نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مسؤولين ليبيين قولهم إن تهريب نفط بلادهم المدعوم إلى قوات الدعم السريع يؤجج الحرب الدائرة في السودان، وتعهدوا بالتحقيق في التهريب الذي وصفوه بـ”المتفشي”.
وحسب الصحيفة، سيبدأ رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي تحقيقا خلال الأسبوع الجاري، ورجحت أن يشمل أيضا عمليات تهريب الوقود المنتشرة على نطاق واسع، والمستفيدين الرئيسيين منها.
وأشارت الصحيفة إلى اتهامات “تتراوح بين الإسراف والفساد”، مضيفة أنها “ليست مسألة ليبية داخلية فقط”. ونقلت عن مسؤولين ليبيين قولهم إن “التهريب على نطاق واسع يساعد في توفير الوقود لقوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تقاتل في السودان، وهي نقطة أبرزها تقرير حديث قدم إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.
ونبهت الصحيفة إلى أن بعض الأموال قد تذهب أيضا بشكل غير مباشر إلى مجموعة فاغنر المدعومة من روسيا، والتي أعيدت تسميتها الآن باسم “الفيلق الأفريقي”.
وقال مسؤول ليبي للغارديان “تقوم مجموعة فاغنر برعاية هذا الوقود عبر الحدود إلى السودان، وإذا أغلقنا الحدود بين ليبيا والسودان للحصول على الوقود، فإن الحرب في السودان ستنتهي. إنها ليست حرب التكنولوجيا المتقدمة كما هو الحال في أوكرانيا، إنها حرب قديمة بسيارات الدفع الرباعي، ومن دون وقود ستنتهي”.
استيراد ودعم
ورغم أن ليبيا دولة غنية بالنفط، فإنها تستورد معظم احتياجاتها من الوقود لأن مصافيها المحلية الصغيرة لا تنتج ما يكفي لتلبية الاحتياجات المحلية. وبدلا من الدعم المباشر، تبيع الحكومة في طرابلس الوقود المستورد بأسعار مدعومة بشكل كبير. وغالبا ما يُباع البنزين بخصم يصل إلى 90% عن سعر السوق.
كما يتم بيع زيوت الوقود، التي تشمل زيت التدفئة وزيت الديزل والوقود الثقيل، في المتوسط بسعر أرخص بنسبة 70% من تكلفة شراء الحكومة. ويقول المسؤولون إن ما يصل 40% من الوقود المستورد -الذي تبلغ قيمته المليارات- تتم بعد ذلك إعادة تصديره وتهريبه إلى خارج البلاد لتحقيق الربح.
وخرج الصراع الأخير على السلطة إلى العلن عندما كتب محافظ البنك المركزي الليبي الصادق الكبير رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء الليبي المقيم في طرابلس عبد الحميد الدبيبة حول الإنفاق العام. ومنذ ذلك الحين يتبادل الرجلان الاتهامات، وهددت الأمم المتحدة بشأن حالة المالية الليبية بتفجير مزاعم الفساد التي ترعاها الدولة.
وأشار محافظ البنك المركزي إلى أن نحو مليوني شخص مدرجون على رواتب القطاع العام، وأن تلك الرواتب تمثل 60% من الإنفاق العام. وارتفع الدعم، وخاصة دعم الوقود، من 20.8 مليار دينار (3.4 مليارات جنيه إسترليني) في عام 2021 إلى 61 مليار دينار (نحو 7 مليارات جنيه) في عام 2022.
وقال المحافظ إن الأرقام “كشفت وجود خلل وتشويه وسوء إدارة في دعم الوقود”، ولا توجد إجابة مقنعة لهذا الارتفاع. وتساءل الكبير “كيف يعقل استخدام احتياطي الدولة لشراء ليتر المحروقات بدولار وإعادة بيعه بـ3 سنتات لتستفيد منه عصابات التهريب”.
ورد الدبيبة قائلا إنه لا توجد أزمة اقتصادية، ورفض الدعوات لفرض ضريبة بنسبة 27% على صفقات النقد الأجنبي بهدف خفض قيمة الدينار. وقال إن المالية العامة كانت في حالة قوية، وهو الرأي الذي رفضه الكبير، الذي قال إن البلاد تواجه عجزا كبيرا في الميزانية.
يذكر أن قيمة العملة الليبية انخفضت بنسبة 78% مقابل الدولار منذ عام 2016. وتشير إحدى الوثائق الداخلية للمؤسسة الوطنية للنفط صدرت في سبتمبر/أيلول 2023 إلى أن التكلفة المتضخمة للدعم أصبحت ما يقرب من نصف إيرادات الطاقة.
وتقول المصادر إن غالبية الوقود المستورد تأتي من روسيا عبر أطراف ثالثة، ويتم بيعه بشكل غير قانوني إلى أوروبا بربح كبير من قبل المهربين، مما يترك الليبيين العاديين في طوابير طويلة في كثير من الأحيان لساعات طويلة للحصول على البنزين.