«الحركة الإسلامية» تتهم «الدعم السريع» باختطاف قياداتها… وتهدد بالمواجهة

هددت الحركة الإسلامية «الدعم السريع» بالمواجهة، مؤكدة أنها «لن تذل أو تستباح» وذلك بعد نشر القوات التي يتزعمها محمد حمدان دقلو «حميدتي» فيديوهات لقيادات إسلامية تقر بمشاركتهم في إشعال الحرب في البلاد.
وقالت الحركة في بيان إن «الدعم السريع اختطف هذه القيادات وأرغمها على تسجيل الفيديوهات».
وكانت صفحات قوات «الدعم السريع» قد نشرت مقاطع مصورة لرئيس التيار الإسلامي، محمد علي الجزولي، والقيادي الإسلامي وضابط الأمن السابق، أنس عمر، وذلك بعد أيام من اعتقالهما من قبل الدعم.
وحسب الحركة «الجزولي، أدلى في مقطع مصور تحت الإكراه والتهديد بإفادات تم إملاؤها عليه، يتهم فيها الحركة الاسلامية وقيادتها بتدبير حرب 15 أبريل/ نيسان الماضي» واصفة ذلك السلوك بـ«الإجرامي».
وأضافت: أنها «لا تستغرب مثل هذا العمل المشين لميليشيات الدعم السريع المتمرِّدة» ومن وصفتهم بـ«شبيحتها الذين أثبتوا لجميع أهل السودان، وضاعة نهجهم وعوار سلوكهم البربري وعدم احترامهم للناس وعقولهم وحقوقهم».
واتهمت «الدعم السريع» بـ«اقتحام المستشفيات والمرافق الخدمية ومنازل المواطنين المسالمين واحتلالها واغتصاب النساء ونهب الأموال من الملكيات الخاصة والمصارف وسيارات المواطنين بقوة السلاح في الطرقات العامة» مبدية عدم استغرابها من»اختلاق الكذب والتضليل والإرهاب» لإرضاء من وصفتهم بـ«أرباب نعمتهم» و«تبرير انقلابهم الفاشل».
وتابع بيان الحركة، موجها رسالة لـ«الدعم السريع» قال فيها: «إننا لسنا بطير مهيض الجناح، ولن نُستَذَلَّ ولن نُستباح، وقد نصحكم العقلاء من أهلكم بالكف عن صناعة العداء مع الإسلاميين، ولكنكم لم ترعووا، وغرّر بكم أصحاب الغرض حتى أوردوكم موارد الهلاك، فإن أبيتم إلا هذا الطريق فلن نتردد في المواجهة وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».
وشدد على أن الحركة، منذ أبريل/ نيسان 2019، سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، «التزمت بالحفاظ على أمن وسلامة البلاد، ومارست حقها في المعارضة السلمية رغم التنكيل والتضييق والإقصاء» وأن قياداتها رفضت «محاولات الانقلاب على النظام باسمها» على حد قولها.
وأضاف أن «ذاكرة الأحداث ما زالت تحتفظ بحجم البغض والكراهية ضد الحركة من أبناء دقلو» في إشارة إلى «حميدتي» وأخيه ونائبه «عبد الرحيم» ومن وصفتهم بـ«ربائبهم» من القوى السياسية، متهمة إياها بـ«التطاول وبث وترويج الأكاذيب للنيل من الإسلاميين».
وليل الثلاثاء، نشرت صفحات قوات «الدعم السريع» مقطعا للجزولي، الذي عرف عن نفسه خلاله بـ «رئيس تيار الإسلامي العريض» مشيرا إلى إنتمائه لتنظيم «الدولة الإسلامية» منذ أيام زعيمها أبو بكر البغدادي، وحتى الآن.
وقال إن «الحركة الإسلامية انتبهت لضرورة تنظيم حملة ضخمة لإسقاط الاتفاق الإطاري منذ توقيعه، بين الأطراف العسكرية وعدد من الأحزاب بينها مكونات الحرية والتغيير والحركات المسلحة، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي».
وأشار إلى أن «الحركة الإسلامية تواصلت مع المؤسسة العسكرية لإسقاط الاتفاق، وأنهم تلقوا تنويرا من رئيس الحركة علي كرتي مع بداية التصعيد العسكري في مدينة مروي شمال السودان، قال خلاله إن الجيش طالما وصف تحركات الدعم السريع بالتمرد، يعني ذلك أن حالة الاحتقان ستنفجر، وإن ساعة الصفر قد تكون السبت 15 أبريل/ نيسان الماضي. وقد كانت كذلك».
وواصل: «بالفعل يوم السبت في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحا، هاجمت مجموعات من الجيش وكتائب الإسلاميين، معسكر الدعم السريع في المدينة الرياضية بقيادة القيادي الإسلامي أنس عمر، وتخطيط من رئيس الحركة الإسلامية علي كرتي وآخرين».
وزاد: «أطلقت الرصاصة الأولى بالاعتداء على الدعم السريع» واصفا الأوضاع الحالية بـ«الكارثية» وأنه «يجب على جميع الأطراف التهدئة» ومعالجة ما وصفها بـ«الفتنة» وإلا «أصبح السودان مثل اليمن وليبيا وسوريا».
وختم: «يجب أن نضع أيدينا فوق أيدي بعضنا البعض، لإنقاذ البلاد قبل أن تصبح في خبر كان». وجاء المقطع المصور للجزولي، بعد يومين من نشر «الدعم السريع» مقطعا آخر للقيادي الإسلامي، وضابط الأمن السابق أنس عمر، الذي اتهمه الجزولي بقيادة الهجوم الأول ضد «الدعم السريع» وإشعال الحرب.
وأشار عمر خلال المقطع المصور إلى مشاركته في حرب جنوب السودان. وقال إنه عمل في إطار مخططات الحركة الإسلامية على تغيير وإسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وبدأ منذ وقت مبكر بالتعبئة ضدها.
وأوضح : «كنا مشرفين على التعبئة ضدها، وإسقاطها بالتنسيق مع رئيس المجلس السيادي القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان وأعضاء المجلس السيادي شمس الدين الكباشي وياسر العطا، وكذلك مدير عام منظومة الصناعات الدفاعية ميرغني إدريس».
وأضاف: «المؤتمر الوطني قرر رفض الاتفاق الإطاري وإسقاط ما ينتج عنه» مشيرا إلى أن «القادة العسكريين هم الذين حددوا ساعة الصفر لأحداث 15 أبريل/ نيسان الماضي، بينما تولت الحركة الإسلامية أمر التعبئة التي وصلت ذروتها في نهاية رمضان في محليات الخرطوم السبع وجميع الولايات».
وتصاعد العداء بين الإسلاميين و«حميدتي» منذ إطاحة الثورة الشعبية بنظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير، في إبريل/ نيسان 2019. وكان البشير قد إستدعى قوات «حميدتي» إلى العاصمة الخرطوم لحمايته في ظل مخاوف من انقلاب قادة الجيش عليه، إلا أن «حميدتي» تخلى عنه وإنحاز لضباط الجيش.
وبعد تولي البرهان رئاسة المجلس السيادي في الحكومة الانتقالية في أغسطس/ آب 2019، تم تعيين «حميدتي» نائب له، ومنذ ذلك الوقت بدأ الرجل الثاني في الدولة ببناء إمبراطورية اقتصادية وعسكرية مستقلة، ذات ارتباطات دولية وإقليمية، وصولا إلى انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، الذي أطاح بالشراكة مع المدنيين والحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك.
وفي أعقاب الانقلاب، تعقد المشهد السياسي في البلاد، وأصبحت الخلافات بين الأطراف تتصاعد يوماً بعد يوم، وسط استمرار التظاهرات الشعبية المطالبة بإنهاء حكم البرهان و«حميدتي».
وأثارت إعادة البرهان الإسلاميين إلى مؤسسات الدولة، مخاوف «حميدتي» الذي يعتبره الإسلاميون عدوهم اللدود، ويحملونه مسؤولية سقوط نظامهم الذي ظل قابضا على البلاد لثلاثة عقود. كما أن الحاكمين الفعليين للبلاد (البرهان- حميدتي) بدأت تتقاطع تحالفاتهما الداخلية والخارجية، على نحو يهدد وجود الآخر. وفي 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وقعت مكونات «الحرية والتغيير» والعسكر وعدد من التنظيمات السياسية الأخرى والحركات المسلحة اتفاقا اطاريا كان من المنتظر أن يقود إلى تسوية تعيد الانتقال الديمقراطي إلى البلاد، إلا أنه مثّل كذلك أساساً للخلافات بين الجيش والدعم السريع.
وفي أعقاب ذلك تصاعدت شيئاً فشيئاً الخلافات بين العسكر، واندلعت حرب التصريحات، بينما اشتدت مخاوف السودانيين، من احتمالية نشوب صدام مسلح بين الجيش والدعم السريع، وهو الأمر الذي أبدى قادة الحرية والتغيير قلقهم منه بشكل معلن، متهمين عناصر النظام السابق بدفع البلاد نحو الحرب الأهلية.
وفي صباح السبت 15 أبريل/ نيسان الماضي، تحولت مخاوف السودانيين إلى واقع، واندلعت حرب البرهان ـ «حميدتي» وسط اتهامات لطرف ثالث «الإسلاميين» في شوارع العاصمة الخرطوم وأنحاء أخرى في البلاد، مخلفة مئات القتلى وآلاف الجرحى، وسط دمار واسع للمواقع الاستراتيجية السيادية والعسكرية، لم تنج منه الأحياء السكنية والمشافي والمرافق المدنية.

«القدس العربي»

Share this post