34.3 C
Khartoum

الأمم المتحدة: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم

Published:

الأمم المتحدة –  عقد أربعة من كبار المسؤولين في وكالات الأمم المتحدة الإنسانية مؤتمرًا صحافيًا عن بُعد للحديث عن الوضع المتدهور في السودان الذي يدخل عامه الثالث من الحرب الأهلية. وتحدث في الإحاطة كلٌّ من أوجوتشي دانييلز، نائبة المدير العام للعمليات في المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، وكيلي كليمنتس، نائبة المفوض السامي لشؤون اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وتيد تشايبان، نائب المدير التنفيذي لعمليات العمل الإنساني والإمدادات في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وفاليري غوارنييري، مساعدة المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي (WFP).

السودان يشهد أسوأ أزمة نزوح في العالم

استهلت دانييلز من المنظمة الدولية للهجرة الإحاطة بالإشارة إلى أن السودان يعيش اليوم “أسوأ أزمة نزوح في العالم”، حيث يحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية العاجلة، مع تسجيل 9.6 ملايين نازح داخليًا، و4.3 ملايين لاجئ عبروا الحدود إلى دول الجوار.

وأكدت أن هذه الكارثة تفاقمت بسبب انعدام الأمن الغذائي، وانتشار الأمراض، والفيضانات، والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، وانهيار الخدمات الأساسية والبنية التحتية، مشيرة إلى أن “الاستجابة الفاعلة تتطلب نهجًا مشتركًا بين جميع الوكالات الأممية العاملة في الميدان”.

وأوضحت أن المنظمة الدولية للهجرة تعمل حاليًا على مشروعات إنعاش مبكر، منها محطة مياه تعمل بالطاقة الشمسية في الخرطوم تخدم مناطق سُجلت فيها أعلى معدلات الكوليرا، كما أشارت إلى برنامج دعم يُموّله البنك الأفريقي للتنمية في نوفمبر/ تشرين الأول المقبل لإعادة تأهيل المرافق الصحية والتعليمية ومشاريع المياه في ولايات الجزيرة والنيل الأبيض والنيل الأزرق.

واختتمت دانييلز كلمتها بتجديد الدعوة إلى وقف فوري للقتال، وضمان حماية المدنيين، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، مؤكدة أن البيروقراطية الميدانية تُعيق عمليات الإغاثة.

ثلث الشعب السوداني نزح والعنف ضد النساء وصمة لن تزول

ثم تحدثت كيلي كليمنتس من المفوضية السامية للاجئين، التي عادت لتوّها من زيارة ميدانية إلى بورتسودان والخرطوم، حيث وصفت المشهد بأنه “أزمة حماية هي الأكبر في العالم”، موضحة أن واحدًا من كل ثلاثة سودانيين قد نزح عن منزله منذ اندلاع الحرب في أبريل/ نيسان 2023.

وروت كليمنتس مشاهداتها خلال زيارتها، حيث التقت نساءً وأطفالًا نزحوا مرارًا بسبب القتال. وأشارت إلى أن قصص الناجين تكشف عن استخدام الاغتصاب سلاحًا في الحرب، وأن “الندوب النفسية الناتجة عن هذه الانتهاكات قد لا تلتئم أبدًا”.

وأضافت أن هناك إشارات محدودة للأمل مع بدء بعض العائلات في العودة إلى الخرطوم وفتح المحال والمدارس، لكنها شددت على أن الظروف المعيشية ما تزال قاسية للغاية، وأن “النساء العائدات تحدّثن عن غياب المياه، وانعدام الرعاية الصحية، واستمرار القصف حتى أثناء محاولات إعادة الإعمار”.

كما نبهت إلى أن السودان، رغم الحرب، ما زال يستضيف نحو 900 ألف لاجئ من جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا، محذّرة من تصاعد مشاعر العداء تجاه الأجانب في بعض المناطق، وهو ما قد يهدد تقاليد السودان الطويلة في استضافة اللاجئين.

وختمت كليمنتس بدعوة المجتمع الدولي إلى زيادة التمويل وتوفير الحلول السياسية العاجلة، مؤكدة أن “الناس بحاجة إلى السلام الآن، لا لاحقًا”.

الأطفال يدفعون الثمن الأغلى

من جهته، حذّر تيد تشايبان من اليونيسف من أن السودان يشهد “أكبر أزمة إنسانية في العالم حاليًا”، مؤكدًا أن الأطفال هم الضحايا الرئيسيون. وأوضح أن أكثر من 14 مليون طفل باتوا خارج المدارس، أي ما يعادل أربعة من كل خمسة أطفال في البلاد.

وأضاف أن 1.4 مليون طفل يعيشون في مناطق تعاني من مجاعة أو مهددة بها، وأن 150 ألف طفل مرشحون للإصابة بسوء التغذية الحاد هذا العام في دارفور وحدها، مع تفشي الكوليرا والملاريا وأمراض أخرى بسبب انهيار النظام الصحي.

وتحدث تشايبان عن الوضع في الفاشر المحاصَرة منذ أكثر من 16 شهرًا، والتي يعيش فيها 250 ألف شخص بلا طعام أو مياه أو رعاية طبية. وقال: “رأيت أمهات وأطفالًا هاربين من القصف بعد أن جُردوا من كل شيء، وقطعوا مسافات طويلة سيرًا على الأقدام دون طعام”.

ورغم هذا الدمار، أشار إلى بوادر صمود، مثل قيام الأهالي بإصلاح المدارس وإنشاء مساحات آمنة للأطفال، مؤكدًا أن موظفي اليونيسف وشركاءهم يواصلون العمل “رغم المخاطر الهائلة”، حيث تم تحصين أكثر من 8 ملايين شخص ضد الكوليرا وتوفير المياه لـ11 مليون شخص.

25 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي

واختتمت فاليري غوارنييري من برنامج الأغذية العالمي الإحاطة بالتأكيد على أن السودان “من أولوياتنا القصوى”، موضحة أن البرنامج تمكن خلال الأشهر الماضية من مضاعفة عدد المستفيدين ليصل إلى 4 ملايين شخص شهريًا، رغم المخاطر التي تهدد حياة فرق الإغاثة.

وأشارت إلى أن الوضع في دارفور لا يزال بالغ الصعوبة، وأن قوافل المساعدات إلى الفاشر ما زالت عالقة بانتظار ضمانات للعبور الآمن. كما تحدثت عن مبادرات دعم المزارعين المحليين بالتعاون مع البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية، لتعزيز الإنتاج الزراعي في مناطق أكثر استقرارًا، خاصة في ولايتي الخرطوم وود مدني، حيث يمكن لتلك الجهود أن تربط الإغاثة الطارئة بالتنمية المستدامة.

لكنها حذّرت من أن الأزمة التمويلية تهدد استمرارية العمليات الإنسانية، مشيرة إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية للسودان “لم تُموّل سوى بنسبة 25 في المئة فقط”، وأن النقص الحاد في التمويل يعني أن “الملايين سيبقون بلا غذاء أو دعم”.

وفي ختام المؤتمر، كرر المسؤولون الأربعة نداءً مشتركًا لوقف القتال فورًا، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وضمان حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، مؤكدين أن الشعب السوداني، رغم المعاناة الهائلة، يواصل إظهار شجاعة وصمودًا استثنائيين.

المصدر : “القدس العربي”:

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة