الخرطوم ـ «القدس العربي»: قُتِل 13 مدنيا سودانيا في غارة على مسجد في الفاشر المحاصرة في دارفور في غرب السودان، نفذتها قوات «الدعم السريع»، التي قالت مصادر طبية وميدانية لـ «القدس العربي» إنها ألقت غازات سامة عبر طائرات مسيرة في هجماتها الأخيرة على المدينة.
أخرجنا 13 جثة
وقال شاهد عيان لـ» فرانس برس»: «بعدما سقطت قذائف عصرا على مسجد حي أبو شوك، أخرجنا 13 جثة من تحت الدمار ودَفنّاها». وأفاد أحد الناجين بإصابة نحو 20 شخصا أيضا بجروح.
وأوضح «كنا نحو 70 أسرة على الأقلّ لجأت إلى المسجد بعدما اقتحمت قوات الدعم السريع بيوتنا».
وقُتِل خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة ما لا يقل عن 33 شخصا في هجمات لـ»الدعم» في مدينة الفاشر التي تحاصرها منذ 18 شهرا.
وكان قسم التوليد في مستشفى المدينة استُهدِف الثلاثاء بمسيّرة، في غارة أدّت إلى مقتل ثمانية أشخاص وإصابة سبعة، حسب مصادر طبية طلبت عدم نشر أسمائها. وأسفر قصف الأربعاء عن سقوط 12 قتيلا على الأقلّ، من بينهم طبيب وممرّض، و17 جريحا، حسب ما أفاد زملاء لهم. وفي منتصف أيلول/سبتمبر، أدى هجوم على مسجد في الفاشر إلى سقوط 75 قتيلا على الأقل، وفقا للمسعفين المحليين.
وتزامن الهجوم مع احتدام المعارك بين الجيش وقوات «الدعم» في الفاشر، حسب ما قال مصدر ميداني لـ»القدس العربي»، مبيناً أن الجيش والقوات المساندة له هي من بدأت بالهجوم على ارتكازات ومواقع «الدعم» وكبدتها خسائر مقدرة في الأرواح والعتاد.
وأشار المصدر إلى أن المعارك كانت ترتكز في محور شمال المدينة واستخدمت فيه القوات المتحاربة أسلحة ثقيلة وخفيفة إلى جانب المسيرات الانتحارية، لافتاً إلى أن الهدف من عملية الهجوم المباغت الذي قام به الجيش هو توسيع نطاق الدفاعات المتقدمة واسترداد بعض المواقع الاستراتيجية من قبل «الدعم».
ومنذ مايو/أيار العام الماضي تتعرض مدينة الفاشر التي تعد آخر المواقع المهمة التي ما زالت في قبضة الجيش في إقليم دارفور لهجمات متكررة من قبل قوات «الدعم» تجاوزت الـ250 هجوما لم تفلح عبره من السيطرة على المدينة وهزيمة الجيش وقوات الحركات المسلحة والمقاومة الشعبية المتحالفة معه.
وخلال الأسبوع الجاري استطاع الجيش فك الحصار الجوي على الفاشر وإيصال تعزيزات عسكرية عن طريق قيامه بعملية إنزال وبعد استهداف منظومات دفاع جوي حديثة كانت قد نصبتها «الدعم» في أطراف المدينة.
وقال رئيس حركة جيش تحرير السودان في شمال دارفور والقيادي في القوة المشتركة محمد آدم أحمد كش لـ»القدس العربي»: إن «الفاشر قاتلت أكثر من 6 أشهر من دون إمداد جوي من المركز والآن بعودة الإسقاط الجوي على دفعتين يعتبر ذلك حافزاً كبيرةً بالنسبة لنا لاستمرار عمليات تنظيف المدينة من الميليشيا».
قيادي حليف للجيش: الفاشر قاتلت أكثر من 6 أشهر من دون إمداد جوي
وأضاف: «الفاشر خلصت السودان من شرور كثيرة كان ينفذها مجرمون منتمون للدعم السريع لقوا حتفهم على أسوار المدينة».
وتابع: «باستلامنا لهذه الإمدادات الطبية والغذائية والعسكرية سوف تكون خاتمة الميليشيا وتحرير دارفور بدءًا من فك حصار الفاشر».
وقال إنهم لاحظوا أن الدعم السريع بدأت تستخدم بعض المواد السامة لكنهم حتى الآن لا يستطيعون الجزم بأنها أسلحة كيميائية أو غيرها لكنها مواد سامة تطلق دخانا كثيفا وتتسبب في الاختناقات لفترة طويلة في المواقع التي يتم استهدافها.
ودعا إلى إجراء تحقيق نزيه ومحاسبة الدعم السريع لاستخدامها أشياء تضر بصحة الإنسان والحيوان.
في السياق ذاته، أكد مصدر طبي لـ «القدس العربي» استخدام «الدعم» غازات سامة تؤدي إلى اختناقات في هجماتها الأخيرة على الفاشر.
وكان مسؤول الإعلام في حكومة إقليم دارفور عبد العزيز أوري قال يوم الإثنين الماضي إن قوات «الدعم» ألقت رؤوس أسلحة محظورة دولياً عبر طائرات مسيرة على الفاشر.
وأبدى في تصريحات صحافية قلقه إزاء ذلك، داعياً المجتمع الدولي إلى فتح تحقيق دولي فوري، مشيراً إلى تسجيل حالات استخدام لتلك الأسلحة بعد العثور على رؤوس منها تصدر روائح وغازات وظهور تشنجات وعلامات مرضية بين السكان في المناطق المستهدفة بالتزامن مع إلقاء الأسلحة.
كذلك اتهمت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر «الدعم» بنثر غازات كيميائية فوق منازل المواطنين، معتبرة ذلك تصعيداً خطيراً ويشكل جريمة حرب متكاملة الأركان وانتهاكاً صارخاً لكل المعاهدات والمواثيق الإنسانية.
وكان قد نشر جنود في القوة المشتركة مقاطع مصورة تظهر مسيرات تحمل عبوات مجهولة تنبعث منها غازات كريهة وسامة قالوا إنهم عثروا عليها في مواقع كانت تتبع لـ»الدعم».
ويشار أن واشنطن كانت قد اتهمت في مايو/أيار الماضي حكومة السودان باستخدام أسلحة كيميائية خلال حربها ضد الدعم قوات «الدعم» وفرضت عليها تبعا لذلك عقوبات شملت قيوداً على الصادرات والوصول إلى خطوط الائتمان.
وفي تطور جديد، قالت الحكومة السودانية، أمس الأول، إنها تواصل الانخراط مع الولايات المتحدة بشأن اتهاماتها باستخدام أسلحة كيميائية خلال الحرب مع الدعم السريع.
وأشارت وزارة الخارجية إلى أن واشنطن أبدت استعدادها لتزويد السودان بالبيانات والتفاصيل الضرورية حول اتهامها الخاص باستخدام أسلحة كيميائية.
ميدانياً كذلك وفي غرب كردفان، نفذ الطيران الحربي التابع للجيش صباح أمس الخميس سلسلة من الغارات الجوية التي استهدفت تجمعات لـ»الدعم» داخل مدينة النهود وفي محيط منطقة أم صميمة، وذلك حسبما أفاد مصدر عسكري لـ «القدس العربي».
وقال المصدر إن استهداف تجمعات الدعم السريع في النهود يأتي في إطار خطة الاستنزاف والعمليات العسكرية الرامية إلى استعادة السيطرة على المناطق الحيوية في ولاية غرب كردفان.
ضربات جوية
وأوضح أن الضربات الجوية استهدفت ارتكازات وتجمعات للدعم السريع وآليات قتالية، ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية وسط حالة من الارتباك في صفوف الدعم السريع التي حشدت مزيدا من قواتها للدفاع عن المدينة والحد من توغل الجيش في مناطق غرب كردفان. وتعتبر مدينة النهود من أبرز المناطق الاستراتيجية في غرب كردفان واستطاع الدعم السريع السيطرة عليها بعد معارك شرسة في الثاني من مايو/أيار الماضي. في المقابل، كثف الجيش عملياته العسكرية في محاور القتال في كردفان الأسابيع الماضية حيث استطاع استعادة مدينة بارا ومنطقة أم صميمة في شمال كردفان، بينما حشد مزيدا من قواته استعداداً لما يتوقع من اندلاع معارك والتقدم نحو مدينتي الخوي والنهود.
