أثار إعلان إثيوبيا بشأن قرب اكتمال أعمال البناء بسد جديد مخاوف متجددة بشأن حصة دول الجوار من مياه نهر النيل، ومدى توافق مصالح تلك الدول مع الاحتياجات الوطنية الإثيوبية، والآثار المترتبة على الاستقرار الإقليمي، المائي والسياسي والاقتصادي والأمني. ويعتبر سد كويشا الثاني من حيث الحجم والأهمية في إثيوبيا، بعد سد النهضة المثير للجدل، وأقيم على نهر ليس من روافد نهر النيل. ويثير السد مخاوف مراقبين من أن يكون جزءا من سلسلة من السدود تعتزم إثيوبيا بناءها خلف النهضة، ما يوحي بأن الأزمة المائية مع مصر تحديدا مازالت في طور النمو، وأن فصولا جديدة منها ستتكشف في القادم من الأيام.
أعلنت السلطات الإثيوبية أن أعمال البناء في سد كويشا بلغت نسبة 70%، وهو يعتبر ثاني أكبر السدود في البلاد بعد سد النهضة. وتسعى أديس أباب إلى أن تخزن 9 مليار متر مكعب خلف السد الجديد، في إطار مشروعها الاستراتيجي لتأمين حاجتها من الطاقة، وتصدير الفائض إلى دول الجوار.
ويقع السد على نهر أومو (جنوب غرب)، وهو ليس من روافد النيل، ومن المتوقع أن يولد طاقة كهرومائية تقدر بـ2200 ميغاواط. ويرى مراقبون أنه قد يكون جزءا من سلسلة من السدود تعتزم إثيوبيا بناءها خلف النهضة، لحمايته من التراكمات الطينية وضمان استمراريته لسنوات، ما يعقد من الأزمة المائية – السياسية في الإقليم خاصة مع مصر التي تعتبر النيل شريان حياتها الرئيسي.
إلا أنه وفاق لخبراء في السدود والموارد المائية، لا يمثل السد الجديد أي تهديد لمصر، كونه مبني على نهر لا يعد من روافد النيل.
وفي منشور على فيسبوك، قال وزير الري المصري الأسبق محمد نصر علام بأن نهر أومو ينبع من إثيوبيا ويصب في كينيا، ولا يعد من روافد النيل، معتبرا أنه على الرغم من ذلك، إلا أنه يمثل مشكلة جديدة لإثيوبيا مشاكل مع دول الجوار، حتى كينيا التي حضر رئيسها افتتاح سد النهضة.
السد لن يؤثر على حصة مصر المائية
الأمر أكده أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة نادر نور الدين في منشور على فيسبوك، معتبرا أن “لدى إثيوبيا 9 أحواض أنهار، منها 3 فقط تتبع حوض النيل: النيل الأزرق بتدفقات 49 مليار متر مكعب سنوياً، وأقيم عليه سد النهضة بسعة تخزين 74.5 مليار متر مكعب، ونهر عطبرة بتدفقات 12 مليار متر مكعب سنوياً، وأقيم على أحد روافده سد تاكيزي بسعة تخزين 9 مليارات متر مكعب. وفي الجنوب، نهر السوباط بتدفقات 11 مليار متر مكعب سنوياً، مع مخطط لبناء سدين على رافدين له مستقبلاً”.
وأوضح الخبير أن “بقية أحواض الأنهار لا تتبع حوض النيل ولا تؤثر على مصر، منها نهر أومو بين إثيوبيا وكينيا، والذي يُعد السد الجديد عليه، إضافة إلى نهرين مع الصومال، ونهر يصب على حوض بحيرة على حدود جيبوتي، وأنهار داخلية”.
تجدد الجدل المصري الإثيوبي حول النهضة
وقبل أيام، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن بناء سد كويشا وصل إلى 70%، وسيصبح عند اكتماله ثاني أكبر سد في إثيوبيا، ومن بين أكبر السدود في أفريقيا، وأن المشروع الذي “بدأ كمخيم، أصبح مشروعاً ضخماً بارتفاع 128 مترا”، وسيقوم بـ”تلبية الحاجات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية في كل من أقاليم جنوب غرب وجنوب إثيوبيا”.
ويأتي هذا بعد تجدد الجدل بين أديس أبابا والقاهرة بشأن سد النهضة، حيث قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في وقت سابق أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي “أمام نهج إثيوبيا غير المسؤول، وسنتخذ كل التدابير لحماية أمننا المائي”، محملا أديس أبابا مسؤولية الإضرار بدولتي المصب (مصر والسودان) “نتيجة التدفقات غير المنتظمة التي تم تصريفها من دون أي إخطار أو تنسيق مسبق”.
وردت إثيوبيا في حينه بأن استخدام مواردها المائية “حق سيادي” لا يمكن لأحد أن يحرمها منه. وأكدت أنه وفقا للقوانين الدولية، وكون النيل ينبع من أراضيها، وانطلاقا من “مبدأ السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية”، فهي “تتمتع بحق مشروع وغير قابل للمصادرة في الاستفادة من مواردها المائية”.
