الخارجية السودانية: إعلان أديس أبابا تمهيد لتقسيم البلاد … وجولة حميدتي الافريقية حملة كاذبة لتسويق «قائد الميليشيات»

الخرطوم- اعتبرت وزارة الخارجية السودانية إعلان أديس أبابا الموقع بين تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) تمهيداً لتقسيم البلاد، متهمة المجموعة المكونة من عدد من الأحزاب السياسية والحركات المسلحة بموالاة «الدعم السريع».
في وقت أكدت «تقدم» أنها تعمل من أجل إنهاء الحرب، لافتة إلى أنها خاطبت قيادة الجيش والدعم السريع من أجل عقد اجتماعات عاجلة لوقف العدائيات، وأن اجتماعها مع حميدتي وتوقيع الإعلان السياسي جاء في ذلك السياق.
وجددت دعوتها لرئيس مجلس السيادة السوداني، القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، لعقد اجتماع عاجل من أجل التشاور حول عملية سياسية لإنهاء الحرب المندلعة ف شي البلاد منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي.
وقالت إنها بعثت كذلك خطابات لعدد من التنظيمات، بينها الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال قيادة عبد العزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور والحزب الشيوعي السوداني، وحزب البعث العربي الاشتراكي «الأصل»، تطلب فيها اجتماعات مباشرة وعاجلة لبحث سبل وقف وإنهاء الحرب وبناء أوسع جبهة مدنية ديمقراطية تتصدى لهذه المهمة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تشكلت تنسيقية «تقدم» في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث توافقت على أن يكون رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك رئيساً لهيئتها القيادية.
وأكدت على أن الهدف من إشعال الحرب المندلعة في البلاد منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي هو تصفية الثورة السودانية، ومعاقبة الشعب عليها، وإدخاله من جديد في سجن الاستبداد والفساد «كسيراً مقهوراً» بغلظة الحرب وجبروتها.
وتضم «تقدم» أحزاباً وحركات مسلحة سودانية بارزة بينها حزب الأمة القومي والمؤتمر السوداني وعدد من مكونات الجبهة الثورية التي يترأسها عضو المجلس السيادي السابق وزعيم حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي الهادي إدريس.
والثلاثاء الماضي، وقعت التنسيقية التي يترأسها رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك وتضم عدداً من الأحزاب والحركات المسلحة الداعية إلى إيقاف الحرب، إعلاناً سياسياً مع زعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) التزم خلاله بوقف العدائيات والجلوس في مباحثات مباشرة مع قائد الجيش دون شروط. إلا أن البرهان أعلن الجمعة الماضية رفضه الإعلان السياسي، مشدداً على أنه لن يتحاور مع حميدتي الذي اتهمه بالتمرد وتدمير البلاد. بينما حذر القوى المدنية من الاقتراب من حميدتي والتعامل معه معتبراً إياه متمرداً على الحكومة السودانية.
في المقابل، قالت «تقدم» في بيان، أمس الأحد، إنها ستواصل جهودها لاستعادة الاستقرار في البلاد ولن تدخر جهداً من أجل وقف وإنهاء الحرب، والتواصل مع كل القوى الثورية والوطنية الساعية لوقف الحرب والتحول المدني الديمقراطي، مؤكدة أنها تسارع الخطى لطي هذه الصفحة من تاريخ البلاد، واستشراف مستقبل أفضل للسودان تظلله قيم الوحدة والسلام والعدالة والحرية.
يأتي ذلك في وقت يواصل حميدتي جولته الخارجية الأولى منذ اندلاع الحرب السودانية، حيث زار عدداً من العواصم الإفريقية وعقد اجتماعات ثنائية مع رؤسائها، قال إنها بحثت الأوضاع في السودان.
الأمر الذي اعتبرته وزارة الخارجية السودانية حملة كاذبة ومحاولة فاشلة لإعادة تسويق حميدتي.
وقالت، في بيان أمس الأحد: «إن ميليشيات الجنجويد- في إشارة إلى قوات الدعم السريع-  وداعميها داخل وخارج إفريقيا، ابتدرت الأيام الماضية، حملة دعائية كاذبة لمحاولة إعادة تسويق قيادة الميليشيات الإرهابية، المسؤولة عن أسوأ انتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان في القارة، منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994».
ورأت أن زيارة حميدتي لعدد من الدول الإفريقية والأحاديث المنسوبة له عن استعداده لإقرار وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات سلام قائمة على الخداع والنفاق، مضيفة: «إن توقيع اتفاق مع مجموعة سياسية سودانية مؤيدة له من شأنه أن يمهد لتقسيم البلاد» في إشارة إلى إعلان أديس أبابا.
وفي وقت تمسكت بموقفها الرافض للعملية السياسية المقترحة من «تقدم» جددت الحكومة السودانية التزامها بتحقيق السلام.
ولفتت إلى أن إعلان جدة للمبادئ الإنسانية الموقع في 11 مايو/ أيار الماضي يمثل الإطار القانوني والسياسي الملزم لمعالجة المسائل الإنسانية ووقف إطلاق النار وبدء عملية السلام. وأنه كان من شأنه وضع نهاية مبكرة للأزمة إذا التزمت «الدعم السريع» بما وقعت عليه آنئذ.
وقالت إن قوات حميدتي لم تكتف فقط بالتنصل مما يلزمها به الإعلان من إخلاء الأعيان المدنية من مستشفيات وجامعات ومرافق عامة ودور عبادة وبيوت المواطنين العاديين، بل توسعت في احتلال المزيد منها.
وشددت على أن التزام الدعم السريع بتنفيذ إعلان جدة وإخلاء مئات الآلاف من منازل المواطنين والأعيان المدنية التي تحتلها وتستخدمها مراكز عسكرية وإخلاء المدن والقرى، هو شرط ضروري لبدء محادثات جديدة معها لأنه الضمانة الوحيدة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
وقالت إنها تجسيداً لذلك الالتزام رغم هجوم الدعم في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي على مدينة ود مدني، التي كانت تحتضن أكبر تجمع للنازحين من الحرب والمركز الرئيسي للعمليات الإنسانية، وافق رئيس مجلس السيادة على مقابلة حميدتي بتسهيل من منظمة الإيغاد. واتفق على أن تستضيف جيبوتي الاجتماع يوم 28 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ولكن قبل ساعات من مغادرة رئيس مجلس السيادة إلى جيبوتي، أبلغت رئاسة الإيغاد السودان بتأجيل الاجتماع لأسباب تتعلق بزعيم الدعم السريع غير معروفة حتى الآن.
واتهمت الدعم السريع بمواصلة ارتكاب جرائم التطهير العرقي والمجازر والعنف الجنسي حتى بعد الظهور العلني لقائدها، مشيرة إلى أن المناطق الريفية التي اجتاحتها الدعم السريع مؤخراً خاصة في ولاية الجزيرة نالت نصيبها من تلك الانتهاكات.
وقالت إن الدعم يفرض حصاراً على مناطق سكنية كاملة في العاصمة ويمنع وصول الأغذية والاحتياجات الإنسانية للمدنيين المحاصرين فيها، في انتهاك واضح لما تم التوقيع عليه يوم 7 نوفمبر/ تشرين الثاني في منبر جدة بشأن المساعدات الإنسانية.
وشددت الحكومة السودانية على أن تنفيذ إعلان جدة وما أعقبه من التزامات وانسحاب الدعم السريع من المدن وإخلاء ولاية الجزيرة هي مقدمات ضرورية تؤكد جدية الدعم في التوصل لوقف إطلاق النار ومن ثم البدء في عملية سلام شاملة.
ومنذ اندلاع الحرب السودانية يتبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الاتهامات بارتكاب انتهاكات ضد المدنيين وتدمير البنية التحتية في البلاد. في وقت تجاوز عدد ضحايا المعارك المتصاعدة في البلاد والتي دخلت شهرها التاسع، أكثر من 10 آلاف قتيل و7 ملايين نازح ولاجئ، فيما اعتبرته الأمم المتحدة أكثر أزمة نزوح في العالم.

نقلا عن صحيفة «القدس العربي»

Share this post