الخرطوم-«القدس العربي»: أودت عمليات هجمات نفذتها قوات الدعم السريع وسط وغرب السودان بحياة أكثر من 50 شخصاً، وعشرات الإصابات، فيما اعتبره ناشطون إنسانيون موجة عنف جديدة تستهدف المدنيين المحاصرين وسط المعارك منذ أكثر من خمسة عشر شهراً.
وقالت تنسيقية لجان المقاومة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إن القذائف التي استهدفت المنازل والمرافق الصحية أودت بحياة 23 شخصاً على الأقل بينما أصيب أكثر من 60 آخرين، منددة باستمرار استهداف “الدعم السريع” للمرافق الصحية بالولاية وشنها هجوماً استهدف مركز تمباسي الصحي جنوب الفاشر.
وتعد الفاشر آخر معاقل الجيش في دارفور بعد سيطرة قوات الدعم السريع على أربعة من أصل خمس ولايات في الإقليم.
وتحتشد في المدينة عدد من الحركات الدارفورية الموالية للجيش، ما أدى إلى تعدد جبهات القتال بين الجيش و”الدعم السريع” من جانب والحركات والدعم من جانب آخر.
وتحاول قوات الدعم السريع إحكام سيطرتها على إقليم دارفور، الأمر الذي قد يمكنها من تشكيل سلطة غرب البلاد، موازية للحكومة التي يقودها الجيش من مدينة بورتسودان شرق السودان.
وقالت حركة جيش تحرير السودان التي يتزعمها حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، إن القوة المشتركة للجيش السوداني وقوات الحركات المسلحة تصدت لأكبر هجوم بري نفذته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر.
واعتبر مناوي استئناف قوات الدعم السريع عمليات القصف المدفعي في المدينة محاولة للابتزاز بالتزامن مع دعوات العودة إلى طاولة التفاوض.
وقال في بيان، أمس، إن قتل المواطنين وتدمير المدن بغرض بدء المفاوضات، مما أودى بحياة أكثر من عشرين مواطناً في الفاشر، يأتي في إطار محاولات الضغط من أجل الجلوس للمفاوضات على حساب دماء الأبرياء. وأضاف: “نحن نرحب بالسلام الذي يعيد كرامة المواطن وليس الابتزاز بغرض إعادة عقارب الساعة للوراء”.
وتتواصل المعارك وسط تحذيرات أطلقتها غرف الطوارئ في الفاشر، من وصول مستويات المجاعة الحادة في المدينة المحاصرة منذ خمسة أشهر إلى المرحلة الثالثة.
ونوهت إلى تداعيات تفاقم المجاعة على حياة الأمهات والأطفال وكبار السن وكل الفئات العمرية في ظل تمدد الحرب والحصار على أهالي المدينة في ظل الأزمات الإضافية التي سببها موسم الأمطار وتهالك البنية التحتية، ما فاقم معاناة السكان المحليين والنازحين العالقين في المدينة.
وكانت لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المركزي المتكامل للأمن الغذائي قد أعلنت، الخميس الماضي، عن تفشي المجاعة في أجزاء من ولاية شمال دارفور، خاصة مخيم زمزم للنازحين وتنبأت باستمرارها خلال الشهرين المقبلين.
جاء ذلك بالتزامن مع إعلان منظمة أطباء بلا حدود الجمعة عن احتجاز قوات الدعم السريع لشاحنات إغاثة تابعة للمنظمة تحمل أدوية ومعينات غذائية كانت في طريقها للفاشر ومعسكر زمزم منذ أكثر من 4 أسابيع.
واعتبرت وزارة الخارجية السودانية بيان المنظمة “دليلاً كافياً” على أن قوات الدعم السريع هي التي تسببت في انتشار الجوع في معسكر زمزم في إطار ما اعتبرته استراتيجية تجويع تنتهجها تلك القوات، مضيفة: “لا أساس للزعم بأن عدم استخدام معبر حدودي بعينه لنقل الإغاثة هو سبب عدم وصولها للمحتاجين”.
كما اعتبرت استمرار حصار قوات الدعم لمدينة الفاشر وقصفها للمستشفيات ومعسكرات النازحين والأسواق والمساجد والمرافق العامة بالمدينة، تحدياً سافراً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2736 (2024).
ويطالب قرار مجلس الأمن الذي أقر في 13 يونيو/حزيران الماضي، قوات الدعم السريع بوقف حصارها لمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، داعياً إلى خفض التصعيد في المدينة ومحيطها وسحب جميع المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين، ويطالب جميع أطراف النزاع بالتزام القانون الدولي الإنساني.
وفي السياق، طالبت الحكومة السودانية بموقف دولي حازم تجاه القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو “حميدتي” وداعميها الدوليين لردعهم عن التمادي في ارتكاب “الفظائع والاستخفاف بالشرعية الدولية”.
في المقابل، قال المتحدث باسم قوات الدعم السريع، الفاتح قرشي، إن طيران الجيش قصف الأحد مستشفى “كتم” شمال دارفور ودمر المباني فوق رؤوس المرضى.
وفي ولاية الجزيرة وسط السودان، أودى هجوم نفذته قوات الدعم السريع على قرية العدناب بحياة 23 شخصاً بينما أصيب 14 آخرون.
وقالت شبكة أطباء السودان، إن قوات الدعم السريع ارتكبت مجزرة بحق المدنيين العزل في قرية العدناب بمحلية المناقل، متهمة القوات التي يتزعمها النائب السابق لرئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي) بتهجير السكان المحليين قسرياً من المنطقة ونهب ممتلكاتهم.
وتتوالى نداءات لجان المقاومة لحماية المدنيين في الجزيرة، متهمة قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر وعمليات نهب مسلح هناك واقتياد مدنيين، بينهم نساء، إلى أماكن غير معلومة.
وحسب لجان مقاومة مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، قامت قوات الدعم السريع باقتحام قرية العدناب بقوة عسكرية ضخمة بغرض النهب والسلب والبطش بالمواطنين، وذكرت أن ما يزيد على 10 أِشخاص قتلوا في بداية الهجوم الذي راح ضحيته أكثر من 20 شخصاً.
ونوهت إلى أن المناطق جنوب الجزيرة تواجه موجة عنف جديدة تنفذها قوات الدعم السريع، مبدية قلقها من التعتيم على الانتهاكات في ظل الصعوبات البالغة في التواصل مع الأهالي هناك بسبب استمرار انقطاع الاتصالات.
ومنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، تسيطر قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة، وسط اتهامات لقواتها بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين.
في الأثناء، اشتدت وتيرة المعارك أمس الأحد، في محيط سلاح المهندسين التابع للجيش السوداني في مدينة أمدرمان الواقعة غرب العاصمة السودانية الخرطوم. وقال شهود عيان لـ” القدس العربي” إن العمليات العسكرية بدأت في وقت مبكر من فجر الأحد، بينما استعادت القوات المسلحة عدداً من الأحياء الشرقية للمدينة حيث انتشرت قواتها وارتكزت في تلك المناطق.