33 C
Khartoum

نواب أوروبيون يطالبون بقطع التمويل عن خفر السواحل الليبي

Published:

طرابلس –  تتزايد الدعوات والشكاوى الأوروبية حيال التعاون المستمر مع السلطات الليبية في ملف الهجرة، خصوصًا خفر السواحل، في ظل اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان واستمرار خرق حظر السلاح المفروض على البلاد.

ففي خطوة تصعيدية، طالب ثمانية وثلاثون نائبًا أوروبيًا من أربع كتل سياسية رئيسية في البرلمان الأوروبي المفوضية الأوروبية بوقف فوري وشامل لجميع أشكال التمويل والدعم الفني المقدم إلى خفر السواحل الليبي، حيث جاء هذا المطلب نتيجة لتقارير عن تورط هذه الوحدات في ممارسات عنيفة ضد السفن الإنسانية وقوارب المهاجرين في وسط البحر المتوسط، مشيرين إلى أن استمرار الدعم يمثل إساءة لاستخدام أموال الاتحاد الأوروبي، ويقوض استقرار العملية السياسية الهشة في ليبيا، بالإضافة إلى تدمير مصداقية الاتحاد كفاعل دولي، وتأتي هذه المطالبات مدعومة بشكاوى متزايدة من منظمات إنسانية حول فتح خفر السواحل النار على سفن الإنقاذ أو تعريض حياة المهاجرين للخطر عبر مناورات عدوانية، بينما ينفي مسؤول ليبي، نقلت عنه وكالة نوفا، هذه الاتهامات بوصفها متحيزة سياسيًا وتندرج ضمن حملة تضليل تستهدف تشويه صورة ليبيا، مؤكدًا على تجاهل عمليات الإنقاذ العديدة التي تتم في ظروف صعبة وموارد محدودة، وموضحًا أن بعض التصرفات الفردية لا تمثل الدولة أو خفر السواحل، ومتهمًا الإعلام الدولي بالتركيز فقط على الحوادث السلبية، وتتهم طرابلس بروكسل بممارسة ضغط سياسي وتحميل ليبيا مسؤولية ظاهرة عالمية، كما يرى المسؤول الليبي أن بلاده ضحية لأزمة الهجرة، إذ تحاصر بين السياسات الأوروبية وتدفق المهاجرين من مناطق تعاني الفقر وعدم الاستقرار.
في سياق متصل، كشف تحقيق صحافي موسع لصحيفة إل فوليّو الإيطالية عن شبكة تهريب دولية معقدة تمتد بين الإمارات والأردن وهونغ كونغ وليبيا، تتولى تزويد قوات خليفة حفتر في شرق ليبيا بزوارق ودوريات عسكرية استُخدمت في عمليات صدّ المهاجرين عبر المتوسط، في انتهاك واضح للقانون الدولي، إذ أظهرت الوثائق أن الزوارق بُنيت في ورش Grandweld في دبي، وتم نقل ملكيتها لاحقًا إلى شركات مسجلة في هونغ كونغ والأردن، قبل أن تصل إلى بنغازي وتستخدمها كتيبة طارق بن زياد التابعة لصدّام حفتر، المتهمة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم حرب ضد المهاجرين، وفق تقارير الأمم المتحدة. ويشير التحقيق إلى أن هذا التوريد يتم ضمن تعاون غير مُعلن مع أوروبا يهدف للحد من تدفقات الهجرة، إذ تتحمل قوات حفتر الدور الفعلي في صدّ المهاجرين، بينما تتغاضى بعض الدول الأوروبية عن انتهاك حظر السلاح المفروض على ليبيا، ما يُعرف بـ»العمل القذر» في استراتيجية الهجرة الأوروبية، كما يوضح التحقيق أن الإمارات تستخدم شرق ليبيا كنقطة انطلاق لتوريد السلاح إلى السودان وتشاد مقابل مكاسب اقتصادية ونفوذ سياسي، بينما يوفّر حفتر بالمقابل السيطرة على طرق الهجرة البحرية لصالح الأوروبيين، ويطرح هذا التسليح المستمر لقوات حفتر تساؤلات جدية حول فعالية تنفيذ حظر السلاح الدولي والتحديات الكبيرة التي تواجه أوروبا في فرض القرارات الدولية على الأرض الليبية.
وتظهر التناقضات في السياسة الأوروبية بشكل جلي، حيث قدمت المفوضية الأوروبية منذ عام 2017 التدريب والمساعدات الفنية والتمويل للسلطات الليبية لإدارة تدفقات الهجرة، مخصصة نحو 465 مليون يورو من صندوق الطوارئ لإفريقيا منذ عام 2021، بالإضافة إلى 65 مليون يورو أخرى، وعلى الرغم من هذه الانتقادات، يظل التعاون الأوروبي مع خفر السواحل الليبي محوريًا في سياسات مراقبة الحدود في المتوسط، وقد وصفت المفوضية الأوروبية مناقشاتها الأخيرة مع وفد ليبي يمثل حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والسلطة التنفيذية لمجلس بنغازي بأنها «بناءة ومنفتحة»، مؤكدة أن الأولوية المشتركة هي الاحترام الكامل لحقوق الإنسان في جميع أشكال التعاون، لكن هذا التعهد يتعارض مع استمرار خروقات حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ عام 2011، فرغم تعهدات عملية «إيريني» الأوروبية بمراقبة الحظر في البحر المتوسط، لا تزال الخروقات مستمرة، وشحنات الأسلحة تصل إلى القيادة العامة في الشرق الليبي، بينما يُمنع وصول أي أسلحة إلى قوات الجيش الليبي في غرب البلاد، وقد استولى الحرس المدني الإسباني على عشر سفن، منها زوارق دورية، في ميناء سبتة، كانت متجهة إلى بنغازي لتسليمها لقوات القيادة العامة بقيادة المشير خليفة حفتر للسيطرة على طرق الهجرة، وجميع القوارب المعترضة كانت تحمل رمز «TBZ»، وهو اختصار لواء طارق بن زياد الذي يقوده صدام حفتر، وهي الوحدة التي يُفوّض إليها الاتحاد الأوروبي جزءًا من مسؤولية مراقبة مسارات الهجرة، وهذا الاعتراض يُعد استثنائيًا، إذ تصل الغالبية العظمى من المعدات العسكرية التي تسلمها الإمارات إلى ليبيا دون حوادث، وفي عملٍ يُعد انتهاكًا متكررًا للحصار، ويخدم مصالح العديد من الدول الأوروبية الحريصة على الحد من مغادرة المهاجرين إلى شواطئها، كما أوقفت السلطات الإسبانية سفينة أخرى في ميناء سبتة كانت تحمل زورقين لأغراض عسكرية في طريقها إلى ليبيا، وذلك التزامًا بقرارات الأمم المتحدة والأوروبية.
وكشفت وثائق مسربة تابعة لمهمة «إيريني» أن روسيا تستخدم سفنًا ضمن ما يوصف بـ»أسطول الظل» لنقل معدات عسكرية وأسلحة إلى ميناء طبرق في شرق ليبيا، حيث استخدمت سفن تجارية مجموعة من الحيل لتفادي الكشف، مثل تغيير اسمها 12 مرة خلال عشر سنوات وتعطيل جهاز التتبع المتصل بالأقمار الصناعية، ما أثار مخاوف أوروبية متنامية بشأن النفوذ الروسي في شرق ليبيا كجزء من استراتيجية روسية أوسع لإظهار القوة في البحر المتوسط، وقد أثبت تقرير للشرطة الجنائية الدولية «الإنتربول» أن إحدى هذه السفن، «بارباروس»، قد تلاعبت بنظام التعريف التلقائي الخاص بها، وغيرت اسمها وسجلت نفسها بعلم دولة مختلف مرات عديدة، مرجحًا أنها محملة بأسلحة إلى ليبيا. وفي تطور موازٍ، شهد سبتمبر الماضي تولي الأدميرال ماركو كاسابييري القيادة الجديدة لعملية «إيريني»، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في مارس 2020 بهدف رئيسي هو فرض حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، إلى جانب مهام أخرى تشمل المساهمة في الحد من تهريب النفط غير المشروع والاتجار بالبشر وتدريب خفر السواحل والبحرية الليبية، وفي إطار التنافس الجيوسياسي، تحولت ليبيا سريعًا إلى ساحة تنافس بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث ربط موقع «ديفينس نيوز» الأمريكي بين التدريب الأخير لقوات القيادة المركزية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) وزيارة قائد قوات «القيادة العامة»، المشير خليفة حفتر، الأخيرة لبيلاروسيا، ما يشير إلى تعقيد المشهد الليبي وتشابكه بين ملفات الهجرة وحقوق الإنسان وحظر السلاح والتنافس الدولي.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة