البرهان يشترط تنفيذ إعلان جدة وانسحاب قوات حميدتي من المنازل لوقف العمليات العسكرية

الخرطوم –  قال رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، إن الطريق إلى السلام في السودان أو وقف الحرب هو تطبيق إعلان جدة الموقع في مايو/ أيار العام الماضي، قاطعاً بعدم وقف العمليات العسكرية دون انسحاب الدعم السريع و”خروج آخر ميليشي من المدن والقرى التي استباحوها واستعمروا أهلها”.
وأشار في خطاب بمناسبة عيد الجيش الـ70، إلى أن البلاد تتعرض لغزو أجنبي تقف وراءه وتحركه دوائر إقليمية متربصة ومعروفة وتساندهم ـ على حد تعبيره ـ “مجموعة سياسية مأجورة اختارت لنفسها أن تقف في مواجهة الشعب”. وشدد على عدم المساومة أو المهادنة في حقوق الشعب المشروعة في استعادة الأمن والاستقرار والقضاء على العدوان الغادر مهما بلغت حجم التضحيات، لافتاً إلى أن الجيش سيعمل بلا هوادة على أن يحتفل العام القادم بعيده وقد انتصر في المعركة.
بينما قال نائبه الفريق أول شمس الدين كباشي، إن الجيش لن يلتف إلى الضغوط التي تمارس عليه، مؤكداً في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أنه لا تفاوض إلا بتنفيذ إعلان جدة واعتباره الأساس لأي تفاوض، مضيفاً أن دماء الشهداء لن تضيع هدراً. وأضاف: “الجيش سيعيد البسمة قريباً جداً إلى وجه الشعب السوداني الذي صبر كثيراً على الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها الميليشيات المتمردة”.
وفي الأثناء، انطلقت، أمس، في مدينة جنيف السويسرية محادثات وقف الحرب في السودان التي دعت لها الولايات الأمريكية وتخلف عنها وفد الحكومة السودانية الذي دفع بعدة اشتراطات أبرزها إبعاده دولة الإمارات ومنظمة الإيقاد من مراقبة التفاوض وتنفيذ إعلان جدة، بينما حضر وفد الدعم السريع الذي ضم كلاً من العميد عمر حمدان ونزار سيد أحمد وعزالدين الصافي ومحمد المختار.
وأعلن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، أن المحادثات ستمضي قدماً بمشاركة الخرطوم أو بدونها لكنه قال إنه في حال لم يحضر ممثلو الجيش فإنه سيتعذر إجراء وساطة رسمية وسيكون التركيز على الوسائل العملية ووضع خارطة طريق. ورأى بيرييلو أن الشعب السوداني الذي عانى من الصراع المدمر ليس بوسعه مزيد من الانتظار، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي يحشد جهوده للعمل على إحلال السلام في السودان.
وأثار قرار مقاطعة الحكومة السودانية لمحادثات جنيف ردود أفعال متباينة في الأوساط السودانية، إذ انتقد القيادي بـ”تقدم” خالد سلك الخطوة، واتهم ما أسماه بالمركز الأمني للحركة الإسلامية والحركات المسلحة الذي يقاتل إلى جانب الجيش والبرهان بعرقلة الذهاب إلى السلام من أجل المحافظة على السلطة. وأقر سلك بخرق الدعم السريع لإعلان جدة بتواجده داخل الأعيان المدنية لكنه عاد وأشار إلى أن الجيش يخرق ذات الإعلان بقصف الأعيان المدنية وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية.
واعتبر في تدوينة له على “فيسبوك” أن منبر جنيف فرصة ذهبية لتحقيق السلام وتوحيد الموقف الداخلي والخارجي للضغط لوقف العدائيات وفتح مسارات توصيل المساعدات الإنسانية وتوفير آلية رقابة فعالة تضمن تنفيذ ما يتفق عليه.
في المقابل، قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركو مناوي، إن السلام ورفع المعاناة عن المواطنين تبدأ في السودان وليس جنيف، داعياً الدعم السريع للالتزام بإعلان جدة والتخلي عن استهداف المواطنين والمؤسسات المدنية على رأسها المستشفيات بالإضافة للسماح بمرور الإغاثة ووقف جرائم النهب والاغتصاب.
وأضاف أن الدعم السريع حال التزم بذلك، سيكون السلام تلقائياً تحقق، قائلاً إن كل الانتهاكات تمارس من جانب واحد هو الدعم السريع، وإن حل الأزمة كلها في طرفه.
سياسياً كذلك، أعلنت حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، انسحابها من المشاورات التي نظمها الاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيقاد للقوى السياسية السودانية في إطار مبادرات وقف الحرب، لتنضم إلى حركة عبدالعزيز الحلو التي أعلنت في وقت سابق هي أخرى انسحابها وعدم اكتراثها لمخرجات اللقاء. وأوضحت حركة نور أن من أبرز النقاط الخلافية التي طرحت في المشاورات هي مقترح وحدة المنابر التفاوضية لجهة أن موقف الحركة رفض أي تفاوض ينتج محاصصة بين العسكر والمدنيين ويعيد إنتاج الأزمة من جديد.
أما في سياق تطورات العمليات العسكرية، أفادت مصادر ميدانية لـ”القدس العربي” استهداف الطيران الحربي التابعة للجيش تجمعات للدعم السريع في مدينة كتم ـ 155 كلم شمال غرب الفاشر.
بينما قال سكان محليون في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان وسط السودان، إن الدعم السريع قصفت بالمدفعية الثقيلة مواقع غرب المدينة مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وسط المدنيين، مشيرين إلى أن الجيش تبادل كذلك القصف مستهدفاً أماكن قوات حميدتي مع انتشار واسع داخل المدينة التي شهدت كذلك انقطاع خدمات الاتصالات.
وكشفت منصة نداء الوسط عن تعرض قرية “أبوسفيفه” ريفي مدينة أم روابة لهجوم من قبل الدعم السريع، مشيراً إلى أن قوات حميدتي قامت بالتدوين العشوائي على مساكن المدنيين مما أدى إلى استشهاد السيدة عجبة آدم جبريل وجرح عدد آخر من المواطنين، وفقاً لبيان أصدرته أمس.
وفي سياق متصل، بثت المنصة مقاطع مصورة توثق اللحظات الأولى للهجوم الوحشي الذي شنته قوات حميدتي على قرية “طبية النور” بولاية الجزيرة، ويظهر في الفيديوهات عمليات ضرب وتعذيب لمواطنين وتهديدهم بالقتل بعد إشهار البنادق على رؤوسهم، وكنت المنصة أشارت إلى مقتل أربعة من أبناء المنطقة في تلك الأحداث.
وإلى ذلك، كشف النائب العام السوداني الفاتح عيسى طيفور، تقييد (15868) بلاغاً جنائياً في مواجهة الدعم السريع التي ارتكبت جرائم متعلقة بالنهب والاغتصاب والتعدي على دور العبادة والأعيان المدنية بما فيها مقار النيابة وأقسام الشرطة. وأشار خلال تصريحات صحافية، مساء الثلاثاء، إلى استخدام الدعم السريع الفوسفور الأبيض المحظور دولياً في معاركها والتجويع كسلاح ضد المدنيين ونهب وسرقة مخازن العون الإنساني وإطلاق سراح نزلاء السجون.
في سياق آخر، أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز الحلو، تفشي المجاعة في مناطق سيطرتها في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقالت في تعميم صحافي، إن أكثر من 20% من الأسر في المنطقتين تعاني نقصاً حاداً في الغذاء وما يفوق 30% من الأطفال يعانون سوء التغذية.
ورجعت المجاعة إلى فشل الموسم الزراعي، مبيناً أن المساحة المزروعة في السودان تقلصت بسبب الحرب إلى 60% مما جعل أكثر من 80% من القوى العاملة في الزراعة يغادرون مناطق الإنتاج وأصبحوا نازحين ولاجئين.

 

المصدر:القدس العربي

Share this post