28.7 C
Khartoum

لماذا الآن؟ أردوغان يعد البرهان بمزيد من الدعم

Published:

إسطنبول – تعهّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، بتعزيز التعاون بين تركيا والسودان، خلال استقباله في أنقرة قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي يخوض منذ أكثر من عامين حرباً مدمّرة ضد قوات الدعم السريع.

وذكرت الرئاسة التركية في بيان أن أردوغان “أشار إلى أن التعاون بين البلدين سيتسع في مجالات متعددة، من التجارة والزراعة إلى الصناعات الدفاعية والتعدين”. ولم تُنشر تفاصيل إضافية عن الاجتماع باستثناء صورتين للزعيمين على درج القصر الجمهوري وفي المكتب الرئاسي.

أردوغان، الذي يقدم دعماً اقتصادياً وعسكرياً للجيش السوداني، أعاد تأكيد إدانته لـ”إحدى أخطر الأزمات الإنسانية في العالم”، مشيراً إلى “ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لا سيما في منطقة الفاشر”. كما أعرب عن أمل بلاده في “الحفاظ على السلام والاستقرار وسلامة أراضي السودان”، مؤكداً استمرار المساعدات الإنسانية التركية للسكان المدنيين.

ووفقاً للبيان الرئاسي، فإن “الهدف هو تحقيق وقف دائم لإطلاق النار وإرساء السلام للشعب السوداني”.

حرب مستمرة ودعم متباين

يشهد السودان دماراً واسعاً منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، وسط تقارير عن انتهاكات جسيمة ومجاعة متزايدة.
ومنذ بداية النزاع، دعمت تركيا الجيش السوداني، خصوصاً عبر تزويده بطائرات مسيّرة، فيما تشير تقارير خبراء إلى تلقي قوات الدعم السريع دعماً من الإمارات، وهو ما تنفيه الأخيرة.

وتأتي زيارة البرهان إلى أنقرة في وقت تضغط فيه واشنطن وشركاء “الرباعية” (الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات) لوقف إطلاق النار مع اقتراب العام الجديد، في محاولة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
لكن مع غياب مؤشرات على قبول تسوية سياسية شاملة، وتقدم قوات الدعم السريع ميدانياً، يحتاج البرهان إلى دعم خارجي يمنحه قوة تفاوضية أكبر، خصوصاً بعد ضعف الاستجابة الأممية لمبادرة رئيس الوزراء المدني الأخيرة. ويبدو أن البرهان أراد بتلك الزيارة توجيه رسالة بأن الجيش ليس وحيداً، فيما سيعزز الدعم العسكري التركي موقعه في مواجهة قوات الدعم السريع.

تعاون دفاعي و بعد اقتصادي وإقليمي

أردوغان لم يُخفِ شمول التعاون “للصناعات الدفاعية”، ما يعني تفاقم حرب المسيّرات في السودان. وتشير تقديرات إلى أن جزءاً من تقدم الجيش السوداني الأخير يعود إلى استخدام طائرات تركية من طراز “بيرقدار”، وسط جدل متزايد حول أثر هذا النوع من السلاح على الخسائر المدنية وتوازن القوى.

وتتبنى أنقرة في السودان نموذجاً مألوفاً في سياستها الخارجية يقوم على تصدير السلاح كأداة نفوذ، ثم بناء شراكات ممتدة في مجالات التدريب والصيانة وتوريد الذخائر، وهو النمط نفسه الذي اتبعته في ليبيا وسوريا.

إدراج “التعدين” في بيان الرئاسة التركية يعكس تطلع أنقرة إلى فرص استثمار جديدة وتأمين موطئ قدم في السوق السوداني، الغني بالموارد والمرتبط جغرافياً بممرات التجارة في البحر الأحمر.
ويعيد ذلك إلى الأذهان اتفاقيات سابقة بين تركيا والسودان بشأن مواقع ساحلية مثل جزيرة سواكن، والتي جُمّدت لاحقاً بفعل التحولات السياسية، فيما تعيد الحرب الحالية فتح باب التنافس الإقليمي على السيطرة والتأثير في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم.

تناقض الأولويات الدولية

ورغم تأكيد أنقرة دعمها لجهود السلام، تكشف تحركاتها الميدانية عن مسار موازٍ وأحياناً متعارض مع نهج “الرباعية” الدولية. فبينما تركز واشنطن وشركاؤها على التهدئة الإنسانية كمدخل لعملية سياسية شاملة، تمضي تركيا في تعزيز دعمها العسكري للجيش السوداني.
وفي حين تتقاطع مصالحها جزئياً مع السعودية ومصر في تجنب انهيار الدولة السودانية، فإن التنافس المكتوم بينها وبين الإمارات على النفوذ في القرن الأفريقي والبحر الأحمر يضفي بعداً إضافياً على المشهد الإقليمي، بينما تبقى فاعلية الضغط الأميركي لوقف الحرب موضع شك في ظل محدودية أدواته وتأثير عقوباته على الطرفين.

المصدر: اليراع \ وكالات

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة