37.3 C
Khartoum

وداع رسمي وشعبي لمفتي إثيوبيا الراحل الحاج عمر إدريس

Published:

ودعت إثيوبيا اليوم المفتي العام السابق للبلاد الحاج عمر إدريس، في مراسم تأبين رسمية وشعبية أقيمت في قاعة الألفية بالعاصمة أديس أبابا، بمشاركة رئيس الجمهورية تايي آطقي سيلاسي، وعدد من كبار مسؤولي الدولة، إلى جانب عشرات الآلاف من المواطنين وزعماء الطوائف الإسلامية والمسيحية

وبدأت مراسم التشييع منذ الساعة العاشرة صباحا واستمرت حتى الخامسة مساء، في يوم بدت فيه العاصمة أديس أبابا متوقفة عن حركتها المعتادة، إذ خرجت جموع غفيرة من مختلف المناطق لتوديع المفتي الراحل.

مشاركة كثيفة في تأبين المفتي الراحل لأثيوبيا (مواقع التواصل الإثيوبية)

أُديت صلاة الجنازة في مسجد بنين الكبير، أحد أشهر المساجد في البلاد، وامتلأت الساحات المحيطة به بالمصلين الذين توافدوا منذ ساعات الصباح الأولى، حتى غدت الشوارع المحيطة بالمسجد أشبه بأمواج من البشر، في مشهد يجسد مكانة الرجل في قلوب الناس.

وبعد الصلاة، نُقل جثمان الراحل في موكب مهيب في حين اصطف المواطنون على جانبي الطريق، حتى وصل الموكب إلى قاعة الألفية، حيث أُقيمت مراسم التأبين الرسمية التي نقلها التلفزيون الإثيوبي على الهواء مباشرة منذ الـ11 صباحا حتى الـ4 عصرا.

وخلال مراسم التأبين، تعاقب المتحدثون على المنصة مستعرضين مسيرته العلمية والدعوية، ومواقفه التي اتسمت بالحكمة والاعتدال.

وقد شارك ممثلو الطوائف المسيحية في مراسم التشييع، في مشهد نادر يعكس عمق الاحترام الذي ناله المفتي الراحل عبر مسيرة امتدت لعقود من خدمة العلم والدين والوطن.

ازدحمت شوارع أديس أبابا بمشيعي مفتي إثيوبيا الراحل الحاج عمر إدريس (مواقع التواصل الإثيوبية)

وخلال المراسم، ألقى رئيس الجمهورية كلمة وصف فيها الراحل بأنه أب ومعلم ورمز للسلام والعلم، كرس حياته لنشر الاعتدال بين الأديان في إثيوبيا، مؤكدا أن صوته ظل صوت الحكمة والوحدة في أوقات الانقسام.

كما عبر رئيس الوزراء آبي أحمد عن تعازيه لأسرته ولعموم المسلمين، قائلا إن إرث المفتي الراحل في تعزيز التعايش والحوار بين الأديان سيبقى مصدر إلهام للأجيال المقبلة.

تاريخ في الدعوة والعلم

الشيخ عمر إدريس الذي توفي أمس الأحد 19 أكتوبر/تشرين الأول 2025 عن عمر ناهز 88 عاما، يعد من الأعضاء المؤسسين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا، وقد تولى رئاسته بين عامي 2018 و2022، كما شغل رئاسة مجلس المؤسسات الدينية في البلاد.

تأبين رسمي من الدولة لمفتي إثيوبيا الراحل (مواقع إثيوبية)

وكان الراحل معروفا بدوره كوسيط في حل النزاعات ذات الطابع المجتمعي والديني، وساهم في ترسيخ ثقافة التعايش بين مكونات المجتمع الإثيوبي.

ولد المفتي الراحل في 29 مايو/أيار 1937 في منطقة ولو بإقليم أمهرا شمالي البلاد، وبدأ دراسته في مساجد قريته قبل أن ينتقل إلى مدينة دَسّي ثم إلى أديس أبابا طلبا للعلم، حيث تتلمذ على يد كبار العلماء، من أبرزهم الشيخ محمد ساني حبيب.

عُيّن لاحقا مدرسا في مسجد الأنوار ومسجد النور في العاصمة، وكرس حياته لتدريس علوم الشريعة الإسلامية.

خلال مسيرة علمية استمرت أكثر من 5 عقود، ألف الشيخ عمر إدريس أكثر من خمسين كتابا في الفقه والتفسير والحديث النبوي، باللغة الأمهرية.

المفتي العام لإثيوبيا الراحل الحاج عمر إدريس (إثيوبيا بالعربي)

كما ترجم معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأمهرية، وفسّره أكثر من 300 مرة على مدى نصف قرن في العاصمة أديس أبابا، وفي عام 2019، منحته جامعة أديس أبابا درجة الدكتوراه الفخرية تقديرا لإسهاماته في التعليم والإصلاح الاجتماعي.

وعرف الراحل بالحكمة والعطاء وإجادة التعامل مع الجميع بحكمة واتزان، ويعرف كيف يصون مصالح مسلمي إثيوبيا بحنكة ومسؤولية.

أما التكريم الذي ناله في حياته وبعد رحيله فكان لائقا بمقامه، إذ لم يقتصر الحزن عليه وسط المسلمين فحسب، بل شاركت المؤسسات الدينية الأخرى في وداعه، معبّرة عن تضامنها العميق وتقديرها الكبير لدوره في تعزيز التعايش والوحدة بين أبناء إثيوبيا.

المصدر: الجزيرة

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة