الخرطوم ـ شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أمس الخميس، تصعيدا جديدا في القتال بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، حيث تبادل الطرفان الهجوم بالمسيرات والقصف المدفعي، وسط مخاوف متزايدة على أوضاع المدنيين، خاصة في المناطق القريبة من مخيمات النازحين.
ووفقا لمصادر ميدانية، نفذ الجيش ضربات جوية مركزة استهدفت مواقع وتجمعات لقوات «الدعم» جنوب غرب مدينة الفاشر، مما أدى إلى تدمير مخازن ذخيرة ودبابات، إضافة إلى مواقع قرب مخيم زمزم للنازحين.
وذكرت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر، أن قوات «الدعم» كانت قد حولت المخيم إلى قاعدة عسكرية بعد تهجير قسري للنازحين.
وأظهرت مقاطع مصورة تصاعد أعمدة الدخان في سماء المدينة، نتيجة ضربات جوية نفذها الطيران الحربي التابع للجيش على مواقع عسكرية تابعة لـ«الدعم».
بالتزامن مع الغارات الجوية، اندلعت اشتباكات برية في المحورين الشمالي الشرقي والجنوبي الشرقي من المدينة، وسط قصف مدفعي مكثف، وتحليق طائرات مسيّرة فوق مناطق الاشتباك، وفق ما أفادت به لجان المقاومة في الفاشر.
وأضافت اللجان أن قوات الجيش مدعومة بحركات مسلحة حليفة ،لا تزال متمركزة في مواقع دفاعية متقدمة، بينما تواصل قوات الدعم السريع تنفيذ هجمات بالطائرات المسيرة وقصفاً بالمدفعية الثقيلة استهدف أحياءً سكنية داخل المدينة.
في سياق متصل، قدرت منظمة الهجرة الدولية نزوح نحو ألف و640 شخصا من الفاشر يومي الثلاثاء والأربعاء 23-24 سبتمبر/ أيلول الجاري، بسبب انعدام الأمن.
وقالت في بيان، إن الأشخاص نزحوا إلى مواقع أخرى داخل الفاشر، لافتة إلى أن «الوضع الإنساني ما زال متوترا ومتقلبا للغاية».
ضربات جوية تستهدف مواقع قرب مخيم «زمزم»
يأتي هذا التصعيد في وقت تزداد فيه المخاوف من تداعيات تدهور الأوضاع الإنسانية في مدينة الفاشر ومحيطها، خاصة مع استمرار القتال، وغياب ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، وسط تحذيرات دولية متكررة من مخاطر الكارثة الإنسانية في المدينة المحاصرة.
وتفرض قوات «الدعم» حصارًا على مدينة الفاشر منذ مايو/ أيار 2024، بينما لا تزال قوات الجيش مدعومة بالحركات المسلحة تحتفظ بحاميتها داخل المدينة، في ظل معارك كر وفر محتدمة.
وتقدمت قوات «الدعم» نحو مواقع استراتيجية في الفاشر حسب لقطات للأقمار الاصطناعية نشرها مختبر البحوث الإنسانية (هيومانيتاريان ريسيرش لاب) في جامعة ييل الأمريكية.
وتظهر اللقطات اقتراب مقاتلي «الدعم» من مطار الفاشر الذي أصبح قاعدة للجيش.
وقال الخبير السوداني مهند النور من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط لوكالة «فرانس برس» «إذا نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على المقر الرئيسي (للجيش ويقع قرب المطار) فقد يعني ذلك بسط سيطرتها الكاملة على المدينة»، مبديا خشيته من «كارثة مروعة، حيث قد تُرتكب جرائم فظيعة».
وأفادت مفوضة «الأمم المتحدة لحقوق الإنسان» في السودان وشهود عيان بتعرض المدنيين للقتل أو الخطف أو العنف الجنسي أثناء محاولتهم الفرار.
وأعلنت الأمم المتحدة المجاعة في مخيمات اللاجئين المحيطة بالفاشر، كما تشهد المدينة تفشيا لعدوى الكوليرا.
في السياق، أفادت مصادر محلية بأن مدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان شهدت أيضا قصفاً بطائرات مسيّرة، نفذته قوات «الدعم»، وسط تقارير عن أضرار محدودة وعودة الهدوء النسبي إلى المدينة في وقت لاحق.
وفي جنوب كردفان، تحاصر قوات «الدعم» وحليفتها الحركة الشعبية لتحرير السودان، العاصمة كادوغلي ومدينة ديلينغ، مُحتَجِزينَ نحو نصف مليون مدني داخل المدينتين.
وتستهدف قوات الدعم السريع البنية التحتية النفطية، اذ قصفت محطة هيغليغ لتكرير النفط الشهر الماضي، ما يؤثر على حركة تصدير مادة توفر دخلا أساسيا للحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش.
وتحذر مصادر إغاثية من ارتفاع حاد في أسعار الغذاء وانتشار سوء التغذية خاصة بين الأطفال، وعدم قدرة الكثير من السكان على تحمل نفقات مواد أساسية مثل الأرز والزيت والسكر.
«القدس العربي»
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.