رفضت إريتريا الجمعة ما وصفته بـ”الاستعراضات العسكرية المستفزة” و”الحملة الدعائية العدائية” التي تشنها إثيوبيا عليها، بحجة أن أسمرة تتواطأ مع فصيل عسكري مناهض لأديس أبابا لشن حرب عليها. وشهدت الأيام الماضية تصعيدا في اللهجة بين الجارين، ما ينذر برفع مستوى التوتر الأمني في منطقة القرن الأفريقي.
قال وزير الإعلام الإريتري يماني غبرميسكيل، إن “الحملة الدعائية المكثفة التي تهدف إلى إذكاء النزعات التوسعية، قد ترافقت مع استعراضات عسكرية استفزازية”، منددا برسالة أديس أبابا إلى الأمم المتحدة التي وصفها بأنها “خداع زائف”.
واتهمت الخارجية الإثيوبية في رسالة موجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أسمرة بالتواطؤ مع فصيل متشدد من جبهة تحرير شعب تيغراي “لشن حرب” عليها، معتبرة أن الطرفين يقومان بـ”تمويل وتسليح وتوجيه” مجموعات مسلحة في ولاية أمهرة لزعزعة الاستقرار في إثيوبيا.
ولفتت الرسالة إلى أن “التواطؤ” بين الحكومة الإريترية وفصيل متشدد داخل “جبهة تحرير شعب تيغراي” أصبح أكثر وضوحا خلال الأشهر القليلة الماضية، وأن أسمرة تعيد إنتاج نمط قديم من إثارة النزاعات عندما يهدد السلام مكانتها الإقليمية.
منفذ على البحر الأحمر
يذكر أن “جبهة تحرير شعب تيغراي” تنقسم حاليا إلى جناحين متضادين، الأول بقيادة غيتاتشو رضا المتحالف مع الحكومة الفيدرالية الإثيوبية، والثاني بقيادة ديبريتسيون جبريميكائيل المعارض لأديس أبابا ويتهمها بالتنصل من اتفاقية بريتوريا الموقعة عام 2022.
ويأتي هذا في ظل تصاعد للتوترات العسكرية في إقليم أمهرة، حيث شنت القوات الفيدرالية الإثيوبية غارات جوية مكثفة بطائرات مسيرة على بلدتي جارسا بير وسانكا قرب وولديا، قالت إنها استهدفت مجموعات من تنظيم “فانو” المعارض لها.
وتمر العلاقات بين الإثيوبية الإريترية اليوم بمنعطف خطير، خاصة وأن خلفيات النزاع بين البلدين الجارين تتخطى المناطق الحدودية وتتداخل فيها مساعي أديس أبابا للحصول على منفذ على البحر الأحمر في إطار ما تسميه حقها في “التكامل الاقتصادي الإقليمي”.
تغييرات في التحالفات الجيوسياسية
ويعكس الانقسام بين الجماعات النشطة في منطقة تيغراي حالة التوتر في العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا، فبعد سنوات من الاقتتال بين “جبهة تحرير شعب تيغراي” وإريتريا، تذكر تقارير متعددة أن أسمرة وجدت في أحد فصائل الجبهة المتشددة حليفا ممكنا في أي نزاع مستقبلي ضد أديس أبابا.
في الإطار، قال غيتاتشو رضا، زعيم الفصيل المؤيد للحكومة الإثيوبية في تيغراي، في تموز/يوليو الماضي، “تتمثل العواقب المنظورة والمشؤومة لهذا التحالف غير المقدس بين النظام الإريتري والفصيل الرجعي داخل الجبهة … في إعلان الحرب من جديد على شعبنا، فعلى كل واحد من أهل تيغراي أن يرفض هذا المسار الهدام”.
وخلال الفترة نفسها، حذرت إثيوبيا من أن منطقة تيغراي المنقسمة أمست على شفير الحرب، متهمة الجبهة برفض المشاركة في عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة التأهيل التي نص عليها اتفاق بريتوريا لعام 2022.
نزاع محلي فصائلي يخفي حربا إقليمية
وأفادت وسائل إعلام إثيوبية في حينه بأن القوات المتحالفة مع الجبهة تسعى لاستعادة الأراضي المتنازع عليها على طول حدود تيغراي مع منطقة أمهرة، مثل وولكيت ورايا ألماتا، بعد أن ضمتها قوات الأماهرة المتحالفة مع الحكومة الاتحادية أثناء صراع تيغراي.
ويحذر مراقبون من أنه على الرغم من أن نزاعا إقليميا واسع النطاق بين البلدين هو احتمال ضئيل، لكن إعادة إشعال فتيل النزاعات المسلحة في الإقليم بشكل حرب بالوكالة بين أسمرة وأديس أبابا، سيجر المنطقة إلى دائرة عنف سيكون من المستحيل إنهاءها، إذ أنه سيجلب تدخلات إقليمية ودولية ويتحول تدريجيا إلى سيناريو أقرب للحرب الدائرة حاليا في السودان.