الاستراليون يرفضون منح السكان الأصليين مزيدًا من الحقوق

راكب أمواج يسير قرب مركز اقتراع على شاطئ بوندي في سيدني في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2023 مع افتتاح مراكز الاقتراع في الاستفتاء التاريخي على حقوق السكان الأصليين في أستراليا

رفض الناخبون الأستراليون السبت منح السكان الأصليين مزيدًا من الحقوق، ما أدّى إلى إحباط خطط لتعديل دستور البلد القائم منذ 122 عامًا بعد استفتاء تاريخي مثير للانقسام ومشوب بالعنصرية.

 

وأظهرت نتائج التصويت في نحو 88% من مراكز الاقتراع أن 59 بالمئة من الناخبين صوتوا برفض الاعتراف بالسكان الأصليين وشعب جزر مضيق توريس في الدستور.

 

وكان من شأن الإصلاح المقترح أيضًا إنشاء هيئة استشارية تكون بمثابة “صوت” يخاطب البرلمان عبر منح السكان الأصليين الحق في استشارتهم في السياسات التي تؤثر عليهم، والمساعدة على التصدي لعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية العميقة.

 

ورغم الدعم الذي تلقته من حكومة يسار الوسط، كانت هزيمة الحملة المؤيدة للإصلاح متوقعة على نطاق واسع، حسبما أظهرت استطلاعات الرأي على مدى أشهر.

 

ودعا رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الأمّة إلى الاتحاد “بروح من الوحدة وتجاوز الانقسام”.

 

ولفت إلى أن الهزيمة ستشكّل “ثقلاً … يصعب تحمّله” على الغالبية العظمى من السكان الأصليين الأستراليين. وتابع “اعتبارًا من الغد، سنواصل كتابة الفصل التالي في ذلك التاريخ الأسترالي العظيم. وسنكتبه سويًا. ويجب أن تكون المصالحة جزءًا من هذا الفصل”.

 

وقالت وزيرة السكان الأصليين الأستراليين ليندا بورني، وهي أول امرأة من السكان الأصليين تُنتخب في مجلس النواب، “اليوم هو يوم حزن”.

 

ورغم الهزيمة المتوقعة، عبّر السكان الأصليون الأستراليون عن غضبهم واستيائهم من رفض الأغلبية البيضاء الاعتراف بالماضي الاستعماري الدموي للبلاد.

 

وقال مدير الحملة المؤيدة للإصلاح دين باركن “إنها نتيجة صعبة جدًا”، مضيفًا “فعلنا كل ما بوسعنا”.

 

– خوف وتضليل –

 

وبعد أكثر من 230 عامًا على وصول أولى السفن البريطانية الاستعمارية إلى سيدني، اقترح رئيس الحكومة أنتوني ألبانيزي التعديلات كخطوة نحو المصالحة العرقية.

 

لكن المقترح أثار جدلًا شابه خطاب مشحون بالحقد والعنصرية، كشف عن الهوة بين شعوب الأمم الأولى والأغلبية البيضاء.

 

وأظهرت استطلاعات الرأي باستمرار أن الناخبين، وغالبيتهم من البيض يصنفون قضايا السكان الأصليين في مرتبة أدنى بكثير في قائمة أولوياتهم.

 

وفي الأيام التي سبقت التصويت، كان اهتمام وسائل الإعلام منصبًا على الأحداث في الشرق الأوسط بقدر تركيزها على النقاش السياسي في الداخل.

 

ونجحت حملة المعارضة في توجيه دفة المخاوف بشأن دور وفعاليات الهيئة الاستشارية وشجعت الناس على التصويت بـ”لا” إذا كانوا مترددين.

 

وترافق النقاش مع انتشار معلومات مضللة على الإنترنت، ومنها ما ألمح إلى أن “الصوت” الذي تمثله الهيئة الاستشارية سيؤدي إلى الاستيلاء على أراض أو إلى نظام يشبه الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، أو أن الإصلاح جزء من مؤامرة ما من جانب الأمم المتحدة.

 

وعبّر زعيم المعارضة المحافظة بيتر داتون، الذي عارض الاستفتاء بشراسة، عن ارتياحه السبت لفشل التصويت الملزم. وقال “من الواضح أن الاستفتاء لم يكن ناجحًا وأعتقد أنه أمر جيد لبلادنا”.

 

وأضاف “في جميع الأوقات في هذه المناقشة، وجهت انتقاداتي إلى ما أعتبره فكرة سيئة، لتقسيم الأستراليين على أساس إرثهم أو الوقت الذي أتوا فيه إلى بلادنا”.

 

وعبر أحد زعماء السكان الأصليين توماس مايو عن الغضب إزاء سلوك الحملة الرافضة للإصلاح. وقال “لقد كذبوا على الشعب الأسترالي. لا ينبغي على الشعب الأسترالي أن ينسى هذا الكذب في ديموقراطيتنا”.

 

يقول مؤيدو الإصلاح الدستوري أن الاستماع للسكان الأصليين وشعب جزر مضيق توريس، سيساعد في وضع سياسات فاعلة.

 

من جانبهم، يرى معارضو الخطة أنها تفتقر للتفاصيل، وتخلق طبقة بيروقراطية غير ضرورية، وتفتح المجال أمام انقسام عرقي، وتمنح ميزات خاصة للسكان الأصليين ولن تقوم بالكثير لتحسين وضعهم.

 

استقرّ السكان الأصليون في المنطقة قبل حوالى 65 ألف عام لكنهم يعانون التمييز منذ نهاية القرن الثامن عشر إثر وصول المستوطنين البريطانيين وبسبب الحملات التي نفذت لقمعهم.

 

ولا تزال أوجه اللامساوة شديدة في أوساط السكان الأصليين، إذ تعاني هذه الأقلية من ظروف عيش أصعب ووصول محدود إلى الرعاية الصحية والتعليم ومن تدنّي الأجور ومتوسط العمر المتوقع.

Share this post