يستعد عشرات الطلاب الفلسطينيين العالقين في غزة لبدء دراستهم في جامعات بريطانية بعد أن أعلنت الحكومة البريطانية خططًا لمساعدتهم على مغادرة القطاع المنكوب بالحرب.
وأكد وزيرا الخارجية والتعليم أن نحو 40 طالبًا من غزة سيتمكنون من السفر إلى المملكة المتحدة خلال الأسابيع المقبلة للالتحاق بمنح دراسية ممولة بالكامل، من بينهم تسعة حصلوا على منحة “تشيفننج” المرموقة لبرامج الماجستير.
وقالت الحكومة إن هذه المبادرة تعكس التزام بريطانيا بمستقبل غزة، مشددة على قدرة هؤلاء الطلاب على لعب دور قيادي في إعادة إعمار مجتمعهم بعد الحرب. وجاء في بيان رسمي أن “هذا الدعم يقر بإمكاناتهم كقادة في إعادة إعمار غزة وبناء مستقبل أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين”، مؤكدة أن التجربة التعليمية والثقافية في بريطانيا ستساهم في بناء علاقات إيجابية دائمة.
وسيكون هؤلاء الطلاب أول مجموعة تغادر غزة للدراسة في بريطانيا منذ اندلاع حرب حماس وإسرائيل في أكتوبر 2023، مع بقاء مغادرتهم رهينة موافقة الجانب الإسرائيلي.
وزيرة الخارجية إيفيت كوبر وصفت المبادرة بأنها تعبير عن الصمود والإصرار، قائلة: “لقد كان للصراع في غزة أثر مروع على التعليم، إذ حُرم الكثير من الأطفال بشكل كامل من الدراسة. ومع ذلك فقد أظهر الطلاب في غزة إصرارًا مذهلًا على مواصلة تعليمهم وسط مشهد مرعب من الموت والدمار والمجاعة”. وأعربت عن شكرها للأردن وشركاء آخرين ساعدوا خلال الأسابيع الماضية في تأمين خروج الطلاب، مؤكدة أن التعليم سيكون محورًا أساسيًا في إعادة إعمار ما بعد الحرب.
لكن عملية الإجلاء تواجه عوائق لوجستية كبيرة، حيث سيُنقل الطلاب أولاً إلى دولة ثالثة في المنطقة لإجراء فحوصات التأشيرة قبل إحضارهم إلى بريطانيا. ووصف مصدر في وزارة الداخلية الخطة بأنها “معقدة وصعبة”، لكنه قال إن هناك إرادة سياسية واضحة لضمان وصول الطلاب إلى مقاعدهم الدراسية هذا الخريف.
وجاء القرار بعد أشهر من الضغوط التي مارسها أكاديميون وسياسيون وجماعات حقوقية لصالح أكثر من 80 طالبًا فلسطينيًا حصلوا على عروض قبول من جامعات بريطانية للعام الدراسي 2024 – 2025. ورغم أن الإعلان يغطي نحو 40 طالبًا فقط، فإن آخرين ما زالوا من دون منح ممولة.
وتستعد السلطات البريطانية كذلك لنقل مجموعة من الأطفال الفلسطينيين المصابين بأمراض خطيرة أو بجروح حرجة إلى المملكة المتحدة لتلقي العلاج الطبي خلال الأسابيع القادمة.
وكانت دول أوروبية أخرى، منها إيطاليا وإيرلندا وفرنسا، قد قامت بإجلاء طلاب فلسطينيين أيضًا. غير أن فرنسا أوقفت برنامجها أوائل هذا الشهر بعد اتهام أحد الطلاب الفلسطينيين المقيمين فيها بنشر تعليقات معادية للسامية على الإنترنت.
وتأتي هذه الخطوة البريطانية في ظل تدهور العلاقات مع إسرائيل، بعد إعلان لندن الشهر الماضي أنها ستعترف بدولة فلسطينية إذا لم تستجب إسرائيل لشروط تتعلق بحرب غزة. وتواصل بريطانيا الضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار في القطاع، والإفراج عن الرهائن، وضمان تدفق غير مقيد للمساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، وفتح الطريق أمام سلام طويل الأمد.
أطلقت إسرائيل حملتها العسكرية ضد غزة بعدما قتل مقاتلو حماس نحو 1200 شخص وخطفوا 251 آخرين في هجومهم على جنوب إسرائيل في أكتوبر 2023. ومنذ ذلك الحين تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين 60 ألفًا، فيما يكاد يكون الخروج من غزة مستحيلاً دون تدخل دبلوماسي خارجي.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.