تصدر المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الاثنين، حكمها بحق أحد أبرز قادة الميليشيات السودانية المتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الهجمات العنيفة في إقليم دارفور.
ويواجه علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف بلقب “علي كوشيب”، 31 تهمة تتعلق بجرائم تشمل القتل والاغتصاب والتعذيب، ارتُكبت في دارفور بين أغسطس 2003 وأبريل 2004 على الأقل.
وتقول النيابة إن المتهم كان أحد القادة البارزين في ميليشيا الجنجويد سيئة الصيت في السودان، وقد شارك “بحماس” في عدة جرائم حرب، بينما نفى عبد الرحمن، المولود نحو عام 1949، جميع التهم مؤكداً أن السلطات “ألقت القبض على الشخص الخطأ”.
وردت حكومة الخرطوم في حينه بنشر قوات الجنجويد، وهي ميليشيا مكونة من أفراد قبائل رعوية في الإقليم.
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، قُتل في نزاع دارفور خلال العقد الأول من الألفية نحو 300 ألف شخص، فيما نزح أكثر من 2.5 مليون آخرين عن ديارهم.
“آلام مبرحة”
خلال المحاكمة، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن عبد الرحمن وقواته “اجتاحوا مناطق عدة في دارفور”، و”أوقعوا آلاماً ومعاناة شديدة بالنساء والأطفال والرجال في القرى التي مرّوا بها”.
وأضاف كريم خان، الذي تنحى لاحقاً وسط اتهامات له بسوء السلوك الجنسي، أن المتهم “كان جزءاً من آلة قاتلة خلّفت وراءها المآسي في كل مكان”.
ويعتقد أن عبد الرحمن كان من أبرز المقرّبين من الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.
يُذكر أن البشير، الذي حكم السودان بقبضة من حديد قرابة ثلاثة عقود، أُطيح به واعتُقل في أبريل 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية، ولم يُسلَّم بعد إلى المحكمة الجنائية في لاهاي.
وتسعى النيابة حالياً لاستصدار مذكرات توقيف جديدة تتعلق بالأزمة الراهنة في السودان، حيث أدت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي انبثقت عن ميليشيا الجنجويد إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، بينما تحذّر منظمات الإغاثة من مجاعة تلوح في الأفق.
وفي معسكر “كلما” جنوب دارفور، يستعد الناجون لمتابعة الحكم عبر اتصال إنترنت فضائي مستأجر من خدمة ستارلينك، في منطقة خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع وتشهد تفشياً للكوليرا وأزمة جوع حادة.
وقال عبد الرحمن خلال جلسة عقدت في ديسمبر 2024: “لست علي كوشيب… لا أعرف هذا الشخص، ولا علاقة لي بالاتهامات الموجهة ضدي”.
وكان قد فرّ إلى إفريقيا الوسطى في فبراير 2020 بعد إعلان الحكومة السودانية الجديدة نيتها التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، قبل أن يسلم نفسه قائلاً إنه كان “يائساً ويخشى أن تقتله السلطات”.
وأضاف: “اختبأت لشهرين وأنا أتنقل باستمرار بعدما تلقيت تحذيرات بأن الحكومة تسعى لاعتقالي… لو لم أُسلم نفسي، لربما كنت ميتاً الآن”.
واندلعت الحرب في دارفور عندما حملت قبائل غير عربية السلاح ضد الحكومة المركزية التي اتهمتها بممارسة التمييز الممنهج.
