29 C
Khartoum

زيارة البرهان تفتح الباب لتغير نغمة واشنطن تجاه الجيش.. والسيسي ومستشار ترامب يبحثان مسار السلام في السودان

Published:

الخرطوم- اليراع -وكالات- في تغير لافت في خطاب الإدارة الأميركية تجاه الجيش السوداني، أثار تساؤلات بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة بصدد مراجعة سياساتها في الصراع الدائر منذ أبريل 2023 في السودان، تأثرا بالتطورات التي تشهدها المنطقة، أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة من قبلها لإظهار مرونة مع الجيش تشجعه على الانخراط في جهود السلام.

حيث استبق كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس الاجتماعات المنتظرة، بتصريحات بدت إيجابية إلى حد ما تجاه العلاقة مع الجيش السوداني.
وقال بولس في تصريحات صحفية إن المؤاخذات السابقة على الجيش كانت مرتبة بعلاقته مع إيران و”المتطرفين”.

وأضاف “نحن نعرف أن الجيش السوداني قطع علاقته مع إيران منذ فترة واتخذ مجموعة من الخطوات الجيدة بشأن ما تبقّى من المتطرفين من النظام السابق، وهذه خطوات جيدة نحو تحسين هذه العلاقة، لذا فهذه أشياء شائعة يمكننا أخذها في الاعتبار، ليس فقط مع إسرائيل، لكن مع عدد كبير من البلدان الأخرى.”

وتستعد واشنطن لاحتضان اجتماعات للآلية الرباعية الدولية في الرابع والعشرين من شهر أكتوبر الحالي، تركز على التوصل إلى هدنة إنسانية ووقف شامل لإطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وتتناقض تصريحات بولس مع المواقف الأميركية السابقة، التي أبدت قلقا من علاقات الجيش بطهران وأيضا من تأثير فلول نظام الرئيس السابق عمر البشير على المؤسسة العسكرية في السودان.

ويرى البعض أن التغير في موقف واشنطن قد يكون مرتبطا بالتطورات في منطقة الشرق الأوسط وعودة الدفء للعلاقة مع القاهرة، التي لا تخفي انحيازها للجيش السوداني، في الحرب الجارية ضد قوات الدعم السريع.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد التقى الخميس 16 أكتوبر 2025، بكبير مستشاري الرئيس الأميركي مسعد بولس في القاهرة، حيث ناقش الطرفان سبل إنهاء الحرب في السودان وتعزيز المساعي الإقليمية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

وخلال اللقاء، شدد الجانبان على أهمية التعاون الدولي لدعم استقرار السودان، مع التركيز على الدور المحوري الذي تلعبه مصر في قيادة الجهود الإقليمية لتسوية النزاعات، خاصة في ظل تصاعد الأزمة السودانية.

وفي تغريدة نشرها بولس عبر منصة “إكس”، عبّر عن سروره بلقاء الرئيس السيسي، مؤكدًا أن اللقاء تناول التحديات الإقليمية وسبل تحقيق السلام، وأضاف: “تُقدّر الولايات المتحدة قيادة مصر في معالجة النزاعات، بما في ذلك دورها البنّاء في السودان وشراكتها في إطار الرباعية”.

وتأتي هذه التصريحات بعد يوم من لقاء جمع الرئيس السيسي برئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، حيث ناقشا أهمية الآلية الرباعية التي تضم مصر، السعودية، الإمارات، والولايات المتحدة، كمظلة دولية وإقليمية لدفع جهود وقف الحرب وتحقيق الاستقرار في السودان
وتشكل الحرب في السودان مصدر قلق كبير بالنسبة إلى القاهرة، لكنها في الآن ذاته تبدي موقفا متشددا حيال قوات الدعم السريع.

وسبق وأن كانت مصر طرفا في إجهاض مفاوضات كانت تريد الولايات المتحدة عقدها في يوليو الماضي ضمن الرباعية الدولية وفي إطار خارطة طريق رأت فيها القاهرة استهدافا للجيش.

في المقابل يعتقد محللون أن تغير خطاب واشنطن يرتبط برغبة الإدارة الأميركية في إنجاح المفاوضات الجديدة المزمع عقدها الشهر الجاري، وإحراز اختراق دبلوماسي يهيئ للسلام في السودان.

ويسوّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه على أنه صانع سلام في المنطقة، وبالتالي فإن نجاح مفاوضات الرباعية الدولية يشكل أهمية كبيرة بالنسبة إلى الإدارة الأميركية.

وكانت الرباعية الدولية التي تضم إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، الإمارات والسعودية، عرضت في سبتمبر الماضي مبادرة لتهدئة إنسانية في السودان، لمدة ستة أشهر يتم خلالها فتح باب التفاوض بين طرفي الصراع.

وقوبلت تلك المبادرة بمعارضة شديدة من الجيش السوداني وحلفائه، الذين اعتبروا أنها تساوي بين “السلطة الشرعية” و”ميليشيا”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.

ولعل رد الفعل الأكبر هو ذلك الذي صدر عن الحركة الإسلامية، خصوصا وأن المبادرة شددت على ضرورة إقصاء فلول النظام السابق من لعب أيّ دور مستقبلي في السودان.

ويعتقد المحللون أن المبادرة المطروحة ستكون هي الأرضية لاجتماعات الرباعية لبناء تصور شامل وأكثر تفصيلا للحل في السودان.

واستقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الأربعاء، قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان في قصر الاتحادية بالقاهرة، حيث بحثا الأزمة السودانية والاجتماعات المنتظرة في واشنطن.

وولفرام فيتر: الاتحاد الأوروبي ملتزم بدعم وقف إطلاق نار دائم في السودان

وبحسب بيان للرئاسة المصرية، فقد أكد الجانبان تطلعهما لأن تسفر اجتماعات الآلية الرباعية عن نتائج ملموسة تؤدي إلى وقف الحرب في السودان.

وجدد السيسي، تأكيد دعم بلاده “الكامل لوحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه، ورفضها القاطع لأيّ محاولات من شأنها تهديد أمنه أو النيل من تماسكه الوطني أو تشكيل أيّ كيانات حكم موازية للحكومة السودانية الشرعية.”

ويرجح المحللون أن يكون الرئيس المصري عمل على إقناع قائد الجيش خلال اللقاء بإبداء مرونة حيال تحركات الرباعية، حيث أن خلاف ذلك قد يقود إلى تشدد أميركي ودولي تجاه الجيش.

وفي غمرة الحراك الذي استبق اجتماعات الرباعية أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي إعادة تفعيل تمثيلها الدبلوماسي لجمهورية السودان من العاصمة المصرية، عبر تعيين السفير وولفرام فيتر لمباشرة مهامه من القاهرة خلال المرحلة الراهنة التي تشهد تصاعدا في الأزمة الإنسانية.

وأكد السفير فيتر أن تكليفه بتمثيل البعثة الأوروبية يأتي في ظل ظروف مؤسفة تمر بها البلاد، مشددًا على التزام الاتحاد الأوروبي بالحفاظ على العلاقة القوية مع السودان وتطويرها، وضمان عدم تهميش الشعب السوداني في هذه المرحلة الحرجة.

وأوضح السفير الأوروبي أن الاتحاد ملتزم بدعم وقف إطلاق نار دائم في السودان، إلى جانب تعزيز المشاريع الإنسانية والتنموية في مجالات حيوية تشمل الأمن الغذائي، والتعليم، والصحة، وبناء القدرات، ومواجهة تحديات تغير المناخ.

وأكد على أن الاتحاد الأوروبي يرى في السودان شريكًا إستراتيجيًا، ويؤمن بأهمية دعم الشعب السوداني في تجاوز محنته الراهنة، عبر أدوات دبلوماسية وإنسانية تضمن استدامة الاستقرار وتمنع تمدد النزاع إلى الإقليم المجاور. وهذا الموقف يعكس التزامًا دوليًا متزايدًا تجاه السودان، ويعزز من فرص التوصل إلى تسوية سياسية تنهي الحرب وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من البناء الوطني.

ومنذ منتصف أبريل 2023، يشهد السودان، حربا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لم تفلح وساطات إقليمية ودولية في إنهائها.

وأسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدرت دراسة أعدتها جامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة