في أول تصريح رسمي له بشأن التطورات الدامية في إقليم دارفور وولاية شمال كردفان، دعا رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف ما وصفه بـ”الانتهاكات الجسيمة والفظائع المروعة” التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع في مدينتي الفاشر وبارا. وقال إدريس إن الحكومة السودانية تعتبر حماية المدنيين “أولوية وطنية قصوى” في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وتصاعد حدة العنف المسلح.
وفي مقابلة مع قناة الجزيرة، عبّر إدريس عن قلق حكومته البالغ إزاء ما يجري على الأرض، مشيراً إلى أن تقارير موثوقة محلية ودولية توثق عمليات قتل وإعدامات ميدانية واسعة النطاق، وهجمات استهدفت أحياءً سكنية ومرافق طبية وإغاثية. وأضاف أن استمرار الصمت الدولي “يُفاقم الكارثة ويُشجع مرتكبي الجرائم على المضي في انتهاك القانون الإنساني الدولي دون رادع”.
وأكد رئيس الوزراء أن حكومته وجهت كل المؤسسات الرسمية ذات الصلة بمتابعة الوضع الميداني في الفاشر وبارا، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والإسعافات للمناطق المنكوبة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في السودان. كما شدد على أن الحكومة السودانية “تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية في حماية مواطنيها”، رغم التعقيدات العسكرية التي تشهدها البلاد منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وفي حديثه، أشاد إدريس بصمود القوات المسلحة السودانية في مختلف جبهات القتال، مشيراً إلى أنها “تخوض معارك معقدة في بيئة ميدانية يصعب فيها التمييز بين المقاتلين والمدنيين”، لكنها كما قال “لا تزال ملتزمة التزاماً كاملاً بالقانون الإنساني الدولي وبالمبادئ الأخلاقية التي تحكم السلوك العسكري”.
ودعا رئيس الوزراء المجتمع الدولي، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمات الأمم المتحدة إلى “القيام بواجبها في فرض حل عاجل يوقف نزيف الدم ويضمن حماية المدنيين وفتح الممرات الآمنة للنازحين والمحتاجين.” كما طالب بفتح تحقيق دولي شفاف ومستقل في الجرائم والانتهاكات الموثقة في الفاشر وبارا، ومحاسبة المسؤولين عنها أياً كانت مواقعهم.
وختم إدريس حديثه قائلاً إن السودان “يواجه لحظة مفصلية من تاريخه”، داعياً إلى تضافر الجهود الوطنية والدولية لمنع تكرار سيناريوهات الإبادة الجماعية التي شهدها الإقليم قبل عقدين. وأضاف أن “العالم لم يعد أمامه رفاهية الوقت، فكل تأخير في التحرك يعني مزيداً من الضحايا، ومزيداً من التدهور في القيم الإنسانية التي يفترض أن تحكم المجتمع الدولي”.
