29 C
Khartoum

مجزرة جديدة ترتكبها مليشيا الدعم السريع في الفاشر: قصف يستهدف مركز إيواء للنازحين يودي بحياة 8 مدنيين بينهم أطفال ونساء

Published:

الفاشر – شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، اليوم الثلاثاء، حدثاً دامياً جديداً إثر قصف مدفعي نفذته قوات الدعم السريع واستهدف مركزاً مؤقتاً لإيواء النازحين في حي “أبوشوك الحلة”، ما أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين بينهم أطفال ونساء وإصابة عشرات آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، في مشهد يفاقم مأساة المدينة التي ترزح تحت حصار خانق منذ أكثر من عام.

وبحسب شهود عيان، سقطت أربع قذائف مدفعية بشكل مباشر على المركز المكتظ بالنازحين الذين فرّوا من مختلف أحياء مدينة الفاشر إلى جانب الفارين من مخيمي زمزم وأبوشوك، في محاولة للبحث عن ملاذ آمن. غير أن القصف أدى إلى انهيار أجزاء واسعة من مباني المركز، التي تحولت إلى أنقاض، تاركاً وراءه مشهداً كارثياً.

التقارير الميدانية أفادت بأن معظم الضحايا من النساء والأطفال، فيما تحركت فرق تطوعية محلية لإسعاف المصابين ونقلهم على عجل إلى المستشفى السعودي الوحيد العامل في المدينة. وأكد مصدر صحي أن توقف مركز صحي أبوشوك عن الخدمة بعد مغادرة أطبائه بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، ضاعف من معاناة الجرحى والنازحين، الذين يفتقرون إلى الرعاية والإمكانات الطبية الأساسية.

شهادات وصور صادمة

فيديوهات وصور متداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي كشفت حجم المأساة داخل مركز الإيواء، حيث تناثرت أواني الطعام وأغطية النوم بين الركام، وتشققت الجدران بفعل الشظايا، فيما ظهرت محتقنة بدماء المدنيين الذين لم يتمكنوا من النجاة. هذا المشهد دفع ناشطين وحقوقيين إلى وصف الحادثة بـ”المجزرة”، مطالبين بضرورة كسر الحصار عن المدينة وتقديم الإغاثة الإنسانية العاجلة لسكانها.

إدانة رسمية ومطالب بالتحقيق

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي أدان في بيان شديد اللهجة القصف الذي استهدف مركز النازحين، واعتبره “جريمة جديدة” تضاف إلى سجل انتهاكات الدعم السريع ضد المدنيين العزل. وقال مناوي في تغريدة على صفحته في فيسبوك: “إن هذا الاعتداء الغادر يستهدف النساء والأطفال والشيوخ النازحين، ويؤكد أن المليشيا لا تميّز بين المقاتلين والمدنيين، مواصلةً سياسات الأرض المحروقة وجرائم الإبادة بحق أهل دارفور”.

وأضاف أن القصف يمثل “انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني”، مطالباً المنظمات الحقوقية الدولية بالتدخل العاجل لإنقاذ المدنيين في الفاشر وحماية من تبقى محاصرين في ظل ظروف إنسانية متدهورة.

والحادثة تأتي في خضم تصعيد عسكري مستمر منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان 2023، والتي أسفرت، وفق إحصاءات الأمم المتحدة والسلطات السودانية، عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح أو لجوء نحو 15 مليوناً. أما دراسة صادرة عن جامعات أميركية فذهبت إلى أن العدد الحقيقي للقتلى قد يقترب من 130 ألفاً، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في البلاد.

تقارير أممية ودولية حذرت في الأسابيع الأخيرة من “خطط مقلقة” لتنفيذ هجمات واسعة باستخدام الطائرات المسيّرة والقصف العشوائي في دارفور، بما قد يزيد من معاناة المدنيين ويعجّل بحدوث مأساة إنسانية أكبر. والفاشر، باعتبارها إحدى المدن المركزية في الإقليم، تعيش منذ أشهر حالة حصار خانق مع انقطاع الإمدادات الغذائية والطبية وتزايد أعداد النازحين الباحثين عن مأوى، ليتحوّل استهداف مراكز الإيواء إلى تهديد مباشر لبقية الناجين.

مأساة ممتدة وانتظار النجدة

بهذا القصف الجديد، يكون سجل الحرب في دارفور قد أضيفت إليه مأساة أخرى تثقل كاهل المدنيين المحاصرين، الذين يواجهون مصيراً مجهولاً بين جوع وحصار ونيران حرب متواصلة. وبينما ينشغل العالم بأزمات متلاحقة، يظل سكان الفاشر ودارفور عالقين في قلب إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية التي يشهدها السودان في تاريخه الحديث.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة