الخرطوم ـ التقت القوى السياسية والمدنية السودانية الوطنية، أمس الثلاثاء، بمسؤولي الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لبحث الدعوة الرسمية التي تلقتها للمشاركة في اجتماعات الحوار السوداني المزمع عقدها في الفترة من 6 إلى 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وأكدت القوى، في تصريح صحافي صدر عقب الاجتماع، التزامها بجهود الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، ومنظمة الإيغاد، في تيسير الحوار السوداني، مشددة على أهمية توحيد هذه المبادرات الدولية والإقليمية في مسار شفاف ومتكامل، يراعي التشاور المسبق مع القوى السياسية والمدنية، ويعزز الثقة بين جميع الأطراف. وأبدت تحفظات على طبيعة الدعوة، مشيرة إلى افتقارها للتفاصيل المتعلقة بجدول الأعمال، وآليات الحوار، والأطراف المشاركة، وتمويل العملية، ودور الوسطاء، بالإضافة إلى غياب تحديد واضح لمكان وزمان الاجتماعات.
واعتبرت أن أي عملية حوار يجب أن تكون «سودانية – سودانية»، مملوكة بالكامل للإرادة الوطنية، وأن القوى الوطنية هي صاحبة الحق الأصيل في تحديد موضوعات الحوار ومنهجيته ومشاركة الأطراف فيه.
كما شددت القوى السياسية على ضرورة أن تكون الاجتماعات القادمة امتداداً للمشاورات السابقة التي أطلقها الاتحاد الإفريقي وشاركت فيها في يوليو/ تموز 2024 وفبراير/ شباط 2025، لا أن تكون مساراً موازياً أو تأسيساً جديداً لعملية منفصلة عن مخرجات تلك اللقاءات.
ورفضت القوى بشكل قاطع مشاركة ما يسمى بـ«حكومة التأسيس» ـ في إشارة إلى الجناح السياسي لقوات الدعم السريع ـ مؤكدة أنها لن تشارك في أي حوار تكون هذه الجهة طرفاً فيه.
يعقد الشهر المقبل برعاية الاتحاد الافريقي
ولفتت إلى أن مجلس السلم والأمن الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومجلس الأمن الدولي، سبق أن رفضوا الاعتراف بهذه الحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع وحلفاؤها، مما يجعل مشاركتها في أي حوار ترعاه هذه الجهات خرقاً لمواقفها المعلنة.
ودعت القوى السياسية والمدنية السودانية الوطنية إلى تهيئة المناخ الملائم لانطلاق مشاورات بنّاءة، مشيرة إلى أن الأولوية تتمثل في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2736 لعام 2024، والذي طالب قوات الدعم السريع برفع الحصار عن مدينة الفاشر، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المتأثرة في كادوقلي والدلنج وبابنوسة.
وشملت القوى المشاركة في الاجتماع، الكتلة الديمقراطية، وقوى الحراك الوطني، وتحالف سودان العدالة، وتنسيقية العودة لمنصة التأسيس بالإضافة إلى المؤتمر الشعبي، وتحالف منظمات المجتمع المدني، وكتلة نساء السودان.
في المقابل، أعرب تحالف «تأسيس»، الجناح السياسي لقوات «الدعم السريع»، عن استغرابه من اقتصار الدعوة على بعض الأطراف.
واعتبر أن تجاهل دعوة «حكومة السلام»، في إشارة إلى الحكومة الموازية، يتنافى مع مبدأ الحياد والشفافية الواجب توفره لدى الاتحاد الإفريقي في إدارة العملية السياسية.
وقال إن أي عملية سلام ناجحة يجب أن تعالج جذور الصراع، وتتجاوز إخفاقات الاتفاقيات السابقة، ابتداءً من اتفاق سلام أديس أبابا 1972، مروراً بمباحثات نيفاشا 2005، والدوحة 2011، وجوبا 2020. وأضاف: أن «رؤيته الاستراتيجية تستند إلى الوحدة الطوعية، ودولة علمانية ديمقراطية، ونظام فيدرالي لا مركزي، وبناء جيش وطني جديد، مع تصنيف الحركة الإسلامية كجماعات إرهابية».
وأكد رفضه لمخرجات الاتحاد الإفريقي الحالية، مشيراً إلى «انحياز واضح» في تصريحات مسؤولي الاتحاد خلال زياراتهم الأخيرة لمدينة بورتسودان، ودعا إلى إعادة النظر في ترتيب المشاورات بما يضمن مشاركة «جميع القوى الوطنية الفاعلة» وما اسماها التحالف «حكومة السلام»، رغم عدم اعتراف أي جهة إقليمية أو دولية بها حتى الآن.
ويتواصل الحراك السياسي والدبلوماسي بشأن المسار التفاوضي السوداني، وسط تباين في المواقف بين القوى السياسية والمدنية من جهة، والتحالفات العسكرية والسياسية الأخرى من جهة ثانية، في ظل تصاعد المعارك والضغوط الإنسانية جراء الحرب المندلعة في البلاد منذ أكثر من عامين.
«القدس العربي»
