34 C
Khartoum

بريطانيا تفرض عقوبات على شركتي “لوك أويل” و”روسنفت” الروسية وتستهدف “أسطول الظل” للضغط على موسكو والهند والصين

Published:

لندن – مراسل “اليُراع”- فرضت بريطانيا حزمة عقوبات جديدة واسعة على شركتي النفط الروسيتين الأكبر، “لوك أويل” و**”روسنفت”**، إلى جانب عشرات الناقلات التابعة لما يُعرف بـ”أسطول الظل”، في محاولة جديدة لقطع شريان الإيرادات النفطية التي تمول الحرب الروسية في أوكرانيا، وتشديد الخناق على الدول التي لا تزال تشتري الخام الروسي.

وجاءت هذه الإجراءات، التي أُعلنت يوم الأربعاء كجزء من حزمة تضم 90 عقوبة جديدة، لتؤكد أن لندن ماضية في جهودها لخنق العائدات النفطية التي تمثل المصدر الرئيسي لتمويل عمليات الكرملين العسكرية.

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية، يفيت كوبر، إن الوقت قد حان “لتكثيف الضغط على الاقتصاد الروسي”، مشيرة إلى أن الإجراءات الجديدة تستهدف 44 ناقلة تستخدم للالتفاف على القيود الغربية. وأضافت: “نحن مصممون على أن استمرار عدوان بوتين يجب أن يأتي بتكلفة واضحة ومتزايدة”.

ضرب في قلب قطاع الطاقة الروسي

وذكرت وزارة الخارجية البريطانية أن “روسنفت” – المسؤولة عن نحو 6% من إنتاج النفط العالمي ونحو نصف إنتاج روسيا – إلى جانب “لوك أويل”، تصدران معًا ما يقارب 3.1 ملايين برميل يوميًا. وتشمل العقوبات الجديدة حظرًا كاملاً على تعامل الأفراد والشركات البريطانية مع الكيانَين.

وقالت وزيرة المالية ريتشل ريفز، أثناء زيارتها إلى الولايات المتحدة، إن الغاية من الخطوة ليست فقط ضرب الشركات الروسية الكبرى، بل أيضًا تفكيك الشبكات التي تمكّنها من الاستمرار في تصدير النفط.

وأضافت: “نحن نطبق عقوبات تستهدف أكبر شركتين نفطيتين في روسيا، (لوك أويل) و(روسنفت). وفي الوقت نفسه، نزيد الضغط على الشركات في دول ثالثة، بينها الهند والصين، التي تواصل تسهيل دخول النفط الروسي إلى الأسواق العالمية”.

وشملت القائمة السوداء أيضًا سبع ناقلات للغاز الطبيعي المسال ومحطة “بيهاي” الصينية للغاز الطبيعي المسال في شمال البلاد، التي تستورد شحنات من مشروع “آركتيك إل إن جي 2” الروسي الخاضع أصلًا لعقوبات غربية.

تمدد الضغط شرقًا

ومن بين الكيانات المتضررة مباشرة شركة “نايارا” الهندية لتكرير النفط، ومقرها مومباي، والمملوكة جزئيًا لـ”روسنفت”. وتُعد هذه المصفاة إحدى أبرز نقاط معالجة النفط الروسي المتجه إلى جنوب آسيا، وقد طالتها سابقًا العقوبات الأوروبية، ما زاد من صعوبة استمرار تشغيلها.
ورغم أن “نايارا” أدانت العقوبات الأوروبية في وقت سابق، فإنها لم تُعلّق على العقوبات البريطانية الأخيرة.

وبهذه الخطوة، يوجّه البريطانيون رسالة ضغط واضحة نحو الدول الآسيوية الكبرى التي أطاحت محل المشترين الغربيين، ما يقوّض الجهود الرامية إلى عزل موسكو عن النظام التجاري العالمي للطاقة.

وقالت ريفز إن لندن لن تتردد في اتخاذ “إجراءات ثانوية” ضد الشركات التي تساهم في تسويق النفط الروسي أو تقدم له الدعم اللوجستي الحيوي. وأضافت: “لا مكان لروسيا في الأسواق العالمية، وسنفعل كل ما يلزم لوقف تمويل موسكو لحربها في أوكرانيا”.

خنق “أسطول الظل”

كما استهدفت العقوبات “أسطول الظل”، وهو شبكة من الناقلات القديمة والمموهة تُستخدم لنقل النفط الروسي عبر وسطاء وكيانات غير خاضعة للقانون الغربي.
وتعمل هذه السفن غالبًا تحت أعلام دول مثل ليبيريا وبنما لتجنّب التدقيق وكشف الملكية الحقيقية.

وقال متعاملون في مجال تجارة النفط الروسي إن تلك الإجراءات البريطانية ستقلل من عدد السفن وخدمات التأمين المتاحة أمام موسكو، ولا سيما أن بعض الشحنات كانت لا تزال تُنقل وتُؤمَّن بواسطة شركات بريطانية. ومن شأن ذلك أن يرفع التكاليف ويبطئ عمليات التسليم ويزيد من اضطراب الأسواق البحرية.

غير أن مراقبين يرون أن هذه الخطوة قد تدفع روسيا إلى الاعتماد أكثر على خدمات بديلة غير غربية، مشيرين إلى أن عدد سفن “أسطول الظل” تجاوز الآن 1,500 ناقلة، وهو ما يكفي لمواصلة تصدير كميات كبيرة من النفط إلى آسيا رغم المخاطر المتزايدة.

وقد رفضت موانئ صينية وهندية سابقًا تفريغ شحنات وصلت على متن ناقلات مجهولة أو مدرجة في قوائم العقوبات، ما أجبر السفن على تغيير وجهتها وتكبّد خسائر إضافية.

رد موسكو وتحذيرات الأسواق

من جهتها، وصفت السفارة الروسية في لندن العقوبات الجديدة بأنها “إجراء مرتدّ”، محذّرة من أنها ستزعزع استقرار أسواق الطاقة العالمية وترفع الأسعار على المستهلكين البريطانيين.
وجاء في بيانها: “على عكس التصريحات الصاخبة للقادة البريطانيين، فإن هذه القيود لن تؤثر على المسار السياسي الخارجي الروسي”.

ويرى محللون أن هذا التصعيد البريطاني، بالتوازي مع خطوات واشنطن والاتحاد الأوروبي، يضيق الخناق تدريجيًا على تجارة النفط التقليدية الروسية، ويدفع الكرملين إلى الاعتماد على قنوات مظلمة تفتقر إلى الشفافية.

وبينما تدخل الحرب عامها الثالث، يبدو أن الغرب مصمم على أن كل برميل نفط روسي وكل ناقلة تحمل خامه، يجب أن تدفع ثمنًا متزايدًا — ثمنًا يهدف إلى تجفيف منابع التمويل التي تغذي ماكينة الحرب في أوكرانيا.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة