31.6 C
Khartoum

تمرد جديد يهدد استقرار جنوب السودان بعد إعلان تأسيس “حركة الانتفاضة الوطنية”

Published:

جوبا – تشهد دولة جنوب السودان توتراً سياسياً متصاعداً بعد إعلان الفريق ويلسون دينق، نائب رئيس هيئة أركان الجيش الأسبق للعمليات وسفير البلاد السابق لدى جنوب إفريقيا، تمرده رسمياً على الحكومة وتأسيسه لحركة سياسية وعسكرية جديدة تحمل اسم “حركة الانتفاضة الوطنية”، في خطوة من شأنها أن تعيد البلاد إلى دائرة الانقسامات التي عانت منها منذ استقلالها عام 2011.

وقال الفريق دينق في بيان صادر عن حركته إن قراره جاء نتيجة ما وصفه بـ”فشل القيادة الحالية في تحقيق تطلعات الشعب” واستمرار تفشي الفساد وسوء الإدارة، داعياً مختلف القوى الاجتماعية والسياسية والقبلية إلى التوحد والعمل المشترك لإحداث تغيير جذري في بنية الحكم. وأضاف أن الشعب “لن يقف مكتوف الأيدي أمام الانهيار الاقتصادي وتدهور الخدمات العامة وانسداد الأفق السياسي”.

وحذّر دينق من أن تجاهل مطالب الحركة الجديدة سيؤدي إلى انتفاضة شعبية تهدف إلى إسقاط الحكومة، مؤكداً أن “الوسائل السلمية تبقى الخيار الأول”، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الحركة مستعدة لـ”استخدام كل الوسائل الممكنة للدفاع عن حقوق المواطنين” إذا تطلب الأمر ذلك.

ردود فعل وتحذيرات من التصعيد

ولم تصدر الحكومة في جوبا تعليقاً رسمياً فورياً على إعلان التمرد، إلا أن مسؤولين مقربين من القيادة وصفوا الخطوة بأنها “محاولة لزعزعة الاستقرار الوطني”، بينما دعا مراقبون محليون ودوليون إلى التحلي بضبط النفس وتغليب الحوار لتجنب انزلاق البلاد نحو صراع جديد.

ويرى محللون أن تحرك دينق، الذي يتمتع بخبرة عسكرية ودبلوماسية طويلة، قد يشكّل تحدياً حقيقياً للرئيس سلفا كير ميارديت، خصوصاً إذا تمكن من استقطاب قيادات منشقة من الجيش أو مجموعات قبلية مؤثرة في المناطق الجنوبية والغربية التي تشهد أصلاً توترات متكررة.

الخلفية والسياق العام

تأتي هذه التطورات في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في جنوب السودان، حيث يعاني ملايين المواطنين من انعدام الأمن الغذائي وارتفاع معدلات البطالة وتراجع الإيرادات النفطية التي تشكّل العمود الفقري لاقتصاد البلاد. كما ازدادت حدة الانتقادات الموجهة للحكومة بسبب التقاعس عن تنفيذ اتفاق السلام الموقع عام 2018 مع المعارضة بزعامة رياك مشار، والذي كان يفترض أن يمهد لمرحلة استقرار سياسي وانتخابات عامة لم تتحقق حتى الآن.

ويرى مراقبون أن ظهور “حركة الانتفاضة الوطنية” قد يعيد إلى الأذهان سيناريوهات الانقسام العسكري والسياسي التي شهدتها البلاد في السنوات الماضية، والتي أفضت إلى نزاعات دامية وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

ويخشى المجتمع الدولي من أن يسهم هذا الحراك الجديد في تعطيل الجهود الأممية والإقليمية الرامية لدفع عملية السلام، خاصة في ظل هشاشة الوضع الأمني وتزايد النزوح الداخلي وتراجع التمويل الإنساني.

دعوات للحوار والمصالحة

في المقابل، دعت منظمات المجتمع المدني والكنائس في جوبا إلى اعتماد الحوار كسبيل وحيد لتجنب عودة الحرب الأهلية، مطالبين المجتمع الدولي والاتحاد الإفريقي بـ”التحرك العاجل لدعم مبادرات الوساطة وإقناع الأطراف بعدم اللجوء إلى السلاح”.

ويؤكد مراقبون أن مستقبل هذا التمرد سيعتمد إلى حد كبير على حجم التأييد الشعبي والعسكري الذي ستحظى به حركة الفريق دينق، وعلى مدى استجابة الحكومة لمطالب الإصلاح وإشارات الانفتاح السياسي خلال المرحلة المقبلة.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة