32.9 C
Khartoum

بعد ترحيب الجيش والدعم السريع والأحزاب بتحرك واشنطن لإنهاء حرب السودان.. العيون على “الرباعية”

Published:

رحّبت قوات الدعم السريع بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه “وضع حد للحرب” في السودان، مؤكدة استعدادها للتجاوب “الكامل والجدي” مع جهود الوساطة، وبموازاة ذلك أعلن مجلس السيادة الانتقالي، برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، استعداده كذلك للتعاون مع واشنطن والرياض لتحقيق “سلام عادل ومنصف”، وذلك بعد تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعمل على إنهاء الحرب بناء على طلب مباشر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

الأحزاب ترحب

وإلى موجة الترحيب بالموقف الأميركي الجديد انضمت عدة قوى سياسية من بينها “التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة” برئاسة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، الذي اعتبر أن الخطوة يمكن أن تمنح جهود الرباعية الدولية (لولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات) زخماً إضافياً”، وأكد أن هذا التطور قد يسهِم في الدفع نحو “هدنة إنسانية عاجلة” توقف استهداف المدنيين وتتيح وصول المساعدات دون عوائق.

حزب الأمة القومي والتجمع الاتحادي وحزب المؤتمر السوداني وتحالف التراضي الوطني، وتحالف السودان التأسيس، كل هذه الأحزاب أبدت موقفا بدا أنه إجماع على الترحيب بخطوة اعتبروها “تحولا إيجابيا” بالجهود الدولية لوقف الحرب في بلادهم بعد تحولها لأسوأ أزمة إنسانية في العالم وفق الأمم المتحدة.

المجتمع المدني: تحفظات على معالجة جذور الأزمة

ورغم تفاؤله جاء موقف المجتمع المدني أكثر حذراً، فقد أعرب “تحالف صمود” الذي يضم لجان مقاومة ونقابات ومنظمات نسائية عن أمله في أن يضيف الموقف الأميركي زخماً لجهود الوساطة، لكنه شكّك في قدرة المبادرات المطروحة على معالجة جذور “النزاع المعقّد”.

كما حذّر الباحث كاميرون هادسون من “مركز الدراسات الاستراتيجية” وذلك في مداخلة مع إذاعة فرنسا الدولية” من أن تأثير ترامب سيكون محدوداً داخل السودان، وأن نفوذه قد يُمارَس أساساً على الأطراف الخارجية المؤثرة في الحرب كالإمارات ومصر وتركيا وقطر وهو ما ألمح له مستشار للرئيس الأميركي لشؤون أفريقيا مسعد بولس.

واشنطن بدأت العمل

بولس أكد أن واشنطن بدأت العمل على هدنة إنسانية في السودان، وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع شركائها لوضع حد لتدفق الأسلحة من الخارج للأطراف المتحاربة هناك.

وعندما أعلن بولس عن اتفاق السلام في 27 يونيو/حزيران بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، قال إن السودان سيكون التالي على قائمته، فيما يقول مكتبه إن السودان الآن على رأس أولوياته إدراكا منه لحجم الأزمة وخطورتها، وربما أيضا نزولا عند رغبة ترامب بأن يُنظر إليه كـ”صانع سلام عالمي”.

وربما يكمن السؤال الأبرز في ظل عامين من الارتباك الذي رافق جهود صنع السلام في السودان فيما إذا كانت واشنطن مستعدة فعلاً لرفع مستوى انخراطها والدخول في عملية شاقة وطويلة، تتطلّب منها تقديم حوافز وضغوط على كل من شركاءها في “الرباعية”، والأطراف السودانية المتحاربة من أجل إنهاء الحرب.

كما يبرز سؤال فيما إذا كانت الجهود الأمريكية ستكمل جهود الرباعية أم أنها ستخلص إلى “خطة ببنود خاصة” على غرار خطط ترامب للسلام في غزة وأوكرانيا.

هل حسمت “الرباعية الدولية” أمرها؟

وفي حين يتهم الجيش الإمارات وهي إحدى دول الرباعية بتقديم الدعم العسكري والمادي لقوات الدعم السريع، فإن مصر وهي أيضا إحدى دول الرباعية استقبل رئيسها عبد الفتاح السيسي قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في القاهرة، القاهرة التي تفضل دعم مؤسسات السودان بما فيها الجيش رغم الاتهامات الموجهة إليه، على التعامل مع “قوات شبه عسكرية”.

ويتزامن التحرك الأميركي مع تجدد مساعي “الرباعية الدولية” وهي الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر لإحياء عملية السلام، بعد أن قدمت في أيلول/سبتمبر الماضي خطة تتضمن هدنة أولية لثلاثة أشهر كمدخل لوقف دائم لإطلاق النار، يليها مسار انتقالي يُستكمل خلال تسعة أشهر، يفضي إلى قيام حكومة مدنية ذات قاعدة شرعية واسعة، وتشير التحركات الأخيرة إلى احتمال استئناف هذه الجهود بزخم أكبر بعد مواقف واشنطن والرياض.

وترعى الرياض وواشنطن منذ 6 مايو/أيار 2023 محادثات بين الجيش السوداني و”الدعم السريع” أسفرت يومها عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، تبعها إعلان أكثر من هدنة وقع خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتحاربين، ما دفع الرياض وواشنطن لتعليق المفاوضات.

اشتداد المعارك وتفاقم الكارثة

تواصل قوات الدعم السريع توسيع نفوذها بعد سيطرتها على الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور، متقدمة نحو مناطق استراتيجية في كردفان، بينها مدينة بابنوسة المحاصَرة منذ يناير 2024.

وفي ظل اتساع رقعة القتال، تتحدث الأمم المتحدة عن “مجازر وانتهاكات جنسية، واغتصاب، ونهب، ونزوح واسع” في دارفور.

ومع اشتداد المعارك، تتعمّق المأساة الإنسانية بسقوط عشرات الآلاف من القتلى، ونزوح أكثر من 13 مليون، إضافة إلى انهيار اقتصادي واجتماعي شامل.

عامان من الحرب

اندلعت الحرب في السودان عام 2023، بعد أربع سنوات فقط من الانتفاضة الشعبية التي أسقطت حكم عمر البشير الذي امتد لثلاثة عقود، ورغم أن قادته العسكريين أطاحوا به، فإنهم احتفظوا بالسلطة، وتقاسم الفريق عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” الحكم مع المدنيين لفترة وجيزة قبل أن ينقضا على الحكومة المدنية في 2021.

لكن شراكتهما سرعان ما انهارت، ومع الضغوط الدولية للعودة إلى الحكم المدني تصاعدت الخلافات، بشأن دمج الدعم السريع في الجيش الذي يتهمه دقلو بأنه مخترق من “الإسلام السياسي” ويضم “قيادات إسلامية من النظام السابق”، وفي 15 أبريل 2023 انفجرت الأزمة في معركة دامية للسيطرة على الخرطوم، لتتقاسم القوتان المتحاربتان السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد وتغرق السودان في حرب شاملة.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة