32.6 C
Khartoum

سلفا كير يعيد تشكيل لجنة التفاوض حول أبيي وسط تصاعد الأزمة في السودان

Published:

في خطوة سياسية لافتة، أصدر رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت أمرًا جمهوريًا يقضي بإعادة تشكيل لجنة عليا مكلفة بالتفاوض حول الوضع النهائي لمنطقة أبيي المتنازع عليها مع السودان، وهي المنطقة الغنية بالنفط والتي ظلت محورًا للنزاع الحدودي منذ استقلال جنوب السودان في عام 2011.

وبحسب الأمر الرئاسي الذي بثه التلفزيون الحكومي SSBC يوم الجمعة، فإن اللجنة ستتولى مهمة التواصل مع حكومة السودان، إلى جانب عرض موقف جوبا أمام الهيئات الإقليمية والدولية، وتقديم المشورة للحكومة بشأن مستقبل أبيي. وقد كُلّف نائب الرئيس ورئيس المجموعة الاقتصادية الدكتور بنيامين بول ميل برئاسة اللجنة، فيما يشغل وزير شؤون مجتمع شرق إفريقيا منصب نائب الرئيس، ويكون وزير شؤون الرئاسة مقررًا للجنة. ويتعين على الفريق تقديم تقارير شهرية مباشرة إلى الرئيس كير، في إطار التزام حكومته المعلن بـ”حل سلمي ودبلوماسي” للنزاع، قائم على الحوار والتعاون بين البلدين.

نزاع مستمر

منطقة أبيي الواقعة على الحدود بين السودان وجنوب السودان، ظلت منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005 موضع خلاف حاد بين الطرفين، حيث نصت الاتفاقية على إجراء استفتاء لتحديد تبعية المنطقة، إلا أن الخلافات حول أهلية التصويت وتكرار أعمال العنف حالت دون تنفيذ الاستحقاق. وفي أكتوبر 2013، أجرت قبيلة دينكا نقوك استفتاءً شعبيًا من طرف واحد، صوتت فيه الأغلبية الساحقة لصالح الانضمام إلى جنوب السودان، غير أن هذا الاستفتاء لم يحظَ باعتراف رسمي من أي من الحكومتين، وظلت أبيي تحت إدارة مؤقتة دون حسم نهائي. إعادة تشكيل اللجنة تأتي في وقت يشهد فيه السودان اضطرابات داخلية عنيفة، ما يثير شكوكًا حول جدوى الخطوة في ظل غياب طرف تفاوضي مستقر في الخرطوم.

شكوك وتحفظات

القرار الرئاسي بإعادة تشكيل اللجنة قوبل بتشكيك واسع من قبل محللين سياسيين، اعتبروا أن الخطوة تفتقر إلى الفاعلية في ظل الحرب الدائرة في السودان. المحلل السياسي جيمس بوبويا وصف القرار بأنه “غير ذي صلة إلى حد كبير”، مشيرًا إلى أن الواقع الميداني في أبيي لا يسمح ببدء أي حوار جاد، خاصة وأن جزءًا كبيرًا من المنطقة يخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، بينما يتمركز الجيش السوداني بعيدًا عنها، ما يضعف وجود سلطة تفاوضية واضحة في الخرطوم. وأضاف بوبويا أن الأمر الرئاسي يحمل طابعًا رمزيًا أكثر من كونه خطوة عملية، قائلاً إن الرئيس أصدره “لإبقاء بعض المعينين مشغولين”، دون أن يكون هناك توقع حقيقي لتحقيق تقدم ملموس.

انتقادات داخلية

بوبويا وجّه أيضًا انتقادات لحكومة جنوب السودان بسبب تقاعسها في التعامل مع ملف أبيي خلال السنوات الماضية، مستشهدًا بعدم تحركها للاعتراف بنتائج الاستفتاء الأحادي الجانب الذي أجرته قبيلة دينكا نقوك عام 2013، رغم تصويت الأغلبية لصالح الانضمام إلى جنوب السودان. وأشار إلى أن الحكومة لم تتقدم بأي طلب رسمي إلى الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي للاعتراف بنتائج ذلك الاستفتاء، ما يعكس تناقضًا في المواقف. وأضاف أن تشكيل لجنة جديدة بعد سنوات من التجاهل يثير مفارقة سياسية، ويعكس غياب استراتيجية واضحة لدى جوبا في إدارة الملف. ورغم إقراره بأن الخطوة قد تكون نابعة من نوايا حسنة، خلص بوبويا إلى أن أي تقدم حقيقي في ملف أبيي لن يتحقق إلا بعد التوصل إلى سلام شامل في السودان.

زيارة أممية

تزامن الإعلان عن تشكيل اللجنة مع زيارة قام بها جان بيير لاكروا، رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، إلى جنوب السودان، حيث التقى بالرئيس سلفا كير وعدد من كبار المسؤولين في جوبا. وناقش لاكروا خلال اللقاء تصاعد العنف السياسي في المنطقة، إلى جانب تأثير الأزمة المالية العالمية على بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ووفقًا لإحاطة رسمية صدرت يوم الجمعة، أبلغ لاكروا السلطات في جنوب السودان بأن بعثة الأمم المتحدة في البلاد (UNMISS) وقوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (UNISFA) ستضطران إلى تقليص الإنفاق بنسبة 15% خلال السنة المالية الحالية. وطلب لاكروا دعم الحكومة لتخفيف آثار هذه التخفيضات على عمليات البعثات، التي تشمل حماية المدنيين ودعم جهود السلام، في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية واللوجستية في المنطقة.

المصدر : راديو تمازج

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة