الخرطوم-اليراع الدولية -اعلام محلي ـ(تغطي القدس العربي): شارك آلاف المحتجين، امس الإثنين، في تظاهرات في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى، تطالب بإسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين.
ورفع المحتجون شعار اللاءات الثلاث «لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية» مع قادة الانقلاب.
ويأتي استمرار الحراك الشعبي الرافض للحكم العسكري في السودان، بعد إعلان المعارضة رفضها الانخراط في محادثات مباشرة مع قادة انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكانت الآلية الثلاثية المشتركة، المكونة من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) بدأت الأربعاء الماضي محادثات مباشرة شارك خلالها العسكر ومجموعات مدنية موالية لهم، بينما قاطعتها قوى «الحرية والتغيير» ولجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين. ولاحقا، في وقت متأخر من مساء السبت، أخطرت الآلية المشاركين في المحادثات بتعليقها إلى أجل غير مسمى.
ودعت تنسيقيات لجان المقاومة لتظاهرات الأمس، والتي انطلقت من داخل الأحياء السكنية، مؤكدة مواصلة المقاومة حتى إسقاط الانقلاب.
وإضافة إلى التظاهرات في مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم، الخرطوم بحري وأمدرمان، شارك آلاف المحتجين في تظاهرات في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد، ومدينة القضارف، شرقي السودان.
إرهاق الأمن
وقالت لجان مقاومة مدينة بحري، في بيان، أمس، إن تظاهرات الأحياء «تهدف إلى إرهاق القوات الأمنية وتشتيت محاولاتها لقمع التظاهرات التي تنطلق في مناطق عديدة، بالإضافة إلى أنها تسمح بمشاركة أكبر قدر من السودانيين في كل مناطق البلاد وفي كل القرى والمدن».
وأضافت: «لن نبرح أماكننا، فما زال القاتل حرا وما زالت الدماء تنزف وأرواح الأبرياء تحصدها آلة القمع والبطش».
ونفذ المحتجون في مدينة بحري وقفات أمام منازل ضحايا الانقلاب، هتفوا خلالها مطالبين بتحقيق العدالة، ومحاكمة كل المتورطين في قتل وقمع المتظاهرين.
ودعت لجان مقاومة بحري، في مخاطبة في سوق كوبر، شرقي المدينة، الضباط والجنود في القوات المسلحة السودانية وكل الأجهزة النظامية للانحياز لمطالب الشعب السوداني، والتوقف عن حماية مصالح فئة قليلة من العسكر الموجودين على رأس السلطة.
وقال المتحدث باسم لجان المقاومة، محمد حسن، خلال المخاطبة، إن الشارع السوداني يحترم مؤسسته العسكرية ولكنه «يرفض القادة الخمسة الذين قادوا الانقلاب وقاموا بتقويض الانتقال الديمقراطي في البلاد».
وأضاف: «المؤسسة العسكرية لديها مهام محددة، ويجب أن تلتزم بمهامها من أجل استقرار البلاد».
وأكد على «ضرورة وحدة قوى الثورة واستمرار التصعيد الشعبي، وصولا لإسقاط الانقلاب وبناء الحكم المدني الديمقراطي الذي يرضي طموحات الشعب السوداني».
بعد مقاطعة المعارضة المحادثات المباشرة مع قادة الانقلاب
وقال متحدث آخر، أيوب أحمد، إن مطالب السودانيين واضحة هي «الحرية والسلام والعدالة، في ظل الحكم المدني الكامل» مؤكدا أن التفاوض مع العسكر والشراكة معهم، جربها السودانيون وأثبتت فشلها، وأنهم لن يعيدوا الكرة مرة أخرى.
وأشار إلى أن كل السودانيين في مدن البلاد المختلفة خرجوا إلى الشوارع منذ اللحظة الأولى من عمر الانقلاب، رفضا للحكم العسكري، ولن يتراجعوا حتى النصر.
هتافات ثورية
وفي جنوب الخرطوم، طافت التظاهرات بين الأحياء وداخل الشوارع الفرعية وسط حضور واسع للأطفال وكبار السن، حيث حمل المحتجون العلم السوداني وصور ضحايا الانقلاب ورايات لجان المقاومة، مطالبين بإسقاط الانقلاب والسلطة المدنية الكاملة.
وعلى ايقاع الطبول، هتف المحتجون السودانيون: «الثورة ثورة شعب، السلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل» «نحن شعب أقوى والردة مستحيلة» «لا تفاوض، لا يا عسكر لا» وغيرها من الهتافات الثورية.
وطالب المتظاهر، مبارك عثمان (65 عاما) في تصريح لصحيفة «القدس العربي» اللندنية لجان المقاومة بتكوين حزب سياسي، مؤكدا أن «الأجيال الجديدة يجب أن تقود العمل السياسي في البلاد حتى لا تتكرر أخطاء الماضي وتنكسر الحلقة الشريرة، للانقلابات العسكرية».
وأضاف: «لا أدري لماذا يتمسك العسكر بالسلطة وهم حتى الآن لم يستطيعوا حتى تكوين حكومة، بينما تشهد البلاد انهيارا اقتصاديا وأمنيا وترديا في كل الخدمات؟».
كما قالت المتظاهرة خديجة السر (50 عاما) إنها كانت تخاف على أبنائها عندما يشاركون في التظاهرات، ولكن سقوط الضحايا في كل يوم جعلها تؤمن بأن «المقاومة هي قدر هذا الجيل».
وأشارت إلى أنها أصبحت تخرج مع رفيقاتها في الحي في التظاهرات غير المركزية، وشاركت في العديد من التظاهرات المركزية، مؤكدة أنهم لن يتركوا الشباب في مواجهة الموت وحدهم. وبينت أن «قوات الأمن تطلق الرصاص وعبوات الغاز المسيل للدموع داخل المنازل، الأمر الذي يعني أننا جميعا في خطر، طالما العسكر يسيطرون على السلطة، لذلك يجب أن نقاوم جميعا».
أما ميار عوض (26 عاما) فقالت للصحيفة إنها «سعيدة لأن الثورة أصبحت في كل بيت في السودان».
وأضافت: «في عام 2018، عندما بدأت الثورة السودانية، كنا نخفي على أهلنا أننا نشارك في التظاهرات، والآن هم معنا في الشوارع، رفضا للظلم والقهر».
وأكدت أن «السودانيين لن يتراجعوا أبدا، مهما كلفهم الأمر، وأنهم عازمون على بناء دولة الحرية والسلام والعدالة» مشددة على «رفض العودة للشراكة مع العسكر أو الدخول في أي شكل من أشكال التفاوض المباشر أو غير المباشر معهم».
وتابعت: «على المجتمع الدولي أن يفهم أن ما يحدث في السودان ثورة شعبية وليست أزمة سياسية تنتهي بجمع مجموعة من السياسيين والعسكر» مشددة على أن «أي اتفاق بين العسكر والسياسيين لن يكون له أي أثر على أرض الواقع وإنما سيزيد اشتعال الثورة»
وأكملت: نحن متمسكون باللاءات الثلاث «لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية» وسنواصل المقاومة حتى «إسقاط الانقلاب وتحقيق القصاص والعدالة لكل ضحايا الحكم العسكري».
ومنذ انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قتل 101 متظاهر خلال قمع الأجهزة الأمنية للاحتجاجات، معظمهم بالرصاص، بينما أصيب نحو 6000 آخرين.
وحسب تقرير نشرته منظمة «حاضرين» الناشطة في علاج مصابي الثورة السودانية، نشر، أمس الإثنين، فقد 15 سودانيا أعينهم منذ بداية الاحتجاجات الرافضة للانقلاب، وبترت أطراف 13 آخرين، وبالإضافة إلى 7 حالات استئصال لعضو حيوي و8 حالات شلل وحالة تدن في الوعي.
ورصدت 198 حالة إصابة بطلق ناري و118 بمتناثر الرصاص (سلاح الخرطوش) و15 بالرصاص المطاطي و23 بالقنابل الصوتية و206 بعبوات الغاز المسيل للدموع و16 حالة دهس بسيارات ومدرعات الأجهزة الأمنية، و77 حالة ضرب بالجانب السفلي للبندقية، بالإضافة إلى إصابات أخرى ناتجة عن الاختناق بالغاز المسيل للدموع والتعثر أثناء ملاحقة الأجهزة الأمنية للمتظاهرين.
ووفق «حاضرين» بلغت نسبة المصابين في الفئة العمرية الأقل من 18 عاما 19٪ من مجمل إصابات المحتجين، بينما كانت معظم الإصابات في الفئة ما بين 19-28 عاما، والتي بلغت 65٪، بالإضافة إلى 12٪ للفئة ما بين 29- 39 عاما، و4٪ للفئات الأكبر من 39 عاما.