تقرير عن مجلس الأمن يجدد المخاوف من تواجد قوي لـ«تنظيم الدولة» في جنوب ليبيا

طرابلس – «القدس العربي»: أثار تقرير حديث صادر عن مجلس الأمن الدولي قضية تواجد عناصر “تنظيم الدولة الإسلامية” في دول إفريقية وعلى رأسها ليبيا مجدداً مع ركود نشاطها منذ حرب سرت التي تقع وسط ليبيا وسيطر عليها تنظيم الدولة قبل سنوات.
وأورد معطيات جديدة بشأن نشاط “تنظيم الدولة” في ليبيا، والذين لا يتجاوز عددهم 400 مقاتل في الجنوب والجنوب الغربي، حيث لجأ بعضهم إلى مناطق تعدين الذهب على الحدود مع النيجر، كما يُشكِّل الاتجار بالبشر والتهريب المصدر الرئيس لتمويل عملياتهم.
وتحدث مجلس الأمن الدولي، في أحدث تقرير له حول تهديدات ونشاط داعش حول العالم، معبراً عن قلقه من استمرار مساهمة أنشطة الجماعات المنتسبة للتنظيم المتطرف في تدهور الوضع بأجزاء من غرب إفريقيا ومنطقة الساحل.
وقال التقرير إن الصومال ما زال بلد عبور للمقاتلين من شمال إفريقيا إلى جنوب ليبيا ومالي وغرب القارة، على الرغم من النزاع الجاري في السودان.
وأشار إلى أن التنظيم نشاطه في ليبيا بمناطق نائية جنوب وجنوب غرب البلاد، حيث أشارت دولة عضو بالهيئة الأممية إلى أن بعض المقاتلين سافروا إلى مناطق تعدين الذهب في ليبيا والحدود مع النيجر.
وحسب التقرير، يشكل الاتجار بالبشر والتهريب المصدر الرئيس لدخل التنظيم، مشيراً إلى تجنيد بعض المنتمين إلى قبائل التبو وزعيمهم عبدالسلام درك الله غير المدرج على قائمة الجزاءات، ويتحركون في المناطق الصحراوية والجبلية من أجل تفادي اكتشافهم.
وقدَّر تقرير مجلس الأمن الدولي عناصر التنظيم الإرهابي ما بين 150 و400 من المقاتلين الفعليين، من بينهم مقاتلون من تشاد ونيجيريا والسودان مع الإشارة إلى أنهم لم يشنوا هجمات إرهابية.
وفي وقت سابق استطاع جهاز المخابرات الليبية أن يفكك خلية تابعة لـ”تنظيم الدولة” يقال إنها تحت قيادة عناصر سودانية، وفق التقرير الأممي، وهي تيسر نقل الأفراد من تشاد والسودان نحو ليبيا من أجل العبور إلى وجهات أخرى، وفككت أيضاً خلية أخرى مرتبطة بها كانت تعنى بالمعاملات المالية.
وحسب التقرير فإن بعض النساء أجبرن على الزواج من أفراد يزعم أنهم ينتمون إلى “تنظيم الدولة”، بينما أُجبرت أخريات على مرافقة أزواجهن لدى السفر من الخارج إلى ليبيا.
وخلال زيارة إلى مركز احتجاز النساء في طرابلس لاحظت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومفوضية حقوق الإنسان في وقت سابق أن النساء المحتجزات بدعوى ارتباطهن بالتنظيم محتجزات دون أي إجراءات قضائية، ويعشن ظروفاً قاسية، وقيل إنهن يخضعن للتعذيب وسوء المعاملة.
ورصد مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023 استمرار تهديد تنظيم داعش لأمن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إذ يتحمل مسؤولية 42% من الهجمات الإرهابية هناك، موضحاً أن التنظيم والجماعات الموالية كان نشطاً خصوصاً في ليبيا ومصر خلال العام 2022، رغم تراجعه في العراق وسوريا حيث خسر معظم أراضيه هناك.
وأضاف المؤشر، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام الدولي بأستراليا، أن التنظيم حوّل أنظاره إلى القارة الإفريقية معتمداً على أساليب وشبكات سرية لتنفيذ عملياته، وظل الأكثر دموية في العالم، رغم تراجع عدد الوفيات المرتبطة بهجمات التنظيم بنسبة 16%.
وفيما يتعلق بالوضع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يرصد المؤشر تراجعاً في مؤشرات السلام بشكل عام، مع تدهور التصنيف في 14 مؤشراً، وتسجيل تحسن في 9 فقط.
ويرصد المؤشر السنوي تمدداً في نشاط التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة في القارة الإفريقية، مع ارتفاع العنف الناتج عن الإرهاب في دول مثل بوركينا فاسو، ومالي، ونيجيريا، والنيجر، والكاميرون. وأصبحت منطقة الساحل عنيفة بشكل متزايد وازدادت الوفيات بها بأكثر من 21 مرة بين عامي 2007 و2022.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلن جهاز الرّدع لمكافحة الإرهاب القبض على مسؤول تنظيم داعش في ليبيا، والإطاحة بجميع قيادات التنظيم الإرهابي في البلاد.
وقال، في بيان عبر صفحته على فيسبوك، إن والي “تنظيم الدولة” في ليبيا هاشم أبو سدرة جرى ضبطه في وقت سابق، ثم تأجل الإعلان عن تاريخ اعتقاله، لتسهيل الإحاطة بعناصر التنظيم كافة ومكافحة منابعه في ليبيا، وسط ظروف معقدة لاصطياد الذئاب المنفردة بحذر وهدوء. إقليمياً، أوضح مجلس الأمن الدولي أن الجماعات المنتسبة إلى التنظيم تواجه استنزافاً في القيادة ونكسات مالية، لكنها احتفظت بقدرتها على شن هجمات إرهابية والتخطيط لتهديدات خارج مناطق عملياتها. ويساور المجلس القلق من تزايد استخدام التنظيم منظومات طائرات مسيرة عن بعد والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع.
وأعرب عن قلقه من ثلاثة اتجاهات تكتيكية عامة، أولها: انفراج محلي بين تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين في منطقة الساحل الإفريقي؛ مما أثر على مناطق أخرى، حيث بذلت كلتا الجماعتين جهوداً أقل بكثير لمحاربة بعضها البعض، وخصصتا المزيد من الموارد لأهداف أخرى.
وثاني الاتجاهات في العديد من المناطق، بما في ذلك منطقة الساحل وغرب إفريقيا، يتمثل في إعلان التنظيم مسؤوليته عن هجمات أقل بكثير مما يشنه من هجمات فعلياً. وقدرت دول أعضاء أن هذا الانخفاض في إعلان المسؤولية يأتي في إطار محاولة كسب عقول سكان المناطق التي يعمل فيها “تنظيم الدولة الإسلامية” دون التقليل بالفعل من عملياته.
أما الملاحظة الثالثة فهي الاعتراف بصعوبة الحصول على البيانات التجريبية، حيث لاحظ تقرير مجلس الأمن انخفاضاً كبيراً في عدد ووتيرة هجمات التنظيم في الأشهر الأربعة التي سبقت تشرين الثاني/ نوفمبر، لكن من اللافت ارتفاع المؤشر بشأن قدرات التنظيم القتالية.
وأورد مجلس الأمن أن الموارد المتاحة للتنظيم التي باتت تتناقص الآن، تقدر ما بين 10 ملايين و25 مليون دولار أمريكي. وأورد زيادة في استخدام العملات المشفرة، وقيل إن بعض الجماعات المنتسبة للتنظيم تستعمل منصات التواصل الاجتماعي لجمع الأموال عن طريق العملات المشفرة، حيث أصدرت تلك الجماعات نداءات بأكثر من 20 لغة لاستخدام العملة المشفرة.
وحسب المجلس، فإن التنظيم المتطرف في غرب إفريقيا واصل جمع الأموال محلياً من الأنشطة الإجرامية، بما في ذلك ابتزاز الصيادين والمزارعين وسرقة الماشية والاختطاف؛ طلباً للفدية، وبدأ في استكشاف الأنشطة الزراعية، مثل زراعة الفلفل الأحمر في البلدان المجاورة لبحيرة تشاد.
وتقدر الهيئة الأممية عدد مقاتلي تنظيم الدولة في غرب إفريقيا ما بين 4000 و7000 مقاتل، وأشارت إلى أن أبو مصعب البرناوي غير المدرج في قائمة الجزاءات ما زال قائد الجماعة.

Share this post