القاهرة- اتهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الأحد، أديس أبابا بالتسبب في إلحاق أضرار بمصر والسودان جراء عدم التنسيق في تشغيل سد النهضة، مشددا على أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي، حيال ما يجري.
وتعرضت عدة مناطق في السودان في الأيام الأخيرة، إلى فيضانات ناجمة عن ارتفاع منسوب المياه في نهر النيل، فيما غمرت المياه للسبب ذاته أراضي محاذية لمجرى النهر وتفريعاته بمحافظات مصرية.
وجاءت تصريحات الرئيس المصري في كلمة مسجلة بثت خلال الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة الثامن للمياه، الذي انطلق الأحد، تحت شعار “الحلول المبتكرة من أجل القدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية واستدامة الموارد المائية”، وفق بيان للرئاسة المصرية.
ويشهد المؤتمر الذي يستمر عدة أيام مشاركة واسعة من وزراء وصناع القرار وخبراء دوليين، وممثلي منظمات دولية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وتطرق الرئيس المصري في كلمته لأزمة سد “النهضة” الإثيوبي قائلا “انتهجت مصر على مدار 14 عاما من التفاوض المضني مع الجانب الإثيوبي، مسارا دبلوماسيا نزيها اتسم بالحكمة والرصانة، وسعت فيه بكل جدية، إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، يراعي مصالح الجميع، ويحقق التوازن بين الحقوق والواجبات.”
وأضاف “قدمت مصر خلال هذه السنوات العديد من البدائل الفنية الرصينة التي تلبي الأهداف المعلنة لإثيوبيا، كما تحفظ مصالح دولتي المصب”.
غمرت المياه في الأيام الأخيرة أراضيَ محاذية لمجرى نهر النيل وتفريعاته في محافظات مصرية، نتيجة ارتفاع منسوب المياه
واستدرك قائلا “إلا أن هذه الجهود، قوبلت بتعنت لا يفسر إلا بغياب الإرادة السياسية، وسعي لفرض الأمر الواقع، مدفوعا باعتبارات سياسية ضيقة، بعيدة عن احتياجات التنمية الفعلية فضلا عن مزاعم باطلة، بالسيادة المنفردة على نهر النيل.”
وأكد السيسي أن نهر النيل “ملكية مشتركة لكافة دوله المتشاطئة، ومورد جماعي لا يحتكر.”
وأشار إلى أنه “بعد بدء تدشين السد الإثيوبي، ثبتت بالدليل الفعلي صحة مطالبتنا، بضرورة وجود اتفاق قانوني وملزم لأطرافه، لتنظيم تشغيل هذا السد.”
وأوضح الرئيس المصري أنه “في الأيام القليلة الماضية، تسببت إثيوبيا، من خلال إدارتها غير المنضبطة للسد، في إحداث أضرار بدولتي المصب، نتيجة التدفقات غير المنتظمة، والتي تم تصريفها، دون أي إخطار أو تنسيق مـع دولتي المصب،” في إشارة إلى غمر أراض ومنازل في مصر والسودان.
وطالب السيسي “المجتمع الدولي بصفة عامة، والقارة الأفريقية بصفة خاصة، بمواجهة مثل هذه التصرفات المتهورة من الإدارة الإثيوبية، وضمان تنظيم تصريف المياه من السد، في حالتي الجفاف والفيضان، في إطار الاتفاق الذى تنشده دولتا المصب.”
وشدد على أن “اختيار مصر طريق الدبلوماسية واللجوء إلى المؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، لم يكن يوما ضعفا أو تراجعا، بل تعبيرا عن قوة الموقف ونضج الرؤية، وإيمانا عميقا بأن الحوار هو السبيل الأمثل، والتعاون هو الطريق الأجدى، لتحقيق مصالح جميع دول حوض النيل، دون تعريض أي منها للخطر.”
وأكد الرئيس المصري أن “مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول الذى تتبعه إثيوبيا، وستتخذ كافة التدابير لحماية مصالحها وأمنها المائي.”
في 3 أكتوبر الجاري، اتهمت وزارة الري المصرية أديس أبابا بالقيام بتصرفات “متهورة وغير مسؤولة” في إدارة “سد النهضة”، قائلة إن تلك التصرفات “ألحقت أضرارا بالسودان، وتشكل تهديدا مباشرا لأراض وأرواح مصرية.”
وهناك خلافات بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الذي بدأ بناؤه في 2011، حيث تطالب القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي قانوني ملزم بشأن الملء والتشغيل.
وفي المقابل، تعتبر إثيوبيا أن الأمر لا يستلزم توقيع اتفاق، وتقول إنها لا تعتزم الإضرار بمصالح أي دولة أخرى، ما أدى إلى تجميد المفاوضات لـ3 أعوام، قبل أن تُستأنف في 2023، وتجمد مرة أخرى في 2024.