في العاصمة المصرية القاهرة، توفي اليوم الفريق أول ركن عصمت عبد الرحمن، أحد أبرز القادة العسكريين في تاريخ السودان، والذي شغل منصب رئيس هيئة الأركان بالقوات المسلحة ووزير الداخلية في فترات مفصلية من تاريخ البلاد. وجاء الإعلان عن وفاته في السابع والعشرين من سبتمبر 2025، وسط موجة من الحزن الرسمي والشعبي، لما يمثله الراحل من رمزية وطنية ومهنية رفيعة في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية.
السفير الفريق أول ركن مهندس عماد الدين مصطفى عدوي، ممثل السودان لدى جمهورية مصر العربية والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، عبّر باسم طاقم السفارة عن بالغ الأسى لرحيل الفريق عصمت عبد الرحمن، مشيداً بمسيرته الطويلة التي امتدت عبر مواقع قيادية حساسة في الدولة. النعي الرسمي عكس حجم التقدير الذي حظي به الراحل داخل الأوساط الدبلوماسية والعسكرية، باعتباره أحد أعمدة المؤسسة العسكرية السودانية في العقود الأخيرة.
بدأ الفريق عصمت عبد الرحمن مسيرته العسكرية من الميدان، متنقلاً بين وحدات الجيش في مختلف أنحاء السودان، قبل أن يتدرج في الرتب حتى بلغ منصب رئيس هيئة الأركان، وهو أعلى منصب عسكري في البلاد. خلال سنوات خدمته، حمل أوسمة الجدارة والتفوق، وشارك في صياغة خطط استراتيجية شكلت لاحقاً أساساً لانتصارات الجيش السوداني في عدد من الجبهات. لم تكن قيادته مقتصرة على الجانب العملياتي، بل امتازت برؤية فكرية ثاقبة، جعلته من أبرز العقول العسكرية في البلاد.
بعد سنوات من العمل العسكري، انتقل الفريق عصمت إلى وزارة الداخلية، حيث تولى إدارة واحدة من أكثر الوزارات تعقيداً وحساسية في السودان. عرف عنه الحزم والانضباط، إلى جانب قدرته على التعامل مع الملفات الأمنية المعقدة، ما جعله يحظى باحترام واسع داخل المؤسسة الشرطية. رؤيته المعاصرة وشجاعته في اتخاذ القرار جعلت منه شخصية وطنية تحظى بتقدير مختلف الأطياف السياسية والعسكرية.
في عام 2010، تولى الفريق عصمت رئاسة الأركان المشتركة الجديدة، قبل أن يُعيّن وزيراً للداخلية في الخامس والعشرين من يونيو 2014 بقرار جمهوري. وفي عام 2017، تقدم باستقالته من منصبه، بعد خلافات داخل الوزارة، حيث اعتكف في منزله لأكثر من أسبوعين قبل أن يغادر البلاد. هذه المرحلة شكلت نقطة تحول في مسيرته المهنية، لكنها لم تقلل من مكانته في الذاكرة الوطنية السودانية.
خلال خدمته في القوات المسلحة، تنقل الفريق أول عصمت عبد الرحمن بين مواقع متعددة، من بينها سلاح المدرعات في منطقة الشجرة، وعمله كملحق عسكري في إيران، إلى جانب تدريسه في كلية القادة والأركان. كما تولى قيادة المنطقة الغربية، والفرقة السادسة مشاة في مدينة الفاشر، قبل أن يتولى رئاسة هيئة الأركان المشتركة. هذه التنقلات أكسبته خبرة ميدانية وإدارية واسعة، جعلته من أكثر القادة العسكريين تأثيراً في تاريخ السودان الحديث.
