الردة_مستحيلة” …الملايين يتظاهرون في الخرطوم والمدن السودانية وحول العالم رفضاً للانقلاب العسكري”

اليراع-وكالات-الخرطوم
حشد أنصار الحكم المدني في السودان قواهم في الشارع السبت 30 أكتوبر 2021 لإثبات قدرتهم على تحدّي انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وإعادة البلاد إلى عمليّة التحوّل الديموقراطي رغم القمع الدامي للاحتجاجات خلال الأيّام الخمسة الأخيرة.

ويراقب العالم رد فعل العسكريّين على هذه التظاهرات التي وعد منظّموها بأن تكون “مليونيّة” لكنها تحولت الى (مليونيات) في العاصمة السودانية وعدة مدن اخرى وحول العالم . وتعالت الأصوات عشيّة الاحتجاجات، محذّرة السلطات العسكريّة من استخدام العنف ضدّ المتظاهرين.

وقالت الناشطة من أجل الديموقراطيّة نهاني عباس لوكالة فرانس برس “العسكريّون لن يحكموننا، هذه هي رسالتنا”.

وأكّدت أنّ التظاهرة “المليونيّة” التي دُعي إليها السودانيّون السبت على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى جدران الخرطوم “ليست إلا “خطوة أولى”.

ففي بلد يحكمه عسكريّون بشكل شبه مستمرّ منذ استقلاله قبل 65 عاما، قرّر الشارع أن يقول “لا” السبت للفريق أوّل عبد الفتّاح البرهان الذي حلّ الاثنين كلّ مؤسّسات الحكم في البلاد واعتقل غالبيّة المسؤولين المدنيّين، ليستأثر العسكريّون بالسلطة.

بداية هادئة

صباح السبت كانت خطوط الهواتف مقطوعة في الخرطوم مع إمكان الاتصال من الخارج فقط بالهواتف السودانية. كذلك، كانت شبكة الانترنت مقطوعة.

وانتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارع الخرطوم وأغلقت الجسور المقامة على النيل التي تربط مناطق الخرطوم ببعضها. وأقامت هذه القوات أيضا نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسية حيث تقوم بتفتيش عشوائي للمارة والسيارات.

وناشد الموفد البريطاني للسودان وجنوب السودان روبرت فيرواذر قوات الأمن السودانية “احترام حق وحرية” المتظاهرين في التعبير عن أنفسهم. وكتب في تغريدة أن “التظاهر السلمي حق ديموقراطي أساسي وستتحمل أجهزة الأمن وقادتها المسؤولية عن أي عنف تجاه المتظاهرين”.

والشعار الأساسي لهذه التظاهرات هي “الردة مستحيلة” بعد عامين على الانتفاضة التي استمرت شهورا وانتهت بإسقاط عمر البشير في نيسان/أبريل 2019 وتشكيل سلطة انتقالية من المدنيين والعسكريين منوطة بها إدارة شؤون البلاد إلى حين تسليم الحكم إلى حكومة منتخبة ديموقراطيا عام 2023.

[videopress jMn0TgHc]

الواحدة بعد الظهر بتوقيت الثورة

وفي الساعة الواحدة بعد الظهر بتوقيت الخرطوم بدأت موجات الثوار تتدفق من كل صوب في العاصمة السودانية في مسيرات هادرة تقدر بالملايين في اتجاه وسط العاصمة والطرق التي تم تحديدها للاحتشاد مسبقا من قبل لجان المقاومة ونشرها تجمع المهنيين السودانيين
كما خرجت ملايين اخرى في العديد من مدن السودان في التوقيت نفسه وشاركهم السودانيين في العديد من دول العالم بالتظاهر امام دور سفاراتهم او المؤسسات الرسمية هنالك

-“سلميتنا سلاحنا الوحيد”

فور إطاحة البرهان المدنيّين قبل 5 أيّام، دخل السودانيّون في “عصيان مدني” وأقاموا متاريس في الشوارع لشلّ الحركة في البلاد.

وفي مواجهتهم، انهمر الرصاص الحّي والمطاط والقنابل المسيلة للدموع، ما أسفر عن سقوط تسعة قتلى بين المتظاهرين، حسب لجنة الأطباء المركزية السودانية.

لكنّ الناشطين مصرّون رغم كل شيء على أن تكون “المواكب” سلميّة، لأنّ “سلميّتنا هي سلاحنا الوحيد وقد نجح من قبل”، بحسب نهاني عباس.

فالمتظاهرون الذين يعِدون أيضًا بمسيرات في الشتات، يرون في ما يحدث تكرارا لـ “ثورة” 2019 التي استمرّت خمسة أشهر وسقط خلالها 250 قتيلاً.

– العالم يتابع

وحذرت منظمة العفو الدولية “القادة العسكريين من الحسابات الخاطئة”، مؤكّدةً أنّ “العالم يتابعهم ولن يسمح بمزيد من الدماء”.

وحضّت الولايات المتحدة الجمعة الجيش السوداني على عدم قمع تظاهرات السبت.

وقال مسؤول أميركي كبير لصحافيّين “نحن قلقون فعلاً حيال ما سيحصل غدا (السبت)”، مضيفا “سيكون الأمر اختبارا فعليا لنوايا العسكريين”.

كذلك، حضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجيش السوداني على “ضبط النفس” خلال تظاهرات السبت.

وقال خلال مؤتمر صحافي في روما “أدعو العسكريين الى إظهار ضبط النفس وعدم التسبب بسقوط مزيد من الضحايا. يجب أن يُسمح للناس بالتظاهر سلميا”.

والخميس طالب مجلس الأمن الدولي في بيان صدر بإجماع أعضائه، العسكريين في السودان بـ”عودة حكومة انتقاليّة يديرها مدنيّون”، مبديا “قلقه البالغ حيال الاستيلاء العسكري على السلطة”.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن “رسالتنا معا إلى السلطات العسكرية في السودان واضحة، ينبغي السماح للشعب السوداني بالتظاهر سلميا، وإعادة السلطة إلى الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون”.

وأكّد أن “الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوداني ونضاله اللاعنفي للمضيّ قدما نحو أهداف الثورة السودانية”.

ولا يزال العدد الأكبر من القادة المدنيّين معتقلين منذ خمسة أيّام أو قيد الإقامة الجبريّة.

وكانت قوات عسكرية أوقفتهم فجر الاثنين واقتحمت كذلك مقرّ التلفزيون الرسمي الذي أعلن من خلاله الفريق أول البرهان بعد ساعات حلّ كلّ المؤسّسات السياسيّة للمرحلة الانتقاليّة في البلد الذي يعدّ واحداً من الأفقر في العالم.

وأعلنت مؤسّسات حكوميّة ونقابيّة عدّة الانضمام إلى “العصيان المدني” الذي حوّل الخرطوم مدينة أشباح منذ خمسة أيام.

وتتوالى الدعوات إلى التظاهر، من نقابات وأحزاب، وحتى من بعض الوزارات ومسؤولي الولايات.

ويريد الناشطون أن تكون الشوارع السبت مليئة بالمتظاهرين أكثر من أيّ وقت مضى، وهو تحدٍّ في ظلّ اعتقال كثير من وجوه المجتمع المدني.

لكن، يفدي خبراء أن الناشطين أكثر تنظيما الآن بفضل تجربة 2019.

وهم يحظون بدعم المجتمع الدولي الذي فرض عقوبات على العسكريين.

فالولايات المتحدة والبنك الدولي جمّدا مساعداتهما للسودان الذي يعاني الفقر والغلاء المتزايد.

كذلك، قرّر الاتّحاد الإفريقي تعليق عضويّة الخرطوم، وطالب مجلس الأمن بالدفع باتّجاه العودة إلى مؤسّسات الحكم الانتقالي التي كان يُشارك فيها المدنيّون.

وقال عبد الجليل الباشا عشية التظاهرات لوكالة فرانس برس “السبت، سوف نستعيد مكاسب الثورة” ضد البشير.

واشنطن تراقب سلوك الجيش السوداني تجاه المظاهرة “المليونية”

وكانت الولايات المتحدة قد اكدت عشية مظاهرات السبت للاحتجاج على سيطرة الجيش السوداني على السلطة، أن ردّ فعله سيكون اختبارا لنوايا قادة الانقلاب العسكري الذي طالبته بالامتناع عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين.

وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية للصحافيين طالبا عدم نشر اسمه “غدا سيظهر مؤشر حقيقي على نوايا الجيش”. وأضاف “ندعو قوات الأمن إلى الإحجام عن أي شكل من أشكال العنف ضد المحتجين والاحترام الكامل لحق المواطنين في التظاهر السلمي”.

وعزز وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هذه الرسالة في وقت لاحق الجمعة، قائلا “يجب على قوات الأمن السودانية احترام حقوق الإنسان وأي عنف ضد المتظاهرين السلميين غير مقبول”. وأضاف على تويتر أن الولايات المتحدة تواصل الوقوف إلى جانب “شعب السودان في نضاله السلمي من أجل الديمقراطية”.

Share this post