حذّرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان من أن البلاد تقترب من اندلاع حرب جديدة شاملة، مع تفاقم العنف السياسي وانهيار مؤسسات الدولة. ودعت المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل لمنع انهيار عملية الانتقال السياسي التي تمرّ بـ”مرحلة حرجة”.
وخلال جلسة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال المفوض بارني أفاكو إن اتفاق السلام الموقّع عام 2018 يتداعى تحت وطأة تجدد القتال وعمليات الاعتقال والقصف الجوي على مناطق مدنية، مشيرًا إلى أن وقف إطلاق النار لم يعد قائمًا وأن الانتهاكات الواسعة تُهدد بعودة البلاد إلى دوامة الحرب.
وأفادت اللجنة الأممية بأن الاشتباكات المسلحة بلغت أعلى مستوياتها منذ عام 2017، نتيجة تصاعد الخلافات السياسية والتوترات العرقية، بينما أدت عمليات العنف منذ مارس إلى نزوح أكثر من 370 ألف شخص، وارتفع عدد اللاجئين والنازحين إلى نحو 4.5 ملايين داخل البلاد وخارجها.
رئيسة اللجنة، ياسمين سوكا، أكدت أن ما يعانيه المدنيون “ليس أثرًا جانبيًا للنزاع، بل نتيجة مباشرة لفشل سياسي ممنهج”، مشيرة إلى أن المدنيين يتعرضون للقصف والنساء للعنف الجنسي والأطفال للتجنيد القسري. ودعت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى تكثيف الجهود لإنهاء الإفلات من العقاب، مؤكدة أن “السلام لا يتحقق بالشعارات بل بإجراءات ملموسة تحمي المدنيين وتضمن العدالة”.
وأظهر التقرير الأخير للجنة، المقدم في فبراير إلى مجلس حقوق الإنسان، استمرار احتجاز المعارضين السياسيين تعسفيًا وانتشار العنف الجنسي والإعدامات خارج نطاق القانون، في ظل غياب أي إصلاحات ملموسة رغم التعهدات الحكومية المتكررة.
كما حذّر المفوض كارلوس كاستريسانا فرنانديز من أن الفساد يشكل أحد محركات الصراع الأساسية، مشيرًا إلى أن مليارات الدولارات من عائدات النفط تُختلس بينما يعيش معظم السكان في فقر مدقع ويعاني النظام الصحي والتعليمي من الانهيار. واستند فرنانديز إلى تقرير اللجنة الصادر في سبتمبر بعنوان “نهب أمة”، الذي كشف كيف حُوّلت عائدات النفط إلى وقود للصراع بدل التنمية.
وفي ختام الجلسة، دعت اللجنة إلى تسريع إنشاء المحكمة الهجينة الخاصة بجنوب السودان، وحثت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على دفع مسار سياسي شامل يضم جميع الأطراف. وقالت سوكا إن “شعب جنوب السودان لا يحتمل انهيارًا جديدًا”، مشددة على ضرورة الانتقال من الأقوال إلى الأفعال لضمان العدالة وبناء مؤسسات تخدم المواطنين لا النخب الحاكمة.
