«القدس العربي»: فريق خبراء أجانب يعتزمون زيارة السودان لتشريح جثامين المتظاهرين والسلطات تماطل

اليرع- القدس العربي- أعلن المستشار القانوني لأسر المفقودين في التظاهرات، عثمان البصري، عن بدء إجراءات دخول فريق تشريح دولي قادم من جامعة كولومبيا الأمريكية للسودان لتشريح الجثامين المتكدسة في كافة مشارح البلاد.
وأكد البصري لـصحيفة «القدس العربي» التي تصدر بلندن أن أسر المفقودين وحملة «دفن بلا عدالة – ضياع للمفقودين» التي نشطت مؤخرا للضغط على السلطات حول القضية، توافقت مع النائب العام خليفة أحمد خليفة، ووكالات الأمم المتحدة وبعض الجهات المهتمة بقضية تكدس الجثامين في المشارح على «ضرورة الاستعانة بالفريق المكون من خبراء دوليين للقيام بمهمة تشريح الجثث وكتابة التقارير ومواراة الجثامين الثرى وفقاً للبروتوكولات العالمية المعروفة».
وكشف عن تواصلهم مع فريق أجنبي (يشتهر باسم الفريق الأرجنتيني) الذي رحب بقبوله القيام بمهمة التشريح.
وبين أن الفريق الذي يتبع لجامعة كولومبيا الأمريكية قام بتشريح جثامين في 50 دولة، وسمي بـ«الأرجنتيني» لقيامه بتشريح مقابر جماعية للحرب الأرجنتينية.
وعلى مدى السنوات الماضية عرقلت السلطات الحكومية دخول هذا الفريق.
ومنذ اندلاع ثورة ديسمبر/كانون الأول في عام 2019، تكدست المشارح بالجثامين، خاصة في العاصمة السودانية الخرطوم، حيث قتل العديدون دون أن تعرف لهم هوية.
وأشار البصري إلى أنهم بالتنسيق مع مكتب النائب العام قاموا بإرسال قائمة بأسماء الخبراء البالغ عددهم 36، إلى وزارة الخارجية السودانية، لتسريع إجراءات دخول الفريق للبلاد للقيام بعملية التشريح ودفن الجثامين المتكدسة بالمشارح وفقاً للبروتوكولات العالمية حفاظاً على حقوقهم وصون كرامتهم الإنسانية
وفي أعقاب انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أصدرت السلطات قراراً بدفن الجثامين في المشارح.
ووفق البصري، كانت السلطات تريد تفريغ المشارح من الجثث، حيث أشار إلى أن أسر المفقودين رفضت أن تشرف هيئة إشراف الطب العدلي السوداني على تشريح الجثامين.
وقال: «دفعنا بمذكرة للنائب العام لتوقيف الدفن تحت إشراف هيئة الطب العدلي».
وأشار إلى تنظيم حملة (دفن بلا عدالة) وقفات احتجاجية، وأن اللجنة تواصلت مع النيابة العامة بشأن ضرورة حضور فريق أجنبي، مشيراً إلى «التواصل بعدها مع الفريق الأرجنتيني الذي أبدى موافقته، بالإضافة إلى اجتماعهم مع النيابة العامة ووزارة الخارجية لاستكمال إجراءات دخول الفريق للبلاد».
ولفت إلى طلب النيابة مدها بقائمة الخبراء، مشيراً إلى أن الفريق مكون من 36 خبيرا، وأن النائب العام ألحق المرفقات مع خطاب للخارجية لإكمال الإجراء.
وأضاف: «بعدها سيتم تحديد موعد حضوره، وسيأتي الوفد وتبدأ المراحل بحماية الجثامين والفرز وتتوالى المراحل»
وتابع: أن «لجنة المفقودين توصلت ضمن تحقيقات قامت بها إلى أن مجموعات الطب العدلي غير موثوق بها بسبب تضارب التقارير المقدمة للجثث نفسها بجانب تقديمها معلومات مضللة وما كشفته التحقيقات عن عملية بيع للجثامين داخل المشارح».
ويتجاوز عدد الجثامين في المشارح 3000 جثة، بينها المئات في فترة فض الاعتصام والأحداث التي تلتها، إلا أن مبادرة «مفقود» التي تعمل على رصد مفقودي الثورة السودانية، قالت إنها تلقت نحو 30 بلاغا فقط من أسر المفقودين خلال فترة أحداث فض اعتصام القيادة العامة، و5 في الفترة ما بعدها.
وعزا البصري ذلك إلى أن «العديد من المفقودين تقطن أسرهم في مناطق بعيدة عن العاصمة الخرطوم ومناطق عمل المبادرة، فضلا عن العديد من فاقدي السند (المشردين) كانوا موجودين لحظة فض الاعتصام، مضيفا «عدد الجثامين كبير جدا».
في ظل الأوضاع السيئة التي تحفظ فيها الجثامين، قال البصري: «أطلعنا الفريق على الأوضاع، حيث سيتم العمل على فرز الجثامين حتى لا تتحلل، بجانب استخلاص عينات، تليها مرحلة حماية الجثامين لأطول فترة ممكنة».
ممثلة أسر المفقودين سمية عثمان، قالت للصحيفة  ايضا إنهم يحملون السلطات، والقائمين على المشارح والطب العدلي، والمجلس الاستشاري الطبي، مسؤولية ما حدث للجثامين. وفيما تحدثت عن «تضليل متعمد» قالت: «نريد أن نعرف مكان أبنائنا المفقودين منذ عام 2019، ومصيرهم».
وأضافت: «طالبت أسر المفقودين بالفريق الأرجنتيني، بالتحديد للخبرات المتراكمة التي يملكها في العمل في أوضاع مشابهة لأوضاع في السودان».
وأشارت إلى أن «الفريق بدأ العمل من قبل وقابل أسر المفقودين واستمع لظروف اختفاء أبنائنا» مشددة على «رفضهم الشديد لأن يتم تشريح الجثماين في المشارح، والتي يشتبه أن يكون بينها مفقودون من فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة من قبل هيئة الطب العدلي السودانية، وأنهم كأسر مفقودين تعرضوا للتضليل وتلقوا تقارير متضاربة من الجهات المختصة في السودان، الأمر الذي جعلهم غير واثقين في عمل تلك الجهات».
وأضافت: «ربما يكون من بين العاملين في الطب العدلي والمشارح بعض النزيهين ولكن سكتوا عن كل التجاوزات التي حدثت ولذلك نعتبرهم أيضاً شركاء بحكم تجاربنا معهم كأسر».
وأكملت: «لقد أنكروا أن لديهم جثامين، عندما كنا نبحث عن أبنائنا، ثم قاموا بتضليلنا في التقارير حول الجثث، لقد طابقوا معنا كأسر لمفقودين، عينات فاسدة. فقدنا الثقة في خبراء التشريح المحليين بسبب تجاربنا معهم».
وأشارت إلى أن «المجلس الاستشاري الطبي كان يريد دفن الجثامين، على الرغم من إلمامهم بأن دفنها يعني طمس الأدلة».
وأكدت على أن «أسر المفقودين لن يهدأ لهم بال حتى يعرفوا مصير أبنائهم،» مشددة على أن كل ما حدث للجثامين في المشارح من طمس للأدلة، «مقصود حتى لا نعرف تفاصيل الذي حدث، نريد أن نعرف هل أبناؤنا ضمن الجثامين في المشارح أم في مكان آخر، هل هم أموات أم أحياء، وصول هذا الفريق الدولي المتخصص يمثل نصف الطريق للوصول إلى تلك الحقائق».
وقالت: «يجب أن نعرف مصير كل مفقود حتى يعرف كل منتهك أنه لن نسكت عن اختفاء أي مفقود».

Share this post