34.5 C
Khartoum

في تزامن مع عودة التوترات العسكرية بالمنطقة ..مصر: إدارة البحر الأحمر أمر حصري للدول المشاطئة

Published:

القاهرة- تحمل تصريحات وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، عن حصرية إدارة شؤون البحر الأحمر للدول المشاطئة له، دلالات مهمة، لاسيما من حيث توقيتها الذي تزامن مع عودة التوترات بين إثيوبيا وإريتريا، وسط مخاوف من مواجهة عسكرية بين البلدين الواقعين في القرن الأفريقي.

ويرى متابعون أن تصريحات الوزير المصري هي رسالة موجهة في الأساس إلى إثيوبيا، التي بدأت تهيئ الأرضية لتحقيق حلمها البحري، بعد أن نجحت في تجسيد سد النهضة على أرض الواقع، متحدية في ذلك الإرادة المصرية.

وقال عبدالعاطي خلال لقاء جمعه الاثنين بمبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي آنيت فيبر، على هامش فعاليات النسخة الخامسة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، إن “حوكمة البحر الأحمر تظل شأنا أصيلا وحصريا للدول المشاطئة له، باعتبارها المعنية بالحفاظ على أمنه واستقراره واستدامة موارده، وبما يعزز المصالح المشتركة لشعوبها ويكرس مبدأ الملكية الإقليمية في إدارة شؤونه.”

ولا تخفي إثيوبيا “الحبيسة” طموحها لاستعادة حضورها على البحر الأحمر، بعد أن فقدت جميع منافذها البحرية إثر استقلال إريتريا عنها عام 1993.

وترى أديس أبابا أن الظرفية الحالية ملائمة لتحقيق هذا الطموح لاسيما بعد نجاحها في استكمال بناء سد النهضة وتشغيله، رغم اعتراضات دولتي المصب مصر والسودان.

وفي تحرك اعتبرته إريتريا غير بريء ويخفي وراءه نوايا سيئة، وجهت إثيوبيا عبر وزير خارجيتها رسالة الشهر الجاري إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد وشركاء دوليين، اتهمت فيها أسمرا بـ”تقويض اتفاق بريتوريا” من خلال ما وصفته بـ”احتلال أراض إثيوبية” وتزويد “المتمردين بالسلاح”، معتبرة ذلك “تهديدا مباشرا” لأمن البلاد ووحدة أراضيها.

وردت وزارة الإعلام الإريترية، في بيان رسمي، على الرسالة باتهام الحكومة الإثيوبية بشن “حملة دبلوماسية مضللة” بهدف التمهيد لصراع محتمل، مشيرة إلى أن الحزب الحاكم في أديس أبابا يسعى منذ عامين للسيطرة على موانئ إريترية، “سلميا إن أمكن، وعسكريا إن لزم الأمر.”

وأضاف البيان أن إثيوبيا اشترت بالفعل أسلحة لهذا الغرض، مؤكدا أن أسمرا مارست “أقصى درجات ضبط النفس” رغم ما وصفته بالاستفزازات المتكررة “لضم أراض سيادية إريترية بما فيها منافذ على البحر الأحمر.”

وتزامن تحرك وزارة الخارجية الإثيوبية مع حملة إعلامية مكثفة في الداخل تبرز أهمية حصول إثيوبيا على منفذ بحري، مستندة في ذلك إلى تصريحات لرئيس الوزراء آبي أحمد، وصف فيها القضية بـ”الحيوية” وبأنها ذات أهمية مماثلة لمطلب إثيوبيا بشأن نهر النيل.

وأكد استعداد حكومته للتفاوض على الوصول إلى البحر الأحمر، مشددا على أن المفاوضات “لا يجب أن تُشترط بعدم استخدام البحر.”

وقال آبي أحمد إن إثيوبيا “تقع جغرافيّا ضمن نطاق البحر الأحمر ونهر النيل،” معتبرًا أن منع بلاده من المطالبة بحقها في الوصول إلى البحر “غير عادل،” وأشار إلى أن الشعب الإثيوبي “تخلّى عن حقه القانوني” بسبب تصور خاطئ بأن المطالبة بالبحر قد تؤدي إلى نزاع، وهو ما يجب تصحيحه بعد فترة طويلة من الصمت.

ونقلت هيئة الإذاعة الإثيوبية عن ضباط سابقين في البحرية الإثيوبية أن تحقيق الوصول إلى منفذ بحري يمثل “مسألة وجود وأمن وطني وتنمية شاملة،” معتبرين أن الجيل الذي أنجز سد النهضة يجب أن يكرر نجاحه في هذا الملف.

وعلى غرار الحملة التي قامت بها إثيوبيا للترويج لأهمية سد النهضة في الداخل، تحاول اليوم أيضا القيام بحملة مماثلة لكسب الدعم الشعبي في مشروع حصولها على منفذ بحري.

ويشكل هذا التوجه الإثيوبي جرس إنذار ليس فقط لإريتريا، بل وأيضا لمصر التي ترفض بالمطلق أي نفوذ إثيوبي على البحر الأحمر.

والبحر الأحمر هو ممر تجاري حيوي، ويشكل أحد المداخل الرئيسية لقناة السويس، وبالتالي للدخل القومي المصري، وتعتبر القاهرة أن أي تغير في وضعية القوى البحرية أو الأمنية في البحر الأحمر قد يغير موازين القوى في المنطقة، ويؤثر على قدرة مصر في مراقبة وتأمين مداخلها البحرية.

وتتعاطى مصر بحساسية مفرطة خاصة حيال إثيوبيا، لاسيما في ظل الخلاف بينهما حول سد النهضة، وترى القاهرة أن وصول أديس أبابا إلى البحر الأحمر ليس فقط مسألة تجارية، بل يحمل أبعادا عسكرية وإستراتيجية، فإنشاء قواعد بحرية أو وجود عسكري مباشر إثيوبي في الساحل يهدد قدرة مصر ويغير معادلات القوى في المنطقة.

وخلال لقائه بالمبعوثة الأوروبية شدد وزير الخارجية المصري على رفض بلاده للسياسات الهدامة المزعزعة للاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، ودعم مصر للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار وخفض التصعيد في المنطقة.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة