الخرطوم ـ «القدس العربي»: أدانت نقابة الصحافيين السودانيين، الخميس، ما وصفتها بالانتهاكات الجسيمة المتواصلة ضد الصحافيين في البلاد، وذلك على خلفية اختطاف الصحافي مصطفى فضل المولى المعروف بـ«أبو قوته»، المدير العام لهيئة إذاعة وتلفزيون ولاية وسط دارفور، واختفاء الصحافي أشرف الحبر، منذ نحو عام.
وقالت النقابة إن المولى اختطف قبل أكثر من أسبوعين على يد قوات «الدعم السريع»، ويحتجز حالياً، حسب المعلومات المتوفرة، في مقر الشرطة في مدينة زالنجي بولاية وسط دارفور، دون توجيه أي تهم رسمية إليه، ودون السماح لأسرته أو محاميه بزيارته أو الاطمئنان على وضعه الصحي.
وأشارت إلى أن المولى لم يكن يمارس أي نشاط إعلامي منذ توقف الإذاعة الرسمية بسبب الحرب، مما يجعل احتجازه «استهدافًا تعسفيًا وانتهاكًا صارخًا لحريته الشخصية».
وطالبت بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحافي، محملةً قوات «الدعم السريع» المسؤولية الكاملة عن سلامته، منددةً بما وصفتها بـ«الممارسات المنهجية التي تنتهك حرية الصحافة وتعرض حياة الصحافيين للخطر».
كما عبرت النقابة عن «قلقها البالغ» إزاء استمرار فُقد الاتصال بالحبر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
ووفق أسرة الحبر، فإن شخصًا عرّف نفسه بأنه من «جهاز الأمن» أبلغهم عبر هاتفه الشخصي أن الحبر محتجز لديهم، مع وعود بالإفراج عنه قبل عيد الفطر الماضي، وهو ما لم يتم، وانقطع الاتصال به كليًا منذ ذلك الحين.
ودعت النقابة الجهات المختصة إلى الكشف الفوري عن مكان احتجاز الحبر، وتمكين أسرته ومحاميه من زيارته، مطالبةً النيابة العامة والقضاء بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المتورطين في هذا «الاحتجاز القسري وغير القانوني».
واعتبرت أن هذه الحوادث تمثل جزءًا من «نهج مقلق» يستهدف الصحافيين في السودان، سواء كانوا يمارسون مهنتهم فعليًا أو لا، وهو ما وصفته بأنه «جريمة ضد حرية التعبير وضد حق الشعب في المعرفة».
كما ناشدت النقابة المنظمات الحقوقية والإعلامية المحلية والدولية لمساندة قضايا الصحافيين السودانيين، والضغط على الجهات المعنية لوضع حدٍ لما وصفتها بـ«سياسة الترهيب والاعتقال التعسفي».
دعوة نقابية لوقف «سياسة الترهيب والاعتقال التعسفي»
ولفتت إلى أن الصحافيين السودانيين يواجهون منذ اندلاع الحرب انتهاكات متزايدة، تراوحت بين التهديد والاعتقال والقتل، مشيرةً إلى أن استمرار هذه الممارسات يمثل «وصمة عار» و«جرائم ضد الإنسانية ستُسجَّل في صفحات التاريخ السوداني الحديث».
وفي سياق متصل، أدانت تنسيقية لجان المقاومة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أمس الخميس، توقيف الصحافي معمر إبراهيم أثناء تأديته لمهامه الصحافية والإنسانية داخل أحد مراكز الإيواء في المدينة.
وقالت إن الصحافي تعرض لـ«الاستجواب والتفتيش ومصادرة هاتفه المحمول وبطاقته الشخصية»، ووصفت ما حدث بأنه «سلوك مرفوض لا ينسجم مع مبادئ حرية التعبير، ولا مع الاحترام الواجب للعمل الصحافي».
وأكدت أن «حرية الصحافة تمثل خطًا أحمر يجب عدم تجاوزه»، مشددة على ضرورة احترام العمل الصحافي في كل المدن وتحت كافة الظروف، خصوصًا في ظل الوضع الإنساني الكارثي الذي تمر به الفاشر، والذي يتطلب تغطية مهنية صادقة لنقل الحقائق وتوثيقها.
ورأت أن «تكرار مثل هذه الممارسات يمثل انتهاكًا صريحًا لحرية الإعلام، ويخلق بيئة ترهيب تؤثر بشكل مباشر على أداء الصحافيين واستقلالية عملهم المهني». وطالبت الجهات المعنية في المدينة بـ«ضمان عدم تكرار هذه التجاوزات، ومحاسبة أي جهة تتورط في مضايقة الصحافيين أو عرقلة أداء رسالتهم».
وكان إبراهيم، المعروف بتغطيته المستمرة للأوضاع في مدينة الفاشر منذ أكثر من عامين ونصف، قد أعلن أمس عن توقيفه من قِبل جهات «ادعت تبعيتها للأجهزة الأمنية في الولاية»، وذلك أثناء عمله على إعداد مادة صحافية تسلط الضوء على الجوانب الإنسانية في المدينة.
وأوضح إبراهيم أن تلك الجهات «منعته من التصوير، وقامت بتفتيش هاتفه بالكامل، وصادرت جهازه الشخصي وبطاقته، قبل أن تستجوبه لساعات طويلة».
ومنذ اندلاع الحرب منتصف إبريل/ نيسان من العام قبل الماضي قتل 31 صحافيا وصحافية، منهم من قتل أثناء أداء مهامه الصحافية، ومنهم من يُرجح أنه قتل على خلفية عمله الصحافي، أو نتيجة القيام بعمليات عسكرية في المناطق المدنية دون وضع أي اعتبار لسلامة المدنيين، ومن بينهم الصحافيون.
وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» قد حذرت من أن الصحافيين والصحافيات الذين يعملون على تغطية وقائع الحرب في السودان يتعرضون لانتهاكات خطيرة من الأطراف المتقاتلة تشمل الاعتقال والتعذيب والتهديد بالقتل والعنف الجنسي والإخفاء القسري، بجانب المنع من التغطية المتوازنة واتهامات التخوين، ما يجعلهم عرضة للخطر.
وقالت إن استهداف الصحافيين والتعتيم الإعلامي يشجعان مرتكبي الانتهاكات على مواصلة الهجمات وتطوير مختلف أشكال التضييق القمعية ضد الصحف والصحافيين على مستوى الميدان في السودان.