الخرطوم ـ أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التزام المنظمة الدولية بدعم مؤسسات الدولة السودانية، ورفضها القاطع لأي محاولات تهدف إلى تقويض الشرعية أو إنشاء حكومات موازية، مشددًا على ضرورة احترام سيادة السودان ووحدته.
بحث الجانبان السوداني والمنظمة الدولية سبل تعزيز التعاون بينهما، خاصة في مجالات دعم السلام والاستقرار، وتنفيذ برامج التنمية المستدامة، إلى جانب مشاريع التعليم والصحة والأمن والتنمية الاقتصادية، وتمكين المرأة وتعزيز دورها في بناء السلام.
وأشاد غوتيريش بصمود الشعب السوداني وقيمه الإنسانية. كما دعا إلى ضرورة رفع الحصار عن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور فورًا، في ظل التدهور الإنساني الذي تعانيه المدينة جراء الحصار المستمر منذ أيار/مايو 2024.
وفي حزيران/يونيو الماضي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى هدنة إنسانية في الفاشر، لمدة أسبوع. وافقت الحكومة لكن الدعم السريع وحلفاءها تحدثوا عن إخلاء المدينة من المدنيين باعتبارها منطقة عمليات عسكرية. ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، يعيش نحو 300 ألف مدني داخل مدينة الفاشر، وسط ظروف إنسانية متدهورة، حيث يواجهون عمليات قصف مستمر ونقص حاد في الغذاء، وانقطاع تام للخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الطبية.
إدريس يعرض خريطة
طريق لإنهاء الحرب
من جهته، أعرب رئيس الوزراء السوداني عن تقدير بلاده للدور الحيوي الذي تضطلع به الأمم المتحدة في دعم جهود السلام والتنمية، مؤكدًا التزام الحكومة بتحقيق سلام شامل وعادل، وبناء شراكات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
كما عرض إدريس خريطة الطريق السودانية لإنهاء الحرب، والتي تتضمن وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الدعم السريع من المناطق السكنية، ورفع الحصار عن الفاشر، وضمان العودة الآمنة للنازحين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وصولًا إلى انتخابات حرة ونزيهة تقودها حكومة مدنية من التكنوقراط، بإشراف ومراقبة دوليين.
الجامعة العربية تدعم مبادرات السلام
كذلك، التقى الدكتور كامل إدريس، بالأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، حيث تم بحث سبل دعم الجامعة العربية للسودان في مختلف المجالات الحيوية.
تناول اللقاء ضرورة تحقيق السلام في السودان كأولوية قصوى، إلى جانب مناقشة قضايا إعادة الإعمار والتنمية في البلاد، وجهود دعم الاستقرار والتنمية الشاملة.
وأكد الجانبان على أهمية التعاون العربي المشترك من أجل مستقبل أفضل للسودان، مع التأكيد على التزام الجامعة العربية بدعم كافة المبادرات التي تعزز السلام والتنمية في البلاد.
تهديدات وجودية للسودان
وفي كلمته أمام الجمعية العامة، حذر رئيس الوزراء السوداني من «تهديدات وجودية» تواجه البلاد، نتيجة ما وصفه بـ«جرائم ميليشيا الدعم السريع»، منبهًا إلى أن استمرار الحصار على مدينة الفاشر وتدفق المرتزقة والسلاح إلى الميليشيات يُعد انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وشدد إدريس على ضرورة تنسيق الجهود الأفريقية لحماية سيادة الدول ومنع التدخلات الخارجية، داعيًا إلى أن تكون الحلول للأزمات الأفريقية نابعة من داخل القارة.
وانتقد إدريس استمرار العقوبات الأحادية المفروضة على بعض الدول، مؤكدًا أنها تعيق جهود التنمية وتهدد حقوق الإنسان، كما عبّر عن قلق الحكومة السودانية من تسييس ملف حقوق الإنسان واستخدامه كأداة ضغط سياسي، داعيًا إلى مقاربة شاملة تراعي الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لهذه الحقوق.
وأكد إدريس التزام السودان بالقانون الدولي الإنساني، مشيرًا إلى أن الحكومة قدمت خطة وطنية شاملة لحماية المدنيين إلى مجلس الأمن، تشمل آليات وطنية لضمان سلامتهم، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع انتشار السلاح، ومكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وانتقد رئيس الوزراء السوداني الصمت الدولي تجاه ما وصفه بـ«جرائم الميليشيا الإرهابية المتمردة»، والتي تشمل قصف معسكرات النازحين ودور العبادة والمؤسسات التعليمية، ونهب الأسواق وتدمير المرافق الصحية، محذرًا من أن «السكوت على هذه الانتهاكات يُعد تشجيعًا ضمنيًا لاستمرارها».
«لا إملاءات تتعارض مع سيادتنا»
أكد إدريس أن حكومة الأمل المدنية في السودان «ستظل منفتحة على التعاون مع المجتمع الدولي»، لكنه شدد على أن بلاده «لن تقبل أي إملاءات تتعارض مع سيادتها وأمنها القومي»، متعهدًا بالعمل من أجل حماية كرامة الشعب السوداني وتحقيق السلام العادل والمستدام.
وفي سياق متصل، شارك وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني، السفير محيي الدين سالم، في الاجتماع السنوي لمجموعة الدول الأقل نموًا، الذي عقد على هامش الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وخلال كلمته، استعرض الوزير التحديات التي تواجه السودان نتيجة الحرب التي شنتها «ميليشيا الدعم السريع المتمردة» منذ 15 نيسان/ابريل 2023، مؤكدًا أن الصراع تسبب في أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، حيث شرد أكثر من 11 مليون مواطن سوداني، وأدى إلى دمار واسع النطاق في البنية التحتية.
وطالب الوزير المجتمع الدولي بتقديم دعم مالي وفني منسق لإعادة الإعمار، وإعفاء الديون، وتوفير تمويل ميسر، مع الاستثمار في الزراعة والطاقة المتجددة والبنية الرقمية، ودعم شبكات الحماية الاجتماعية، خاصة للفئات الأكثر هشاشة، وفي مقدمتهم النساء والأطفال.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.