القدس العربي: احتدام القتال في الفاشر وسنار وغارات مكثفة تشنها طائرات الجيش

الخرطوم ـ «القدس العربي»: تجددت المواجهات في ولايتي سنار وسط السودان وغربا في شمال دارفور بين الجيش وقوات الدعم السريع، ويأتي ذلك في وقت حذرت الأمم المتحدة من أن البلاد تواجه أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي على الإطلاق. وأكدت مصادر ميدانية لـ«القدس العربي» إن مدينة الفاشر شهدت أمس الخميس، تبادلا للقصف المدفعي بين الجيش والدعم السريع، عقب اشتباكات محدودة بين الطرفين مساء أمس الأول، استطاع خلالها الجيش والحركات صد هجمات الطرف الآخر.
وقال الصحافي والناشط المحلي معمر إبراهيم ـ من الفاشر ـ إن الجيش استهدف بالقصف تجمعات للدعم السريع شرق المدينة فيما قامت الاخيرة بالرد نحو قيادة الفرقة السادسة مشاة ومعسكرات النازحين في شمال المدينة.
وأوضح لـ«القدس العربي» أن القصف المدفعي للدعم السريع على الأحياء الشمالية استهدف مركزاً للتغذية العلاجية التابع لبرنامج الغذاء العالمي بمعسكر أبوشوك للنازحين ودمر المخزون العلاجي الخاص بالأطفال المصابين بسوء التغذية في المعسكر بالكامل. وكشف إبراهيم عن مقتل ثلاثة مواطنين، مساء الأربعاء، عقب هجوم مسيرة تتبع للدعم السريع على محطة مواصلات داخل السوق الكبير وسط المدينة، مشيرا في الوقت نفسه أن أربعة مدنيين آخرين قتلوا في نفس اليوم بسبب القصف المدفعي العشوائي.
وبيّن إبراهيم، أن قذائف الدعم السريع، سقطت كذلك على عدد من منازل مواطنين بحي الدرجة الأولى ومقار منظمة اليونسيف بحي «مكركا» الخميس، بالإضافة إلى المستشفى السعودي في الفاشر الذي تمثلت أضراره في تدمير صهريج المياه وسقف غرفة العمليات لكن لم تسجل أي إصابات، وسط الأطباء، والمرضى، والمرافقين.
ويشار أن المستشفى السعودي، سبق أن تعرض لعمليات قصف مشابهة كما سقطت قذائف الدعم السريع قبل أيام أيضا على المستشفى الجنوبي للمدينة ومستشفى «إقرأ» فضلاً عن استهداف مستوصف سيد المرسلين، وجميعها كما يقول سكان محليون مؤسسات صحية كانت تفتح أبوابها لإسعاف المصابين جراء المعارك بالمدينة. وأدان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، عبر بيان له، الهجمات المروعة على المرافق الصحية في السودان مبينا أن هذه الاعتداءات تعيق تقديم الخدمات المنقذة للحياة وتعرض حياة المرضى للخطر.
ومنذ الثاني من مايو/أيار الماضي تحاول قوات الدعم السريع وميليشيات القبائلة المتحالفة معها الاستيلاء على مدينة الفاشر التي تعد آخر المعاقل المهمة التي تقع تحت سيطرة الجيش والحركات المسلحة المساندة له.
وسبق أن تصدى الجيش والحركات لموجات هجوم ضخمة وأحدث خسائر فادحة في صفوف قوات حميدتي كما قام باغتيال أبرز قادتها في دارفور «علي يعقوب» بالإضافة إلى قتل أعداد كبيرة من الجنود وتدمير المركبات القتالية. بالمقابل لجأ «الدعم السريع» عقب فشله في المواجهات المباشرة واحتلال المدينة ومقار الجيش إلى القصف عبر المدافع الثقيلة والمسيرات والتي غالباً ما تصيب منازل المواطنين وفقا ما قال شهود عيان. الصحافي معمر إبراهيم، قال: «إن القصف العشوائي في الفاشر من قبل الدعم السريع على منازل المواطنين ومعسكرات النازحين تسبب في قتل عشرات المواطنين وإصابة آخرين بالإضافة إلى تشريد آلاف الأسر من منازلهم ونزوحهم نحو مناطق آمنة». على صعيد آخر، تشهد صحراء ولاية شمال دارفور المتاخمة، معارك أخرى بين الحركات المسلحة والدعم السريع ومليشيات القبائلة العربية المتحالفة معها، حيث تستهدف الحركات قطع طرق الإمداد بالنسبة للدعم السريع وفي هذا الإطار دارت معارك في منطقة «وادي أمبار» وأماكن أخرى، كما تشير التقارير الصحافية إلى قرب القتال من منطقة «الرزق» التي تضم إحدى أهم القواعد العسكرية بالنسبة لقوات حميدتي.
عسكرياً أيضا، احتدم القتال مجددا في القرى والمواقع المحيطة بمنطقة «جبل موية» الاستراتيجية غرب ولاية سنار والتي استولت عليها قوات حميدتي الثلاثاء الماضي.
وتعد منطقة «جبل موية» ـ وهي سلسلة جبلية محاطة بعدد من القرى تقع في طريق محوري بين ولايات النيل الأبيض وسنار وولاية الجزيرة ـ نقطة حاكمة للسيطرة على مدينة سنار وعدد من المناطق الأخرى.
ويقول خبراء عسكريون، إنه رغم خسارة الجيش للموقع الأسبوع الجاري إلا أن قوات الدعم السريع وجدت نفسها في كماشة الأمر الذي يجعل حصولها على الإمداد المتواصل بالذخائر والوقود امرا صعبا ووضعها في حالة شبيهة بالحصار. قال مصدر عسكري لـ«القدس العربي» إن مزيدا من قوات الجيش وصلت إلى مدينة سنار، وأفادت وكالة الأنباء السودانية أن هذه التعزيزات العسكرية تأتي لدعم القوات المرابطة في غرب وشمال الولاية، وتعتبر هذه القوة هي الأقوى من حيث العتاد الحربي والمقاتلين. وأبان المصدر، أن التقدم لاستعادة «جبل موية» من قبل الجيش تم من عدة محاور ودخلت قواته في معارك عنيفة واستطاع خلالها تجاوز الدفاعات المتقدمة لقوات الدعم السريع، واستولى على مسيرتين وعربة قتالية، وشاحنات وقود وذخائر.
وأشار إلى شن الطيران الحربي التابع للجيش غارات مكثفة على أماكن انتشار الدعم السريع في تلك المناطق مما أضطرها لسحب ارتكازاتها من الطريق الرئيسي الرابط بين ولايتي سنار والنيل الأبيض. وكانت قد شهدت مدينة سنار احتفالات عارمة، عقب سريان شائعة عن إلقاء القبض على قائد الدعم السريع عبدالرحمن البيشي ـ قائد الهجوم على جبل موية وولاية سنارـ لكن أكدت المصدر العسكري أن القائد الذي تم القبض عليه في إحدى معارك جبل موية هو المقدم بدوي أبكر وليس «البيشي».
وخلفت الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع منتصف أبريل/نيسان العام الماضي أعداد كبيرة من القتلى والمصابين وسط المواطنين، كما تسببت في نزوح ملايين السودانيين وتدمير البنية التحتية والمؤسسات العامة والخاصة ومنازل المواطنين.

Share this post