الأمم المتحدة (أسوشيتد برس) — خلف الكواليس في الاجتماع السنوي لقادة العالم بالأمم المتحدة، تعمل دول رئيسية ومنظمات إقليمية على تنسيق الجهود لإنهاء الحرب المروّعة في السودان، والتي تسببت في أسوأ أزمة إنسانية ونزوح في العالم.
آلان بوسويل، مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية، قال إن اجتماع الجمعية العامة رفيع المستوى لهذا العام، الذي ينتهي الاثنين، قد يكون حاسماً في وقف الصراع.
وأضاف في بيان: “لأول مرة منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عامين، اتفقت القوى الخارجية الأكثر نفوذاً في السودان هذا الشهر على خارطة طريق لإنهاء الحرب. والآن تبدأ المهمة الكبرى في محاولة إقناع أطراف النزاع بوقف القتال”.
انزلق السودان إلى الصراع في منتصف أبريل 2023، عندما انفجرت التوترات الطويلة بين قادة الجيش وقادة قوات الدعم السريع شبه العسكرية في العاصمة الخرطوم وانتشرت غرباً إلى دارفور ومعظم أنحاء البلاد.
ووفق وكالات الأمم المتحدة، قُتل ما لا يقل عن 40 ألف شخص، ونزح نحو 13 مليوناً، فيما يواجه أكثر من 24 مليوناً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي وسط خطر مجاعة.
جهود لهدنة إنسانية ووقف إطلاق النار
بعد صيف من المشاورات، أصدرت الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات بياناً مشتركاً في 12 سبتمبر دعا إلى هدنة إنسانية أولية لمدة ثلاثة أشهر لتوصيل المساعدات العاجلة في السودان، يليها وقف دائم لإطلاق النار.
وقالت الدول الأربع إنه ينبغي بعد ذلك “إطلاق عملية انتقال شاملة وشفافة تُستكمل في غضون تسعة أشهر، لتلبية تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة ذات شرعية واسعة ومحاسبة.”
هذه المجموعة التي تطلق على نفسها “الرباعية” اجتمعت الأربعاء على هامش الجمعية العامة لمناقشة تنفيذ خارطة الطريق الخاصة بها.
كما عُقد اجتماع آخر ركز على خفض التصعيد الأربعاء بدعوة من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. وحضر الاجتماع ممثلون من الرباعية وأكثر من 12 دولة أخرى، إضافة إلى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومنظمة الإيقاد.
في بيان مشترك، دعت دول من بينها الاتحاد الأفريقي، الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، الدنمارك، النرويج وكندا، الأطراف المتحاربة — الحكومة وقوات الدعم السريع — إلى استئناف المفاوضات المباشرة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
ورحب البيان ببيان 12 سبتمبر الصادر عن الرباعية، وأكد دعم الجهود الأفريقية والأوروبية “لتنسيق المساعي الدولية والثنائية للضغط على جميع الأطراف السودانية باتجاه وقف إطلاق النار والعمل الإنساني والحوار السياسي.”
كما أدان البيان بشدة التدخل العسكري لدول أجنبية لم يُسمِّها و”جهات غير حكومية”، وحثها على التوقف عن تغذية الصراع.
اتهامات لقوات الدعم السريع بجرائم ضد المدنيين
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وفي كلمته “حالة العالم” التي افتتح بها أعمال الجمعية العامة الثلاثاء، وجّه دعوة مماثلة لجميع الأطراف، بما في ذلك دول لم يُسمها: “أوقفوا الدعم الخارجي الذي يغذّي إراقة الدماء. ادفعوا نحو حماية المدنيين.”
وقال غوتيريش: “في السودان، يُذبح المدنيون ويُجَوَّعون ويُسكتون. تواجه النساء والفتيات عنفاً لا يوصف.”
وقالت نائبة المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية في يوليو إن المحكمة ترى أن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تُرتكب في دارفور، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على جميع عواصم الولايات باستثناء الفاشر في شمال دارفور.
وأعلن الدعم السريع وحلفاؤه في أواخر يونيو تشكيل حكومة موازية في المناطق التي يسيطرون عليها. رفض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الخطة، محذراً من أن تشكيل حكومة منافسة يهدد وحدة أراضي البلاد ويزيد خطر تفاقم الحرب الأهلية.
رئيس الوزراء الانتقالي السوداني كامل الطيب إدريس اتهم الدعم السريع بممارسة “القتل والتعذيب المنهجي والنهب والاغتصاب والإذلال والتدمير الوحشي لكل مقومات الحياة”، في إطار سعيه “للسيطرة على السودان ونهب ثرواته وتغيير تركيبته السكانية.”
وفي كلمته أمام الجمعية العامة الخميس، شدّد على سيادة البلاد وقال إن الحكومة ملتزمة بخارطة طريق سودانية تشمل وقف إطلاق النار، “مصحوباً بانسحاب ميليشيا الدعم السريع الإرهابية من المدن والمناطق التي تحتلها بما فيها الفاشر.”
وأوضح إدريس أن الحكومة المدنية التي شكّلها ستنخرط في حوار وطني “يشمل جميع القوى السياسية والمجتمعية لتمهيد الطريق أمام انتخابات حرّة ونزيهة، والتعامل بإيجابية مع المجتمعين الإقليمي والدولي.”
رئيس وزراء تشاد الله ماي حلينا قال في كلمته أمام الجمعية العامة الخميس، إن بلاده المتاخمة لدارفور تستضيف أكثر من مليوني لاجئ من السودان، بينهم 1.5 مليون وصلوا منذ أبريل 2023. ودعا المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة لدعم هؤلاء اللاجئين الذين يستمر وصول المزيد منهم.
وقال: “نحن مقتنعون بأن الأزمة الراهنة في السودان لا يمكن حلها بالأسلحة، وإنما بالوسائل السلمية، من خلال حوار سوداني شامل.” وأكد أن تشاد تلتزم الحياد التام في النزاع وأنها مستعدة للمساهمة في أي مبادرة لإنهاء الحرب.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.