غيب الموت في العاصمة المصرية القاهرة، يوم الجمعة، الفنان التشكيلي والإعلامي السوداني البارز إدمون منير، بعد مسيرة مهنية امتدت لعقود طويلة، تميزت بالتجديد الفني والتنوع الإبداعي، وترك خلالها بصمة مؤثرة في مجالات الرسم والخط والكاريكاتير والعمل التلفزيوني. وقد نعت الأوساط الثقافية والفنية في السودان الراحل باعتباره أحد أبرز رموز الفن الوطني، الذي سخّر أدواته البصرية واللغوية لترسيخ قيم التنوير والتسامح، وجعل من الفن رسالة تتجاوز حدود الشكل إلى مضمون إنساني عميق.
في بيان نعي صادر عن مجلس السيادة السوداني، وصف إدمون منير بأنه من أعمدة الفن السوداني الحديث، مشيراً إلى إسهاماته في تحويل الكاريكاتير إلى وسيلة للتعبير الثقافي والاجتماعي، ومساهمته في ترسيخ الفن كأداة للنهوض الوطني. وأكد المجلس أن أعماله الفنية، سواء عبر الرسومات أو البرامج التلفزيونية، كانت تحمل رسائل محبة وسلام، وتُعد جزءاً من الذاكرة البصرية والثقافية للسودان. كما أشار البيان إلى دوره التوعوي في تطوير الخطاب الفني داخل المؤسسات الإعلامية والثقافية، محلياً ودولياً.
مسيرة مهنية وتعليمية
ولد إدمون منير ونشأ في بيئة تعليمية متعددة المشارب، حيث تلقى تعليمه في الكلية القبطية والمدرسة الإنجيلية، قبل أن يلتحق بقسم الخط العربي في المعهد الفني التابع لكلية الفنون الجميلة بجامعة السودان. تخصص في الخط العربي، ثم واصل دراسته العليا في مجالات الفنون والرسوم المتحركة والخدع السينمائية في ألمانيا الغربية، خلال عامي 1972 و1983، ما أتاح له تكوين رؤية فنية متقدمة جمعت بين الأصالة والتقنيات الحديثة، ووسّعت من أدواته التعبيرية في مختلف الحقول البصرية.
ومنذ تأسيس التلفزيون السوداني في عام 1962، ارتبط اسم إدمون منير بمقدمات البرامج التلفزيونية التي حملت توقيعه الفني، حيث عمل في قسم الخطوط ثم انتقل إلى إدارة برامج الأطفال، قبل أن يتولى لاحقاً إدارة أقسام المنوعات. وقدم برنامجاً تلفزيونياً شهيراً بعنوان “خد وهات”، جمع فيه بين الرسوم المتحركة والحوار التفاعلي، ليصبح من أبرز البرامج التي تركت أثراً في ذاكرة المشاهد السوداني. وتميزت تجربته التلفزيونية بالابتكار، حيث كان من أوائل من أدخلوا عناصر التجديد البصري إلى الشاشة السودانية.
تكريمات متعددة
على مدار مسيرته الفنية، نال إدمون منير عدداً من الجوائز التكريمية التي تعكس مكانته في المشهد الثقافي السوداني والعربي. فقد كرّمه الرئيس الأسبق جعفر نميري بمنحه نوط الجدارة، كما حصل على وسام الآداب والفنون خلال احتفالات التلفزيون السوداني باليوبيل الذهبي عام 2012. وفي جنيف، نال الميدالية الذهبية من حقوق الملكية الفكرية، تقديراً لإسهاماته الفنية. وفي عام 2019، تم تكريمه مجدداً خلال احتفالات السودان باليوبيل الذهبي لاتحاد إذاعات الدول العربية، ليظل اسمه حاضراً في سجل المبدعين الذين تجاوزت أعمالهم حدود الجغرافيا إلى فضاءات التأثير الثقافي الأوسع.
المصدر : عين السودان
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.