30.8 C
Khartoum

وسط عناد إماراتي ومطالب اساسية بحل “الدعم السريع”… الرباعية تعقد اجتماعًا حاسمًا في واشنطن رغم انقسامات أعضائها

Published:

اليراع -في خضمّ حراكٍ دبلوماسي متسارع تقوده الآلية الرباعية الدولية المعنية بالسلام في السودان، تتجه الأنظار إلى واشنطن، حيث يُعقد اليوم اجتماع يجمع ممثلين عن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، في محاولة جديدة لوقف نزيف الحرب المستمرة منذ أبريل/نيسان 2023، والتي أسفرت عن واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.

وتسعى الدول الأربع إلى إقناع طرفي النزاع – الجيش السوداني وقوات الدعم السريع – بقبول هدنة إنسانية تمهّد لاستئناف عملية سياسية شاملة، بعد فشل جولات سابقة في تحقيق أي اختراق يُذكر. وكانت الرباعية قد عرضت في سبتمبر الماضي مبادرة لوقف القتال لثلاثة أشهر، يتبعها مسار تفاوضي يفضي إلى تسوية سياسية جديدة تستبعد الحركة الإسلامية من أي دور مستقبلي، في ظل اتهامات لها بتأجيج الحرب واستمرارها.

تباينات داخل التحالف الرباعي

ورغم توافق الأطراف على ضرورة إنهاء الحرب، فإن الخلافات بشأن ملامح المرحلة الانتقالية تضعف الموقف الموحد للرباعية. فالإمارات العربية المتحدة تدعو إلى قيادة مدنية كاملة للمرحلة المقبلة، بينما تصر مصر على أن تكون المؤسسة العسكرية الضامن الرئيس لإدارة الفترة الانتقالية، خشية أن يؤدي إقصاؤها إلى فراغٍ أمني جديد.
وتستند أبوظبي في موقفها إلى فشل التجربة السابقة التي أعقبت سقوط نظام عمر البشير عام 2020، حين تسلم الجيش إدارة الدولة ثم أطاح بالحكومة المدنية في انقلاب 2021، الأمر الذي مهّد لانفجار الحرب الحالية بدفع من عناصر الحركة الإسلامية.

أما في القاهرة، فتبدو الحسابات مختلفة، إذ ترى أن إضعاف الجيش قد يفتح الباب مجددًا أمام انقسامات ميدانية وتدخلات خارجية أوسع في السودان، ما يستدعي – وفق رؤيتها – الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية ولو بشكل مرحلي.

ويرجّح مراقبون أن تكون اجتماعات واشنطن صعبة، نظرًا لتضارب مواقف الأطراف الإقليمية وتصلّب مواقف طرفي النزاع. ونقلت وكالة “فرانس برس” عن مسؤول مطلع قوله إن جلسات واشنطن تهدف إلى “الضغط على الطرفين المتحاربين لتثبيت هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر”، موضحًا أن الاجتماعات ستجرى بشكل منفصل مع كل طرف، سعياً لتوحيد الموقف الدولي حيال وقف الحرب وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في المناطق المنكوبة.

وفي المقابل، يدعم التحالف المدني الديمقراطي “صمود” بقيادة عبدالله حمدوك جهود الرباعية، ورأى في بيان له أن خارطة الطريق المقترحة “تعبّر عن تطلعات قطاعات واسعة من الشعب السوداني”، داعيًا إلى إنشاء آلية تنسيق واسعة تجمع الجهود الدولية والإقليمية والمجتمعية لضمان تسريع خطوات السلام.

نفي رسمي سوداني لأي مفاوضات في واشنطن

الفريق أول عبد الفتاح البرهان يستبعد أي حوار يُفرض من الخارج،

غير أن الموقف الرسمي السوداني جاء أكثر تشددًا. فقد نفى مجلس السيادة الانتقالي، مساء الخميس، وجود أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع قوات الدعم السريع في واشنطن، مؤكدًا في بيان عبر منصة “إكس” أن ما تردد في بعض وسائل الإعلام “عارٍ تمامًا من الصحة”. وشدد المجلس على أن “موقف الدولة ثابت وواضح بالالتزام بالحل الوطني الذي يحفظ سيادة السودان ووحدته واستقراره”.

وفي تصريحات سابقة أثناء زيارته لمدينة عطبرة، أعرب الفريق أول عبد الفتاح البرهان عن استعداده للتفاوض “بما يصلح السودان وينهي الحرب بطريقة تحفظ كرامته ووحدته”، لكنه استبعد أي حوار يُفرض من الخارج، في إشارة إلى رفض الخرطوم لأي تسوية ترعاها أطراف دولية بمعزل عن التوافق الوطني.

اتصالات إقليمية مكثفة

وعلى رغم النفي الرسمي، تتواصل الاتصالات الخلفية بين أطراف الأزمة وممثلي الدول الكبرى. فقد التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منتصف الشهر الجاري كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشرق الأوسط مسعد بولس لبحث آفاق إنهاء الحرب وتعزيز المساعي الإقليمية للسلام. كما شهدت الأسابيع الأخيرة زيارات واتصالات متعددة بين وزراء خارجية الرباعية، في محاولة لتقريب وجهات النظر حول الجدول الزمني للمرحلة الانتقالية بعد وقف إطلاق النار.

ووفقاً لمصادر دبلوماسية، يتضمن مقترح واشنطن خريطة طريق تبدأ بهدنة إنسانية لثلاثة أشهر، يليها إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُستكمل خلال تسعة أشهر، بحيث تُفضي إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة تُعبّر عن تطلعات الشعب السوداني.

غير أن الطريق إلى تلك الغاية لا يزال طويلاً، إذ تعيش البلاد مأساة إنسانية متفاقمة، مع تقارير أممية تشير إلى مقتل نحو 20 ألف شخص وتشريد أكثر من 15 مليوناً داخل السودان وخارجه، فيما تذهب تقديرات أكاديمية إلى أن عدد القتلى قد تجاوز 130 ألفًا منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023.

وهكذا تبدو الاجتماعات المرتقبة في واشنطن محاولة جديدة لإحياء الأمل في سلامٍ غاب طويلاً، وسط رهانات متضاربة وضغوط إنسانية لا تحتمل مزيدًا من التأجيل.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة