28.6 C
Khartoum

السودان يحلم بنشوة ألق الكان وفوق جبهة القتال

Published:

الخرطوم – الرباط (فرانس برس) عندما اندلعت الحرب في أبريل/نيسان 2023، كان عمّار طيفور في معسكر تدريبي مع نادي المريخ في الخرطوم.

يقول طيفور، لاعب خط الوسط البالغ من العمر 28 عامًا والمنتخب ضمن صفوف فريق السودان المشارك في كأس الأمم الأفريقية، لوكالة فرانس برس:

“أتذكر فقط الصدمة الأولى عند سماع دوي الطلقات. كانت مفاجأة تامة.”

ويضيف:

“بعد ذلك بأيام بدأت الانقطاعات في الكهرباء واستمر إطلاق النار بلا توقف. كان الأمر لا يُصدق.
كل ما أتمناه هو السلام، وأن يكون الجميع في أمان وينجون من هذه المحنة.”

ولد طيفور في الولايات المتحدة، ويقول إنه من بين المحظوظين، إذ عبّر عن امتنانه وسعادته لأن أفراد أسرته تمكنوا من مغادرة السودان.

أما حارس المرمى محمد النور، فواجه تجربة أكثر قسوة، بعدما اعتقلت قوات الدعم السريع شقيقه لمدة تسعة أشهر.

“لحسن الحظ، لم أفقد أحداً من عائلتي، لكن شقيقي أُسر على يد قوات الدعم السريع لمدة تسعة أشهر قبل أن يُفرج عنه”، يقول النور، مضيفاً:
“لقد شهدنا الرعب والموت، ولا نرجو سوى تحسّن الأوضاع.”

اندلعت الحرب قبل ما يقارب ثلاث سنوات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الحليفتين السابقتين، وخلفت آثاراً مدمرة على الشعب السوداني، حيث قُتل عشرات الآلاف ونزح أكثر من 11 مليون شخص، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة.

ورغم هذا الواقع القاسي، نجح المنتخب السوداني في التأهل إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية المقامة في المغرب، وفاز الأحد الماضي على غينيا الاستوائية بهدف دون مقابل في الدار البيضاء.

ويُعدّ هذا الفوز هو الثاني فقط للسودان في البطولة القارية خلال 18 مباراة عبر ست مشاركات منذ أن توّج باللقب عام 1970.

وسيلتقي صقور الجديان مع بوركينا فاسو في ختام دور المجموعات يوم الأربعاء، وهم ضامنون بالفعل للتأهل إلى دور الـ16، في إنجاز يُعدّ استثنائياً بالنظر إلى الظروف التي يعيشها البلد، إذ تأهل السودان إلى الأدوار الإقصائية مرة واحدة فقط منذ 1970، حين بلغ ربع النهائي في نسخة 2012.

“مسؤولية كبرى وشرف عظيم”

يقول طيفور:

“إنه لشرف كبير أن أمثل السودان في هذه الظروف، لكن لدينا أيضاً تطلعات كبيرة ونريد أن نذهب بعيداً وربما نفوز بالبطولة لإسعاد وطننا.”

ويضيف:

“ندرك حجم المسؤولية. كل واحد منا يعي ما يجري في بلده، ولنا جميعاً أقارب وأصدقاء تأثروا بالحرب.
لذا نبذل كل ما بوسعنا لإدخال بعض الفرح إلى قلوب الناس.”

أما زميله محمد النور، المعروف بلقب “أبوجا”، فقال إن الأوضاع الصعبة ألقت بظلالها على المنتخب:

“بالطبع تأثر الفريق، فقد حاول الجميع تجاوز هذه المرحلة القاسية وسط التوتر الذي يعم البلاد.
وفي النهاية، تبقى نتائجنا في الملعب هي التي ترسم البسمة على وجوه الناس وتمنحهم الأمل.”

كرة القدم السودانية في المنفى

ألحقت الحرب أضراراً جسيمة بكرة القدم السودانية، وأدت إلى توقف الدوري المحلي ونزوح أبرز أنديتها إلى الخارج.

فقد شارك الهلال والمريخ من أم درمان في الدوري الموريتاني الموسم الماضي، وعاد النشاط المحلي في يوليو/تموز، إلا أن الفريقين يلعبان حاليًا في رواندا.

وغادر بعض اللاعبين إلى دول أخرى، من بينهم طيفور الذي انتقل من المريخ إلى ليبيا، قبل أن يستقر في تونس.

ورغم هذه الاضطرابات، نجح المنتخب في تحقيق أداء استثنائي بقيادة المدرب الغاني كواسي أبياه، إذ تأهل إلى النهائيات على حساب منتخب بلاده السابق غانا، وقدم عروضاً قوية ضمن تصفيات كأس العالم، ففاز على الكونغو الديمقراطية وتعادل مع السنغال، منهياً المجموعة في المركز الثالث.

وفي أغسطس/آب الماضي، بلغ السودان نصف نهائي بطولة الأمم الأفريقية للمحليين، كما شارك في كأس العرب التي أقيمت في قطر مؤخراً.

يقول طيفور:

“حاولنا استغلال كل مباراة للتحضير وبناء الانسجام داخل المجموعة.”

أما الحارس محمد النور فيثني على مدربه قائلاً:

“أبياه شخص استثنائي، وقد تعلمنا منه الكثير.”

الآن، يستعد السودان لخوض مواجهة مصيرية في دور الـ16 من كأس الأمم الأفريقية، آملاً أن يبعث بعض الفرح في نفوس جمهوره داخل الوطن المكلوم.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة