإنسانية من جميع المعابر إلى داخل السودان خاصةً معبر أدري غرب البلاد، لتقديم الدعم والعون الإنساني للنازحين واللاجئين والمتأثرين بالحرب.
وأكد رئيس مجلس السيادة التزام حكومة السودان بتسهيل وصول القوافل الإنسانية، مشيراً إلى موافقة الحكومة على فتح معبر أدري والسماح بدخول المساعدات الإنسانية للمحتاجين. وأكد استعداد حكومة السودان للتعاون مع وكالات الأمم المتحدة العاملة في الحقل الإنساني والمنظمات الدولية الأخرى.
وعلى الرغم من عدم مشاركة الجيش في مباحثات جنيف، أكد الوسطاء حصوله على التزامات من كل الأطراف السودانية بفتح معبرين لوصول المساعدات الإنسانية من الناحيتين الشمالية والغربية بينما تستمر المساعي لفتح ممر آمن ثالث.
(القدس العربي)