26.1 C
Khartoum

رأي اليراع في نفي الامارات مرة اخرى التورط في النزاع السوداني رغم الاتهامات الدولية والمحلية المتزايدة

Published:

على الرغم من الأدلة المحلية والدولية التي تشير إلى تورط دولة الإمارات في النزاع الدموي الدائر في السودان، تواصل الإمارات إنكار أي دور لها في الصراع، مكافئة تلك الاتهامات بصفحات من الإنكار والتبرير. صحيفة أخبار الخليج الرسمية الصادرة أمس، أكدت نفي الإمارات لدورها في النزاع واتهامات تمويل ودعم مليشيات الجنجويد، المعروفة باسم قوات الدعم السريع، التي اتُهمت بارتكاب جرائم دموية واسعة.

في ذات الصدد، أعلنت الصحيفة أن الإمارات تبرعت بمبلغ 3.9 مليار دولار لدعم الجهود الإنسانية في السودان، مؤكدة أن هذه التبرعات تعكس حرصها على بناء علاقات تعاون وثقة مع السودان وشعبه. وشدّدت الصحيفة على أن التقارير السودانية والدولية التي تتهم الإمارات بالضلوع في الصراع هي «أكاذيب هدفها تشويه صورة وسمعة الإمارات»، مستشهدة بقرار محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعه السودان عليها، رغم أن المحكمة رفضت الحكم لصالح السودان لأسباب قانونية وإجرائية وليس على خلفية صحة أو بطلان الاتهامات.

واستعرضت الصحيفة تواريخ وحجم التبرعات الإنسانية التي قدمتها الإمارات للسودان خلال السنوات الماضية، مسلطة الضوء على دورها في تقديم الدعم المادي والإنساني، معتبرة أن ذلك ينفي أي تهمة بالتورط في أعمال العنف أو تمويل الميليشيات.

إنكار الإمارات بين الدعاية والحقيقة: هل يكفي المال لتبرئة الذمة؟

في مقابل التصريحات الإماراتية المتكررة بإنكار أي تورط في النزاع، يتساءل مراقبون وخبراء سياسيون حول ما إذا كان هذا الإنكار كافياً في ظل ظهور المزيد من الأدلة، في وقت تواجه الدولة ثغرات متزايدة في تعاطيها مع الأزمة السودانية. يرى محللو اليراع أن سياسة التبرؤ المستميتة من أي علاقة بالنزاع تمثل في الواقع «غطاء دعائي» يحاول تقليل الردود الدولية المنددة وكشف الجرائم التي باتت مرتبطة بالميليشيات المدعومة سراً إماراتياً.

المحللون يشيرون إلى أن الإمارات، التي تعد من أغنى دول العالم وقدمت تبرعات ضخمة، من غير المرجح أن يدفع المال وحده لتعويض الأضرار البشرية والاجتماعية والبنية التحتية المدمرة، التي نتجت عن الدعم المزعوم لمليشيات قامت بما وصفته منظمات حقوق الإنسان بـ«فظائع بشعة» شملت قتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتهجير الملايين، فضلاً عن نهب ثروات السودان على مدى عقود.

البعد القانوني الدولي:  اراء الخبراء

وكان قد ذكر أستاذ قانون دولي وعضو في منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان، إن «القانون الدولي يفرض على الدول الالتزام بعدم التدخل في النزاعات الداخلية للدول الأخرى، خصوصًا حين يتعلق الأمر بدعم فصائل مسلحة ترتكب انتهاكات جسيمة. إذا ثبت تورط الإمارات في دعم هذه المليشيات، فإنها قد تواجه مساءلة قانونية دولية وجزاءات متعددة، بما في ذلك مقاضاة قادتها في محاكم دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية».

مضيفا : «القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في القضية المقامة من السودان ضد الإمارات لا يلغي وجود أدلة أخرى كثيرة على تورطها، إذ رفض الحكم لأسباب إجرائية، وليس لبراءة المدعى عليها. لذا من الضروري استكمال التحقيقات ذات الشفافية لتحديد المسؤوليات».

من جهتها، قالت ناشطة حقوقية سودانية، إن «التجاهل الإماراتي للاتهامات والإصرار على التبرؤ منهما يشكل تحديًا للعدالة ويطيل أمد المعاناة الإنسانية في السودان. لا تستطيع الأموال وحدها أن تغسل دماء آلاف القتلى أو أن تعيد للمشردين بيوتهم المهدمة».

الصدمة الإنسانية: نزوح ودمار واسع

في الميدان، القتال المستمر تسبب في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتهجير ملايين آخرين من منازلهم. تنقلت أعداد ضخمة من النازحين داخلياً وخارج البلاد، فيما تتسع دائرة المعاناة بسبب تفكك الخدمات الأساسية ودمار البنية التحتية.

تقارير عدة من منظمات إغاثة دولية وأممية توضح أن المدنيين يعيشون في ظروف مروعة تفتقر إلى الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، مع تزايد أعداد النازحين داخلياً التي تعكس حجم الكارثة الإنسانية.

وجوب المساءلة والبحث عن الحل

يبقى التحدي الأكبر هو جرّ الأطراف المتورطة إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية. وفي ظل استمرار نفي الإمارات، يجب على المجتمع الدولي تصعيد التحقيقات ومطالباته بالشفافية والعدالة، وفتح تحقيقات مستقلة تمنع إفلات المسؤولين من العقاب.

في الوقت نفسه، يحتاج السودان إلى دعم دولي شامل يركز على وقف العنف وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، إلى جانب توفير الحماية للمدنيين وعودة النازحين إلى ديارهم بكرامة.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة