قالت دائرة العمل الخارجي، الذراع الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي، في وثيقة اطلعت عليها رويترز إنه ينبغي على الاتحاد تعزيز نفوذه في عملية إعادة إعمار غزة والانضمام إلى “مجلس السلام” الذي اقترحته الولايات المتحدة بهدف الإشراف المؤقت على إدارة القطاع، فيما حثّت بريطانيا على اتباع نموذج أيرلندا الشمالية في نزع سلاح غزة.
وجاء في الوثيقة الصادرة عن دائرة العمل الخارجي والتي تُقيّم الخطة وجرى توزيعها على الدبلوماسيين هذا الشهر “من المهم الحصول على مزيد من الوضوح بشأن العناصر الأساسية التي لم تُفصّل بالكامل بعد، ولا سيما الدور الذي سيلعبه الفلسطينيون في غزة بعد الحرب”.
وأضافت “يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي عضوا في هيئة الإشراف على مجلس السلام المستقبلية للتأثير على الخيارات الاستراتيجية”.
والاتحاد الأوروبي، المؤلف من 27 دولة، من أكبر الداعمين الماليين للسلطة الفلسطينية، التي تسعى إلى دور مهم في غزة بعد أن أخرجتها حماس من القطاع عام 2007، ولكن يتعين عليها إجراء إصلاحات قبل أن تتمكن من تولي السلطة هناك.
وأضافت الوثيقة “ينبغي للاتحاد الأوروبي استغلال نفوذه إلى أقصى حد من أجل زيادة تأثيره على العملية من خلال مجموعة متنوعة من الأدوات المتاحة له”.
ويتضمن برنامج تمويل الاتحاد الأوروبي للفترة 2025-2027 تخصيص 1.6 مليار يورو (1.85 مليار دولار) للسلطة الفلسطينية والأراضي الفلسطينية.
وعلى المدى القصير، يرى الاتحاد الأوروبي أنه يُمكنه زيادة تمويله في غزة والاستفادة من موارد الحماية المدنية والعمل جهة مراقبة خارجية في إطار جهود المساعدات الإنسانية و”إعادة تأهيل البنية التحتية”.
وتشير الوثيقة إلى أنه يمكن للاتحاد الأوروبي أيضا الاستعانة ببعثة قائمة تُعرف باسم “بعثة المساعدة الحدودية الأوروبية في رفح” لتوفير وجود طرف ثالث محايد عند المعبر الحدودي بين غزة ومصر.
الدور المطلوب في “مجلس السلام”
تشمل خطة ترامب إنشاء “مجلس سلام” يضم مراقبين دوليين بقيادة ترامب نفسه. وسيوضع قطاع غزة تحت إدارة انتقالية مؤقتة من لجنة “تكنوقراطية محايدة”، تتألف من فلسطينيين وخبراء دوليين، يشرف عليها “مجلس السلام”.
وهذه اللجنة مناطة بوضع إطار التمويل وإدارته لإعادة تنمية غزة إلى أن تتمكن السلطة الفلسطينية من تولي السلطة.
ويقول مسؤولون أوروبيون وعرب إن الخطة تحتاج إلى مزيد من الوضوح بشأن دور السلطة الفلسطينية بعد المرحلة الانتقالية والإطار الزمني لهذه الفترة وآفاق إقامة دولة فلسطينية، وهو أمر تستبعده إسرائيل.
وتشير تقديرات الاتحاد الأوروبي إلى أنه “يتعين على التكتل السعي للانضمام إلى عضوية هيئة الإشراف على مجلس السلام. وبوسع الاتحاد تقديم المساعدة الفنية للجنة التكنوقراط الفلسطينية المقترحة في الخطة”.
نموذج أيرلندا الشمالية
قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الثلاثاء إن بريطانيا قد تؤدي دورا قياديا في المساعدة في نزع سلاح حماس من قطاع غزة، وذلك بالاستناد إلى تجربتها في تشجيع الجماعات المسلحة في أيرلندا الشمالية على إلقاء السلاح.
وذكر ستارمر أمام البرلمان أن نزع السلاح من القطاع سيكون أمرا حيويا في استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وهي المرحلة الأولى من إطار عمل وضعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويتألف من 20 نقطة لإحلال السلام في القطاع الفلسطيني.
وكان جوناثان باول، مستشار ستارمر للأمن القومي، العقل المدبر لاتفاق الجمعة العظيمة لعام 1998 الذي أنهى إلى حد بعيد عنفا طائفيا استمر ثلاثة عقود في أيرلندا الشمالية، إذ عمل إلى جانب رئيس الوزراء السابق توني بلير المرشح للاضطلاع بدور في غزة.
وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين أيضا إن حالة أيرلندا الشمالية يجري الاستشهاد بها نموذجا مستقبليا محتملا لغزة على الرغم من إشارتهم إلى عدم وجود خطة شاملة.
وقال ستارمر “بالطبع، سيكون هذا الأمر صعبا، لكنه أمر حيوي. كان الأمر صعبا في أيرلندا الشمالية فيما يتعلق بالجيش الجمهوري الأيرلندي، لكنه كان حيويا”.
وأضاف “لهذا السبب قلنا إننا على استعداد للمساعدة في عملية نزع السلاح استنادا إلى خبرتنا في أيرلندا الشمالية. لن أتظاهر بأن هذا الأمر سهل، لكنه شديد الأهمية”.
وكان الجيش الجمهوري الأيرلندي، وهو جماعة يغلب عليها الكاثوليك تسعى إلى توحيد أيرلندا، قال في 2005 إنه سينهي كفاحه المسلح رسميا. ورفض التخلص من أسلحته علنا، لكنه وافق على وجود مراقبين مستقلين قالوا بعد ثلاثة أشهر إنه أخرج أسلحته من الخدمة.
وتناول اتفاق السلام في أيرلندا الشمالية كل شيء بدءا من إصلاح الشرطة إلى الإفراج المبكر عن السجناء شبه العسكريين ونزع سلاح الجماعات شبه العسكرية و”تطبيع” الترتيبات الأمنية.
ومع ذلك، لم يحكم الجيش الجمهوري الأيرلندي أيرلندا الشمالية قط، على عكس حماس التي تسيطر على القطاع منذ 2007 وتشرف على جميع مناحي الحياة العامة.
وكان باول في مصر أمس الاثنين لحضور قمة دولية بخصوص غزة إلى جانب ستارمر، وتقول هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إنه كان هناك الأسبوع الماضي في أثناء وضع اللمسات النهائية على المفاوضات.
وتوجه ستيف ويتكوف مبعوث ترامب بالشكر إلى باول أمس في منشور على منصة إكس على “إسهاماته الرائعة وجهوده الدؤوبة”.
وفي غزة، قال المسؤولون الإسرائيليون إن أي تسوية نهائية يجب أن تتضمن نزع سلاح حماس على نحو دائم.
وقال ترامب أيضا إنه سينشئ “مجلس سلام” للإشراف على حكم غزة. وكان ترامب اقترح في بادئ الأمر أن ينضم بلير إلى هذا المجلس، لكنه قال يوم الأحد إنه بحاجة إلى معرفة ما إذا كان ذلك “خيارا مقبولا للجميع”.
