القاهرة – استضافت القاهرة جولة التفاوض الثالثة على المستوى الوزاري بشأن سد النهضة الإثيوبي يومي الاثنين والثلاثاء، بمشاركة ممثلين عن مصر والسودان وإثيوبيا، بحثًا عن اتفاق نهائي ملزم بخصوص ملء السد وتشغيله، وسط تضاؤل فرص الوصول إلى تفاهمات بين الدول الثلاث مع عدم إحراز تقدم في الجولتين السابقتين وضعف التعويل على الجولة الأخيرة في أديس أبابا خلال نوفمبر المقبل.
وأعلنت مصر، مساء الثلاثاء، عن “التوافق” على عقد جولة جديدة من المفاوضات بشأن “سد النهضة” في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
هذا الإعلان جاء في بيان لوزارة الري المصرية، التي استضافت جولة من المفاوضات استمرت يومين.
وقالت الوزارة: “انتهت مساء الثلاثاء بالقاهرة جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة”.
وهذه الجولة “عُقدت على المستوى الوزاري لمدة يومين، بمشاركة الوفود المعنية من مصر والسودان وإثيوبيا”، وفقا للبيان.
وتابعت الوزارة: “تم التوافق على عقد الجولة القادمة في أديس أبابا (لم تحدد تاريخ)، بغرض استكمال العملية التفاوضية التي بدأت على مدار الشهرين الماضيين، والتوصل بلا إبطاء لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي بناء على توافق الدول الثلاث”.
وخلال لقاء بالقاهرة في 13 يوليو/ تموز الماضي، اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على بدء مفاوضات “عاجلة” بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد تنتهي خلال أربعة أشهر.
واستضافت القاهرة جولة أولى من هذه المفاوضات في 27 أغسطس/آب الماضي، ثم عُقدت الجولة الثانية بأديس أبابا في سبتمبر/أيلول الماضي، وأخيرا الجولة التي انتهت في مصر الثلاثاء.
وجاءت هذه الجولات بعد تجميد للمفاوضات استمر أكثر من عامين، وتحديدا منذ أبريل/ نيسان 2021، إثر فشل مبادرة للاتحاد الإفريقي في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث.
وتتمسك دولتا مصب نهر النيل، مصر والسودان، بالتوصل أولا إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا بشأن ملء وتشغيل السد، ولاسيما في أوقات الجفاف؛ لضمان استمرار تدفق حصتيهما من مياه نهر النيل.
وتقول أديس أبابا إن السد ضروري لأغراض التنمية، خاصة من خلال توليد الكهرباء، وتشدد على أنها لا تستهدف الإضرار بأي طرف آخر.
وفي 10 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن آبي أحمد نجاح مرحلة رابعة من ملء خزان السد بالمياه، فيما اعتبرته القاهرة “انتهاكا جديدا من أديس أبابا وعبئا على المفاوضات”.
وشهدت جولة المفاوضات الأخيرة اختلافات حول تفسير نصوص اتفاق المبادئ الموقع في 2015، مع تمسك أديس أبابا بحصة رسمية -على غرار القاهرة والخرطوم- من مياه النهر تحت مسمى “الاستخدام المنصف”.
وأكدت إثيوبيا عقب انتهاء جولة القاهرة أنها “تسعى لإنهاء مفاوضات السد مع ضمان حصة عادلة من مياه النيل”، في إشارة إلى تمسكها بتخصيص حصة متفق عليها، وهي قضية محل رفض من جانب مصر التي تتمسك بالحصول على حصتها كاملة والمقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب سنويّا.
وتختبر أزمة سد النهضة القدرات الدبلوماسية المصرية التي اتخذت شكلا من التصعيد، مع توجيه رسائل إيجابية بشأن التعاون المستقبلي، لكنها لم تؤد إلى تطور يشير إلى أنها تمكنت من إثناء أديس أبابا عن موقفها المتعنت.
ولجأت الخارجية المصرية إلى مجلس الأمن مؤخرا ووجهت خطابًا بعد يوم واحد من إعلان إثيوبيا انتهاءها من الملء الرابع في الحادي عشر من سبتمبر الماضي، وجرى الإفصاح عن مضمون الخطاب بعد جولة المفاوضات التي عقدت في أديس أبابا قبل نهاية الشهر نفسه.
واعتبر الخطاب المصري أن إصرار أديس أبابا على الممارسات الأحادية يمكن أن يشكل تهديدا وجوديا لمصر واستقرارها، ومن ثم يمكن أن يعرّض للخطر السلام والأمن على الصعيدين الإقليمي والدولي
(اليراع-الاناضول)